بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس، وفي سلسلة حفلات "موسيقى الحجرة" التي أطلقها المعهد، أقيمت حفلة موسيقية في المتحف الوطني مع عازف الفيولا اللبناني العالمي ريبال ملاعب وعازفة الكمان السلوفانية تانيا سونج وعازف البيانو الأردني البريطاني الذي يحمل الجنسية اللبنانية كريم سعيد.
تمّ اختيار ملاعب والتعاون معه استكمالاً لحملة أطلقتها القواس، وتهدف إلى استعادة الموسيقيين اللبنانيين المغتربين المحلّقين في العالم، وأصحاب الإنجازات الموسيقية والمناصب العليا في المحافل الدولية، لمشاركة معارفهم الموسيقية وخبرتهم الطويلة والثرية في وطنهم ومع مؤسستهم الأم المتمثلة في الكونسرفتوار الوطني. فضلاً عن أهمية هذا المشروع في شدّ أواصر اللحمة بين لبنان المغترب ولبنان المقيم، ورفد لبنان والكونسرفتوار بالمهارات العالمية. وملاعب هو من أبرز الموسيقيين اللبنانيين اللامعين وذائعي الصيت خارج لبنان. دفعه حبه لوطنه للاستجابة وتلبية دعوة رئيسة المعهد لتقاسم خبراته ومعارفه الموسيقية مع المعهد الموسيقي، وليكون First chair في الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية، ومنسق قسم الوتريات في الكونسرفتوار. وملاعب هو خريج جامعة فيينا للموسيقى، ويشغل منصب المدير الفني لمؤسسة (Sumito) في زوريخ، وهو مؤسس مهرجان ملاعب لموسيقى الحجرة في سويسرا.
تحول المتحف الوطني إلى ليلة إبهار وسفر إلى عصور النبلاء، حيث تلتقي كلاسيكيّةُ الموسيقى الملهِمة والعزف المبهر، مع زمن عظمة الموسيقى وسحر المكان والحضور المرموق. حضر الحفل شخصيات ثقافية ودبلوماسية وسياسية تقدمهم سفراء كولومبيا، أورغواي، أوستراليا، وإسبانيا، والرئيس فؤاد السنيورة، والسيدة أمينة بري ممثلة وزير الثقافة، والوزيران السابقان الياس حنا ومحمد المشنوق، ونخبة من المجتمع الثقافي والإعلامي اللبناني.
قدّم الثلاثي ملاعب، سونج وسعيد حفلًا راقياً، تألق فيه العازفون بدءاً بريبال ملاعب وزوجته عازفة الكمان تانيا سونج، الConcert Master لأوركسترا زوريخ لموسيقى الحجرة والحاصلة على العديد من الجوائز العالمية في العزف على آلة الكمان في النمسا، وعازف البيانو الشهير كريم سعيد، خريج جامعة رويال أكاديمي للموسيقى في لندن، ومؤسس أوركسترا حجرة عمان ومعهد عمان للفنون الأدائية. وقد أشادت صحيفة "إندبندنت" بسعيد باعتباره "محاوراً بالفطرة". كما اشتهر في العام 2009 كونه عازف الكونشيرتو مع الأوركسترا الحجرة الإنكليزية بقيادة الراحل سير كولن ديفيس. وهذه ليست الحفلة الوحيدة التي يقيمها سعيد بالتعاون مع الكونسرفتوار، إذ سيكون هناك تعاون دائم وحفلات مقبلة يُعلن عنها في حينها. كما يتضمن التعاون "ماستر كلاس" في المعهد الوطني العالي للموسيقى، الذي بدأ سعيد بإعطاء أول حصصه في اليوم الثاني للحفلة.
أبهر الثلاثي الموسيقي الحضور النوعي، بما قدماه من مستوى عالٍ ومرموق ومتميز لموسيقى الحجرة. ولا سيما من خلال الريبيرتوار الذي قدمه ملاعب وسونج لآلتَي الكمان والفيولا وخصوصاً من ناحية ندرة وجود ريبيرتوار لهاتين الآلتين مجتمعتين، ليخلقا معاً عالماً سامياً من السحر والدهشة، بالإضافة إلى أداء سعيد المتقن على البيانو. واستطاع الثلاثي الموسيقي أن يبتدع توليفة موسيقية مميزة، قائمة على تناغم لافت وهارمونيّا وانسيابية في العزف، كان لها فعل السحر الموسيقي على الحضور، وعلى مستوى عالٍ جداً وملهم. ولا سيّما قدرة العازفين على جذب الأسماع عبر التناغم اللافت والعلاقة بين النغمات المتزامنة، ومن ناحية المستوى التقني الرفيع الذي قدموه، وخصوصاً مع آلة الفيولا التي استخدمها ملاعب وهي آلة قديمة جداً ما يجعل العزف عليها دونه صعوبات كبيرة، وهي ما تتميز به هذه الآلة من ناحية الصعوبة. وتضمن البرنامج الموسيقي مقطوعات لـ: Max Bruch, Robert Cshumann, Frederic Chopin, Cesar Franck, Manuel de Falla, Handel Halvorsen, Jules Massenet.