مرّر مجلس النواب الأميركي هذا الأسبوع قانون التوعية بمعاداة السامية وسط الكثير من الجدل بشأنه، في خطوة تتزامن مع احتجاجات الجامعات التي تشهدها الولايات المتحدة منذ عدة أيام رفضا للحرب في غزة.
وصوّت مجلس النواب الأميركي، أمس الأربعاء، على القانون الذي قدّمته مجموعة من المشرعين من الحزبين، بأغلبية 320 صوتا مقابل 91 صوتا.
تقدّم النائب الجمهوري عن ولاية نيويورك مايك لولر الجهود التي ساهمت في تشريع القانون رفقة 15 نائبا عن الحزب الديموقراطي، في وقت صوت فيه العديد من زملائهم من الجمهوريين والديمقراطيين ضد مشروع القانون قائلين إنه ينتهك حرية التعبير.
فما هي بنود هذا القانون وكيف سيتم تطبيقه؟
يلزم القانون المعروف باسم "قانون التوعية بمعاداة السامية لعام 2023" وزارة التعليم في الولايات المتحدة باستخدام التعريف العملي لمعاداة السامية الذي وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة عند تطبيق القوانين الفيدرالية لمكافحة التمييز.
ووفقا لهذا التعريف فإن "معاداة السامية هي تصور معين لليهود يمكن أن يتجلى بكراهية تجاههم.. تستهدف المظاهر الخطابية والمادية لمعاداة السامية أفرادا يهودا أو غير يهود و/أو ممتلكاتهم ومؤسسات مجتمعية وأماكن عبادة".
ويتضمن التعريف أيضا الإشارة إلى "حرمان الشعب اليهودي من حقه في تقرير المصير من خلال الادعاء بأن دولة إسرائيل دولة عنصرية وعقد مقارنات بين السياسة الإسرائيلية المعاصرة وسياسة النازيين".
وحسبما جاء في موقع مجلس النواب الأميركي فإن القانون يتوافق مع الاستراتيجية الوطنية الأميركية لمكافحة معاداة السامية التي أصدرها البيت الأبيض في مايو الماضي والهادفة لزيادة الوعي والفهم لمعاداة السامية، بما في ذلك تهديدها للولايات المتحدة وكذلك تحسين السلامة والأمن للمجتمعات اليهودية.
القانون تطرق كذلك إلى تزايد حالات معاداة السامية في الولايات المتحدة وقال إنها باتت تؤثر على الطلاب اليهود في المدارس والكليات والجامعات من الروضة وحتى الصف الثاني عشر.
اعتراضات
بالمقابل، يقول منتقدو مشروع القانون إن تعريف معاداة السامية يحظر انتقادات معينة لدولة إسرائيل، وهو أمر يدافع عنه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست.
ويتهم معارضو النص أعضاء الكونغرس بالسعي لإقرار هذا التشريع سريعا من أجل استخدامه للحد من حرية التعبير في الجامعات الأميركية.
وحذّر النائب الديموقراطي جيري نادلر، وهو يهودي، من أن "التعليقات التي تنتقد إسرائيل لا تشكل في حد ذاتها تمييزا مخالفا للقانون". وقال إن القانون يمكن أن "يضعف" حرية التعبير التي يحميها الدستور.
كذلك دعا اتحاد الحريات المدنية الأميركي، المشرعين الأميركيين إلى معارضة مشروع القانون. وقال في رسالة "إن القانون الفيدرلي يحظر بالفعل التمييز والمضايقة المعادية للسامية من قبل الكيانات الممولة اتحاديا، وبالتالي ليس هناك حاجة إلى قانون .. للحماية من التمييز المعادي للسامية".
ورجّح الاتحاد أن يؤدي القانون إلى "تثبيط حرية التعبير للطلاب في الحرم الجامعي، من خلال المساواة بشكل غير صحيح بين انتقاد الحكومة الإسرائيلية ومعاداة السامية".
وأكد الاتحاد في رسالته "بينما ندعم جميع جهود مكافحة التمييز والمضايقات من خلال الشكاوى والتحقيقات بموجب الباب السادس، فإننا نعارض بشدة استخدام تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست أو أي تعريف للتمييز يهدد بفرض رقابة أو معاقبة على الخطاب السياسي الذي يحميه التعديل الأول للدستور".
ولكي يصبح هذا النص تشريعا ساريا يتعيّن على مجلس الشيوخ أن يعتمده، وهو أمر لا يزال غير مؤكد، قبل أن يحال إلى الرئيس جو بايدن لتوقيعه ونشره.
وجاء تشريع القانون بالتزامن مع موجة احتجاجات شهدتها جامعات بأنحاء الولايات المتحدة تندد بسلوك إسرائيل في حرب غزة مما دفع الشرطة إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة واعتقال أشخاص في بعض الأماكن مثل جامعة كولومبيا في نيويورك.
وقوبلت المظاهرات في أنحاء البلاد بأخرى مناهضة تتهمها بإثارة الكراهية ضد اليهود. ويقول الجانب المؤيد للفلسطينيين، ومنهم يهود معارضون لما تنفذه إسرائيل في قطاع غزة، إنهم يوصمون ظلما بمعاداة السامية لانتقادهم الحكومة الإسرائيلية والتعبير عن دعمهم لحقوق الإنسان.
وتتخذ الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة أيضا أبعادا سياسية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر، إذ اتهم الجمهوريون إدارات بعض الجامعات بغض الطرف عن المضايقات والخطابات المعادية للسامية.