تراجعت أسعار الكاكاو لتواصل أسبوعاً من التداول المتقلب الذي شهد نقص السيولة، ما أدى إلى تحركات أكثر تطرفاً.
وانخفضت العقود الآجلة في نيويورك بما يصل إلى 11%، الأربعاء، لتعكس المكاسب السابقة التي حققتها في وقت سابق اليوم. وهوت الأسعار 27% من القيمة التي سجلتها قبل أسابيع.
وتسببت أزمة العرض التاريخية الناجمة عن ضعف المحاصيل في غرب أفريقيا في ارتفاع العقود الأكثر نشاطاً هذا العام إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بالقرب من 12000 دولار للطن في الشهر الماضي.
وأدى الارتفاع إلى زيادة كلفة الحفاظ على المراكز ودفع المتداولين إلى الانسحاب من السوق، ما أدى إلى الحد من السيولة وترك الكاكاو عرضة لتحركات الأسعار الضخمة.
وقال جاك سكوفيل، نائب رئيس مجموعة برايس فيوتشرز: إنّ التقلبات الهبوطية، على الرغم من حدوثها "بطريقة دراماتيكية إلى حد ما" بسبب انخفاض السيولة، قد تظل "تصحيحاً في الغالب" وقد تعود الأسعار بالقرب من مستوياتها القياسية المرتفعة.
وأضاف: إنّ قدرة السوق - أو عدمها - على "التراكم" ستعطي "فكرة حول ما إذا كان هذا مجرد تغيير طويل المدى في الاتجاه العام للسوق أم أنّه مجرد تصحيح قصير المدى".
وقال تقرير هايتاور: إنّ المتداولين استخدموا "التراجع الكبير منذ إغلاق يوم الجمعة لدخول الجانب الطويل من السوق".
وقالت جودي جانيس، رئيسة شركة جيه جانيس للاستشارات: إنّ الأسواق قد تحتاج إلى "شرارة جديدة" مثل سوء الأحوال الجوية لتعود إلى مستويات قياسية، مضيفةً أنّ السوق قد احتسبت بالفعل النقص الحالي.
وقال غانيس: "تحتاج الأسواق الصاعدة إلى التغذية باستمرار حتى تستمر"، وقد خلق ارتفاع الأسعار "فراغاً" بسبب نقص المشترين الجدد.
وتابع: "ليس من الضروري أن يهبط السوق بسبب أخبار جديدة، بل بسبب المبالغة بالفعل في تقدير العجز. أما بالنسبة للشراء المتجدد: هناك عبارة لا تحاول الإمساك بالسكين المتساقطة. لذلك يتنحى المشترون جانبا".
سماسرة الأسواق
قال مصدران في الصناعة: إنّ منتجي الكاكاو الرئيسيين في ساحل العاج وغانا، في خضم أحد أسوأ مواسم الحصاد منذ عقود، ليس لديهم حبوب متاحة لتلبية شحنات تصل إلى نصف مليون طن تم بيعها مسبقاً بنحو ربع الأسعار العالمية الحالية.
وأدى ضعف المحاصيل في ساحل العاج وغانا، اللتين تنتجان ما يقرب من 60% من الكاكاو في العالم، إلى عجز عالمي كبير في موسم 2023/24 الحالي (أكتوبر/سبتمبر) ما دفع الأسعار العالمية إلى زيادة قيمتها بأكثر من الضعف هذا العام وحده.
ويبيع البلدان معظم إنتاجهما من الكاكاو مسبقاً قبل عام، ثم يستخدمان متوسط هذه المبيعات الآجلة لتحديد سعر "بوابة المزرعة" للموسم التالي.
تتمثل الفكرة في استخدام سعر باب المزرعة لحماية المزارعين من الأسعار العالمية المتقلبة، وبينما قد يخسرون هذا الموسم، يجب أن يستفيد المزارعون نظرياً في موسم 2024/25 المقبل.
ولكن في هذه المناسبة، ستؤثر العقود المؤجلة في متوسط سعر البيع لمحاصيل الموسم المقبل، وبالتالي ستخفض السعر الذي يتلقاه المزارعون.
وقالت مصادر صناعية إنّ مزارعي الكاكاو في ساحل العاج يكسبون حالياً 1500 فرنك إفريقي (2.46 دولار) للكيلو الواحد من حبوبهم، بينما في دول مثل الكاميرون، حيث يتم تداول الكاكاو بحرية، يحصلون على 5500 فرنك إفريقي (2.46 دولار) للكيلو.
والفجوة في الأسعار بين غانا والكاميرون مماثلة.
ونتيجة لذلك، يقوم العديد من المزارعين في ساحل العاج وغانا بتهريب حبوبهم إلى البلدان التي يجلبون فيها المزيد من المال، وهو اتجاه من المرجح أن يستمر في الموسم المقبل، كما يقول خبراء الصناعة، نظراً لأنّ فرق السعر من المرجح أن يظل كبيراً.
ضربة مزدوجة
ويواجه المزارعون في ساحل العاج وغانا ضربة مزدوجة.
فهم لا يحصلون على أسعار منخفضة نسبياً لحبوبهم فحسب، بل تضررت محاصيلهم أيضاً بسبب سوء الأحوال الجوية والأمراض، مما حد من ما يتعين عليهم بيعه، على عكس المنافسين في بقية إفريقيا وخارجها.
وقال تجار وسماسرة ومحللون: إنّ المزارعين في ساحل العاج وغانا من غير المرجح أن يستثمروا في محاصيلهم عن طريق التقليم واستخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية، وهي ممارسات يمكن أن تؤدي إلى غلات أعلى بكثير في وقت مبكر من الموسم المقبل.