طموحنا للهدنة الثانية يتزايد، خاصة أن مصر قدمت لهذه الهدنة كل ما يمكن أن يجعلها مقبولة، فقد استخدمت دبلوماسية رفيعة، وصادقة مع كل الأطراف، ومع التصريحات القادمة بأن هناك تقدما إيجابيا للوصول إلى هذه الهدنة، فإننا نتذكر الهدنة الأولى التى كانت ٤ أيام وتم مدها إلى ٧ أيام فى ٢٤ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضى، حيث شكلت علامة مضيئة فى هذه الحرب البشعة التى تقترب من شهرها الثامن، وخسائرها قياسية على الشعب الفلسطينى، خاصة أهل غزة.
أعتقد أن من يتساءلون عن حالة غزة سوف يكون كل آمالهم أن يوافق الطرفان (حماس وإسرائيل) على الهدنة فورا، لأنها بالنسبة لأهل غزة رسالة أن هناك آمالا متزايدة لوقف هذه الحرب البشعة، كما أن الإسرائيليين لم يستطيعوا إخراج رهينة واحدة إلا فى ظل الهدن، أما حماس فيجب أن تستشعر حاجة أهل غزة لوقف الحرب، والهدنة هى الطريق لذلك، والإفراج عن الأسرى قبل أن يموتوا تحت القصف الإسرائيلى فى مصلحة غزة وحماس، وتأخير الهدنة ليس فى مصلحة أحد، والهدنة الجديدة رسالة لإنقاذ رفح من هجمة إسرائيلية بربرية جديدة تضاف إلى مجازرها فى القطاع منذ أن بدأت هذه الحرب التى ترسل رسائل كراهية متزايدة لكل شعوب الشرق الأوسط فى المنطقة باستحالة التعايش السلمى بين أطراف وجماعات هذه المنطقة المؤثرة على العالم كله.
إن أعيننا تترقب الهدنة، بل قلوبنا تدعو أن تمتد إلى وقف كامل للحرب وإطلاق النار للبدء فى مرحلة جديدة تدرك فيها كل الأطراف أنه لا حل باستخدام السلاح، أو العنف، وإنما بإعطاء الحقوق، والتعايش بين الجميع، وفى هذا الإطار لا يستطيع أى مراقب إلا الإشادة بدور، وقدرة مصر على تحملها هذه المفاوضات المضنية للوصول إلى اتفاق الهدنة، ويجب أن تتدخل كل الأطراف العربية والأمريكية المنخرطة فى متابعة هذا الصراع الدامى ليشرحوا لكل الأطراف أن كسر حدة الصراع هو السبيل لإنهائه، والبدء فى مفاوضات الحل النهائى، وأخيرا، أتطلع عندما تصل إليكم هذه الكلمات أن تكون انفرجت كل الأسارير، وتم الوصول إلى حل مقبول لهذه الهدنة الثانية المتعثرة، والمنتظرة.