أوضح الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، إلى أنّ "حضور الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان، يعود تاريخه إلى عام 1982، بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان"، مبيّنًا أنّ "في ذلك الوقت، كانت إيران في حالة حرب، والحرب الّتي فُرضت عليها آنذاك كانت حربًا كونيّةً، ولو أنّ مَن مباشر بها هو الرّئيس العراقي الرّاحل صدّام حسين. مع ذلك، ونتيجة إحساس الإمام الخميني بمسؤوليّة تجاه لبنان وسوريا وشعبَيهما، قرّر إرسال قوّات لمساندة اللّبنانيّين والسّوريّين ومساعدتهم في مواجهة الاجتياح".
وأشار، في كلمة له خلال "احتفال تكريمي بمناسبة اغتيال اللّواء الإيراني محمد رضا زاهدي ورفاقه، في مجمع سيّد الشّهداء في الضّاحية الجنوبيّة لبيروت، إلى أنّ "قوّات إيرانيّة جاءت إلى الزبداني في سوريا، ولكن جرّاء تقييم الوضع تقرَّر بقاء مجموعة من ضبّاط وكوادر الحرس، لتفعيل المقاومة الشّعبيّة"، مركّزًا على أنّ "الوجود الحقيقي للحرس الثّوري في سوريا ولبنان، كان وجود مستشارين عسكريّين".
وذكر نصرالله، أنّ "مهمّة الكادر والضبّاط كانت نقل التّجربة للبنانيّين والفلسطينيّين والسّوريّين، تقديم المشورة، التّدريب والدّعم اللّوجستي، ولم يكون مطلوبًا منهم أن يقاتلوا في الميدان. وبطبيعة الحال، سقط منهم شهداء في معسكرات التّدريب".
ولفت إلى أنّه "مع تطوّر الأحداث في سوريا عام 2011، حضر أيضًا مستشارون إيرانيّون وقوّات لفصائل المقاومة في المنطقة، الّتي اعتبرت أنّ ما يجري على سوريا يمسّ المقاومة في المنطقة"، مؤكّدًا أنّ "وجود مستشارين عسكريّين إيرانيّين في القنصليّة الإيرانّية في دمشق أمر طبيعي وضمن الأعراف، واستهدافهم هو أعلى اعتداء إسرائيلي على المستشارين الإيرانيّين في سوريا منذ سنوات".
كما اعتبر أنّ "هذا الاستهداف ينطلق من فهم الإسرائيلي لدور مستشاري الحرس في المنطقة، وجاء بسبب فشل الحرب الكونيّة على سوريا، الّتي كانت إسرائيل ضالعة فيها، وهو جزء من المعركة الحقيقيّة"، مفسّرًا أنّ "من هو موجودون في سوريا، هم مستشارون عسكريّون وليسوا قوّات إيرانيّة، لكنّ الإسرائيلي يريد تكبير الأمور".
ورأى نصرالله أنّ "هذا الاستهداف ينطلق من فهم الإسرائيلي لدور مستشاري الحرس في المنطقة، وهو بدأ منذ سنوات، على أثر وضوح نتيجة المعركة في سوريا وفشل الحرب الكونيّة عليها، وكانت إسرائيل جزءًا من هذه الحرب. وهناك وثائق تؤكّد صلة جماعات مسلّحة بالجانب الإسرائيلي".
وشدّد على أنّ "استهداف المستشارين الإيرانيّين هو جزء من المعركة الأساسيّة الأكثر وضوحًا وشرعيّةً، وهي الصّراع مع العدو"، جازمًا أنّ "لا أساس من الصّحة للصّورة الّتي يحاول البعض تقديمها وهي أنّ سوريا محتلّة من قبل إيران، وبأنّ الأخيرة هي صاحبة القرار في سوريا. الحقيقة أنّ القيادة السّوريّة هي صاحبة قرارها، والمساعدة الّتي قدّمتها إيران في مواجهة الحرب، هي لمنع سيطرة التّكفيريّين والأميركيّين والإسرائيليّين على سوريا".
وقال نصرالله إنّ "هناك عنصرين جديدين في الاعتداء الإسرائيلي على القنصليّة الإيرانيّة في دمشق: الأوّل هو أنّ الاستهداف هو على أرض إيرانيةّ، وهنا المسألة ليست فقط استشهاد قادة إيرانيّين، بل هناك أرض إيرانيّة اعتُدي عليها. والجديد الثّاني هو مستوى الاستهداف، لأنّ اللّواء زاهدي كان رئيس المستشارين الإيرانيّين في لبنان وسوريا".
وأضاف: "الأميركيّون والإسرائيليّون وكلّ العالم تقريبًا سلّموا بأنّ هناك ردًّا إيرانيًّا على الاستهداف، وهذا حقّ طبيعي لإيران، والكلّ ينتظر ما سيحصل وتداعيات ذلك".
وكشف نصرالله، أنّه "عندما حضر زاهدي في آخر ولاية، أخبرني أنّه هذه المرّة أتى ليستشهد، وأنّني ممنوع أن أمنعه من الذّهاب إلى الجبهة والجنوب، مع العلم أنّني منعته في "طوفان الأقصى"، على الرّغم من أنّه من اليوم الأوّل كان يريد الالتحاق بالجبهة".
وركّز على أنّ "بعد مرور 6 أشهر على الحرب على غزة، نصف سنة والأهداف الّتي حُدّدت لم تتحقّق، ووضع إسرائيل ساء من كلّ زاوية ممكنة"، مؤكّدًا أنّه "لا شكّ أنّ إسرائيل تخوض إحدى أطول حروبها في منطقتنا، وهم يقولون إنّه "بعد 6 أشهر على الحرب، لم نُعد أكثر من نصف المخطوفين، ولم نَدخل رفح، ولا تزال صفارات الإندار في غلاف غزة، ويُعلَن عن مقتل ضباط وجنود جدد".
وتعليقًا على خطف منسق “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان قال نصرالله: "مشكور الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمتابعة عملهم الجدي في هذا الموضوع المبني على اتهام ظالم انطلق من أحقاد دفينة، بعدما قام كل من القوات والكتائب وبعض التلفزيونات الخبيثة بإتهام الحزب بـ"إختطافه".
وأضاف: "ما حصل ليلة أمس هو درس كبير للبنانيين وللمسيحيين خصوصا وهو فضيحة كبرى لحزبي القوات والكتائب، كشفت حقيقتهم، وأظهرت أنهم أصحاب فتن يبحثون عن الحرب الأهلية، حمى الله لبنان وشعب لبنان من شر الحقد والفتن".