على رغم ان التطورات الميدانية في الجنوب حملت في الساعات الأخيرة معالم تصعيد مثير للقلق الشديد في ظل استشراس الغارات الإسرائيلية في استهداف عناصر من حزب الله من دون توفير المدنيين من جهة، وتوسيع الحزب رده الميداني للمرة الأولى الى عمق قياسي جديد بلغ حدود عكا وما قد يترتب على ذلك من انعكاسات ميدانية جديدة، استقطب استحقاق الجلسة النيابية التشريعية غدا الخميس الانشغالات والتركيز السياسي والنيابي وسط معالم الفرز الانقسامي الواسع التي اتضحت تماما بين رافضي التمديد للبلديات وتاليا ارجاء الانتخابات البلدية، ومؤيدي التمديد وترحيل الاستحقاق لسنة إضافية وفق ما ورد في "النهار".
ولم يعد ثمة شك في ان الاتجاه الى التمديد الذي يرجح حصوله غدا، سيتسبب في اتساع الشرخ النيابي والسياسي في البلاد ويزيد تعقيدات الازمة الوطنية المفتوحة على شتى الازمات بدءا بالفراغ الرئاسي وصولا الى تعطيل كل الاستحقاقات ولو استقوى مؤيدو التمديد بالتطورات الخطيرة الجارية والمتصاعدة في الجنوب التي على خطورتها الفعلية ما كانت لتحول دون إنقاذ الانتخابات في المناطق الأخرى وحفظ حق المناطق التي يتعذر فيها اجراء الاستحقاق بالانتخاب في وقت لاحق.
وفي ظل التحالف المركب من الثنائي الشيعي وحلفائه والتيار الوطني الحر الذي يعد لتمرير التمديد، اتجهت كتل وقوى المعارضة ولا سيما منها المسيحية الى مقاطعة الجلسة النيابية غدا، فيما حصل ما كان متوقعا لجهة انصياع التيار الوطني الحر لمحور الممانعة والتحاقه به مؤيدا التمديد للبلديات إنفاذا لصفقة عقدها أوصلت نقيب المهندسين الذي رشحه التيار بدعم الثنائي الشيعي على ان يلتحق التيار بمؤيدي التمديد للبلديات غدا.
ويعقد اعضاء تكتل الجمهورية القوية مؤتمرا صحافيا في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في مجلس النواب لاعلان موقف التكتل من الجلسة التشريعية يعلنون فيه مقاطعتهم جلسة التمديد. ايضا ستغيب كتلة تجدد عن الجلسة. وكذلك اعلن حزب الكتائب عدم مشاركته في جلسة التمديد للبلديات واعتبر أنّ احترام الاستحقاقات الدستورية ومبدأ دورية الانتخابات هما ركيزة النظام السياسي الديمقراطي في لبنان وضمانة له. فممارسة الشعب اللبناني لحقه في الانتخاب والمحاسبة تؤمنان حسن إدارة الشؤون العامة المحلية والوطنية. وليس غريبًا أن يُبذَلَ مجهودٌ جبار منذ سنوات للإطاحة بهذه الاستحقاقات إذا لم تأت على قياس مصالح فريق سياسي لتلبي معاييره في الربح والخسارة. واعلن عدم مشاركة كتلة نواب الكتائب في جلسة مجلس النواب المخصصة للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية إيمانًا منه بالدور الأساسي الذي تلعبه المجالس المحلية في الاستجابة لاحتياجات المواطنين وحفاظًا على ما تبقى من انتظام عام وهيبة الدستور والقانون.
ومساء أعلنت لجنة المتابعة لنواب قوى المعارضة عدم مشاركة كتل تجدد، الجمهورية القوية، تحالف التغيير، الكتائب اللبنانية، والنائب بلال حشيمي في جلسة الهيئة العامة يوم الخميس 25 نيسان 2024، المخصصة لتمديد ولاية المجالس البلدية، رفضاً لتأجيل الاستحقاقات الدستورية الانتخابية.
وشددت على رفض نواب قوى المعارضة تأجيل الانتخابات البلدية، ودعوة حكومة تصريف الاعمال الى اجرائها في موعدها، واستثناء المناطق الحدودية، لتوافر ظروف القوة القاهرة القانونية فيها، من جراء الحرب الدائرة فيها حاليا. اذ يقع على الحكومة مسؤولية احترام الاستحقاقات ومواعيدها، وهي مسؤولية دستورية لا يمكن تجاوزها، وعدم اجراء الانتخابات البلدية للمرة الثالثة على التوالي، يشكل خرقا فاضحا للدستور تتحمله الحكومة واعضائها. واستنكر نواب قوى المعارضة موقف رئيس مجلس النواب الذي أحلّ نفسه محل الحكومة في تقرير تأجيل الانتخابات، ضاربا بعرض الحائط مبدأ فصل السلطات، كما احلّ نفسه محل باقي النواب وصادر مسبقا ارادتهم وموقفهم من التمديد للبلديات.
في المقابل عقد التيار الوطني الحر بعد الظهر إجتماعاً لإتخاذ الموقف اللازم بشأن الجلسة واستبقت قراره العلني معلومات تؤكد بأنّ نوابه سيحضرون جلسة التمديد كما سيصوتون للتمديد .
وفي مواقف متفرقة من الجلسة علم ان النائب نعمة افرام لن يحضر الجلسة بداعي السفر فيما اكدت النائبة حليمة قعقور انها ستحضر الجلسة ولكنها لن تصوت للتمديد وبدوره أشار النائب ميشال ضاهر الى أنه لن يحضر وليس مع التمديد كما أوضح النائب نبيل بدر انه سيحضر ولن يصوت للتمديد .
يشار الى ان المناخات المعارضة التي تتجه الى مقاطعة جلسة التمديد ستتوج بعقد مؤتمر موسع لنواب وشخصيات المعارضة في مقرّ حزب القوات اللبنانية في معراب قبل ظهر السبت المقبل تحت عنوان الـ1701 دفاعاً عن لبنان.
وعلمت "النهار" ان هذا اللقاء الذي دعا إليه حزب القوات اللبنانية يبحث في كيفية الضغط لتنفيذ القرار 1701 إزاء المستجدّات الميدانية الخطرة في الجنوب وتوسّع دائرة الحرب، بالإضافة إلى التفكّك الأمنيّ وازدياد عمليات القتل في ظلّ فلتان الحدود.
ولن يقتصر المؤتمر على النواب الـ32 الذين يشكّلون نواب المعارضة في المجلس وأحزابهم فقط، إنّما سيكون موسعاً ليشمل أحزاباً غير ممثلة في البرلمان إضافة إلى نواب ووزراء سابقين وشخصيات سياسية وفكرية وثقافية وصحافيّين ونقابيّين ومؤثرين سياديّين يلتقون في النظرة الاستراتيجية ويتقاربون سياسياً من مختلف الطوائف. ويهدف اللقاء الموسع إلى تفعيل التحرّك السياسيّ والاستمرار به بعد حادث قتل المسؤول في القوات اللبنانية باسكال سليمان، واستكمال الضغط السياسي الذي ترافق مع مؤازرة شعبية للسير في الحلول وطرح رؤية شاملة، وخصوصاً أنّ الوضع يتأزم على الجبهة الجنوبية وسط تحذيرات دولية متفاقمة عن توسّع الحرب. وسيدرس المجتمعون من نواب المعارضة بكلّ فئاتها، الخطوات الجدّية والعملية لوضع حدّ لتحلّل الدولة، وكيفية استعجال انتخاب رئيس جمهورية يضع البلاد على سكّة الحلّ.