احتجاجات متصاعدة، ودعوات لتظاهرات حاشدة، ومطالب بإجراء انتخابات مبكرة، وسط خلافات "ائتلافية داخلية"، تحديات عدة في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ما يثير التساؤلات حول مدى إمكانية "سقوط حكومته ورحيله عن الحكم".
ويوضح المحلل السياسي الإسرائيلي، شلومو غانور، أن التظاهرات الاحتجاجية الحالية "وحدت الصفوف والآراء والأهداف المختلفة"، المتعلقة بـ"تقريب موعد الانتخابات، فرض التجنيد الإلزامي على جميع الشرائح الاجتماعية الإسرائيلية، ومطالبة عائلات المختطفين بعودتهم لمنازلهم".
والاحتجاجات الجماهيرية الحالية بمثابة "استعراض عضلات"، وخلالها توحدت الصفوف للمرة الأولى، لمطالبة نتنياهو بتحمل مسؤولياته، والقائمين على التظاهرات قد يقيمون "مدينة خيم"، من أجل المبيت داخلها والاعتصام ليلا أمام مبنى الكنسيت، وفق حديثه لموقع "الحرة".
والأحد، تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين، للتنديد بحكومة نتنياهو وبالإعفاءات الممنوحة لبعض اليهود من الخدمة العسكرية، وللمطالبة بتعزيز الجهود لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
وفي الليلة الثانية على التوالي من الاحتجاجات الحاشدة، تظاهر آلاف الإسرائيليين للمطالبة بـ"استقالة الحكومة ورحيل نتنياهو، وإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل، وموافقة قادة البلاد على صفقة رهائن من شأنها أن تؤدي إلى إطلاق سراح 130 مختطفا محتجزين في غزة هجوم السابع من أكتوبر"، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
والسبت، احتشد الآلاف في أكبر مدن إسرائيل "تل أبيب"، وأغلقوا الطريق السريع الرئيسي في المدينة لمدة ساعتين تقريبا، واختار آخرون الاعتصام، أمام منزل نتنياهو في القدس مرددين هتافات تطالبه بالاستقالة.
وحمل العديد من المتظاهرين لافتات عليها صورة لوجه نتنياهو ملطخا بالدماء، متهمين إياه بالفشل في حماية البلاد من حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، وجاء في الشعارات على اللافتات التي رفعها المتظاهرون "أنت الزعيم، أنت المسؤول" و"الانتخابات الآن".
التظاهرة "الأضخم" منذ بدء الحرب
قال المنظمون إن تظاهرة القدس هي الأضخم منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وذكرت صحيفة "هاآرتس" وموقع "واي نت" الإخباري إن عشرات الآلاف من الأشخاص شاركوا فيها.
ويتزايد الضغط على نتنياهو بعدما وجد المعارضون لحكومته وعائلات الرهائن المحتجزين في غزة "قضية مشتركة"، وتقول عائلات الرهائن إنها ستنزل إلى الشوارع كل ليلة هذا الأسبوع في محاولة "لإعادتهم إلى الوطن".
ويشير المحلل السياسي الإسرائيلي، الحنان ميلر، إلى أن الرأي العام في إسرائيل يتضامن مع "الاحتجاجات والتظاهرات الحالية"، لكن هناك "رد فعل" من الأطراف اليمنية التي ترفض ذلك.
واستطلاعات الرأي تكشف أن "شعبية الوسط، تتصاعد بينما تتراجع شعبية اليمين المتطرف في الشارع الإسرائيلي"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
لكن على جانب آخر، يؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، أن "التظاهرات تشمل حفنة من المعارضين السياسيين لليمين"، ولا يشارك بها "معظم الناس" لأنها تضر المجتمع والدولة والجيش.
ويصف المحتجين بـ"حفنة من الناس فقدوا الفرامل" ويستمرون في التظاهر"، ويرى أن تلك الاحتجاجات "أخذت أكبر من حجمها، وتأثيرها على أرض الواقع ضعيف جدا".
ومن جانبه، يشير غانور إلى أن عدد المشاركين الاحتجاجات الحالية "لا يقارن" باحتجاجات ضد "التعديلات القضائية المثيرة للجدل".
ورغم تعدد الأهداف لا يوجد "نفس الإقبال" من الجمهور على الانطواء تحت راية موحدة متعددة الأهداف، لأن الناس ترغب في الاستقرار ولا يوجد لديها نفس الرغبة في الاحتجاج كما حدث سابقا، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
ولذلك فالتظاهرات والاحتجاجات "ليست الحل" لتغيير الحكومة في وجهة نظر الشارع الإسرائيلي، حسبما يوضح غانور.
انتخابات مبكرة؟
في كلمته أمام المتظاهرين، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، أن كل ما يهم نتنياهو هو البقاء في منصبه، واتهم رئيس الوزراء بالتركيز على إبقاء شركائه في الائتلاف سعداء أكثر من مساعدة المواطنين المتأثرين بالحرب، وطالب بـ"إجراء انتخابات مبكرة".
في المقابل، قال نتنياهو في مؤتمر صحفي بالقدس، إن إجراء الانتخابات في ذروة حرب باتت إسرائيل قريبة للغاية من الفوز فيها من شأنه أن يصيب البلاد بـ"الشلل لعدة أشهر".
ويوضح غانور، أن استطلاعات الرأي العام تشير لرغبة الشارع الإسرائيلي في تغيير "نمط واتجاه وشخصيات الحكومة"، لكن الائتلاف الحكومي الحالي "لا يسلم بإجراء الانتخابات".
وأحزاب اليمين المتشدد الموجودة بالائتلاف الحكومي "لا تريد إجراء انتخابات"، لأن الحكومة الحالية هي "الأفضل بالنسبة لهم في التاريخ"، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
والشعب الإسرائيلي لن يقع في الفخ مرة ثانية ويمنح اليمين المتشدد الفرصة لقيادة إسرائيل للوضع المأساوي الذي تعيشه حاليا، واليمين المتطرف "لن يضيع الفرصة الحالية من يده"، وفق غانور.
ومن جانبه، يشير كيدار إلى أن "إجراء انتخابات مبكرة يتم فقط بموافقة الكنيست بأغلبية الأصوات".
ويؤكد ميلر إمكانية "إجراء انتخابات مبكرة، وكذلك يمكن تغيير الحكومة في حال وجود أغلبية بالكنيست".
هل ينهار الائتلاف؟
يشكل اليهود الأرثوذكس المتشددين "الحريديم" 13 بالمئة من سكان إسرائيل، ويعود تاريخ الإعفاءات العسكرية إلى الأيام الأولى للدولة الإسرائيلية، عندما منح ديفيد بن غوريون، مؤسس البلاد، في عام 1949 إعفاءات لـ 400 طالب ديني في سن التجنيد.
ويلزم تشكيل حكومة الحصول على تأييد 61 نائبا على الأقل من الكنيست، ولدى معسكر رئيس الوزراء الإسرائيلي 64 مقعدا، وكانت أحزاب "الحريديم" السياسية أعضاء رئيسيين في حكومات نتنياهو المتعاقبة.
ويؤكد غانور أن الأحزاب اليمنية المتشددة " ساخطة على نتنياهو"، وتحمله مسؤولية "فشل الإصلاح القضائي، وعدم نجاحه في إعفاء طلاب الكليات الدينية من التجنيد الإلزامي".
ورغم "الخلافات الائتلافية الحكومية"، فالجميع "لا يريد التنازل عن منصبه أو كرسيه"، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
ومن جانبه، يوضح ميلر أن "تجنيد الحريديم" أثار الغضب داخل حزب الليكود وكذلك الائتلاف الحكومي، وبالتالي فهناك نواب قد ينفصلون عن الحزب ويدعموا تغيير الحكومة.
لكن كيدار يرى أنه لا يوجد "أفضل من الحكومة الحالية"، وطالما يمتلك الائتلاف 64 من مجموع 120 عضوا بالكنيست فهو "متين وسوف يستمر حتى موعد انتهاء ولاية الحكومة"، رغم وجود خلافات بشأن "تجنيد الحريديم".
هل تسقط حكومة نتنياهو؟
يشير ميلر إلى أن حكومة نتنياهو "هشة جدا وقد تسقط قريبا وسط ضغوط متفاقمة من أطرف عدة".
ويمكن "تفكيك الكنيست" والذهاب لانتخابات عامة، وذلك باستقالة أعضاء البرلمان والتصويت على سحب الثقة من الكنيست، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
ويتحدث ميلر عن إمكانية "قيام أحد أعضاء المعارضة بجمع توقيعات من الائتلاف للحصول على الأغلبية وبالتالي يستطيع تغيير رئيس الحكومة وتشكيل حكومة بديلة تحظى بتأييد الكنيست".
ويتوقع اختيار بديل قريبا لنتنياهو "حتى لو كان من اليمين المتطرف".
بينما يؤكد كيدار "صعوبة سقوط حكومة نتنياهو"، ولن يتم ذلك سوى بخروج بعض نواب الائتلاف الحكومي والتصويت مع المعارضة لإنهاء مدة الكنيست الحالية والنزول لانتخابات.
والحلقة الأضعف في الائتلاف الحكومي هي "الأحزاب اليمنية"، وخروج أشخاص مثل وزيرا المالية، بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي، إيتمار بن غفير، قد "يكسر ظهر الائتلاف"، حسب تقديرات كيدار.
ومن جانبه، يوضح غانور أن الائتلاف الحكومي الحالي يعتمد على 64 صوتا، بالإضافة لأصوات حزب "الوحدة الوطنية" الذي يترأسه بيني غانتس.
وصفقة المختطفين في غزة، سوف تختبر "متانة الائتلاف الحكومي"، وقد تؤدي لسقوطه، وذلك عن طريق "حل الكنيست" بأغلبية الأصوات وإجراء الانتخابات قبل موعدها القانوني، وفق غانور.
ويشير المحلل السياسي إلى أن تنفيذ ذلك يتطلب "وجود أكثرية بالكنيست" وهذا الأمر غير موجود حاليا، ولدى الائتلاف الحكومي "الأغلبية"، حسبما يضيف.
وقد تظهر قريبا "ظروف سياسية أمنية اقتصادية اجتماعية معينة، تضمن الأكثرية المفاجئة الضامنة لإسقاط الحكومة"، حسب تقديرات غانور.
وقد يستقيل نتنياهو دون إجراء انتخابات وينتدب عضو بالليكود لتشكيل "حكومة جديدة"، لكن ذلك لن يشكل مخرجا والشارع سوف يفور ذلك الائتلاف.
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي أن "كافة السيناريوهات والتصورات مطروحة".
إسرائيل عازمة على تنفيذ عملية عسكرية في رفح رغم التحذيرات الدولية
الائتلاف في "خطر".. هل تتم الإطاحة بنتنياهو؟
أثار تقييم جديد استخباراتي أميركي، شكوك حول ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيبقى في السلطة، وسط تحذيرات من "خطر يحيط بالائتلاف اليميني" في إسرائيل، وفي الوقت ذاته تجددت الاحتجاجات في الشارع.