يرتبط تناول الأطعمة فائقة المعالجة بخطر الوفاة المبكرة، وفق دراسة امتدّت على مدى 30 عاما، لكن الأطعمة المختلفة لها آثار مختلفة.
وقال مؤلف الدراسة الرئيسي الدكتور مينغيانغ سونغ، الأستاذ المساعد في علم الأوبئة السريرية والتغذية بكلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، إنّ اللحوم المصنّعة، والأطعمة، والمشروبات السكرية لا ترتبط بمخاطر الحبوب الكاملة فائقة المعالجة ذاتها، على سبيل المثال.
وحلّلت الدراسة بيانات من أكثر من 100 ألف من العاملين بمجال الصحة في الولايات المتحدة أي الذين ليس لديهم تاريخ إصابة بمرض السرطان، أو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو مرض السكري. وبين عامي 1986 و2018، قدم المشاركون معلومات عن عاداتهم الصحية وأسلوب حياتهم كل عامين.
وكل أربع سنوات، كانوا يكملون استبيانا تفصيليا عن الطعام.
المجموعة التي استهلكت طعاما أقل معالجة، تناولت حوالي ثلاث حصص يوميا كمعدل وسطي، في حين تناولت المجموعة الثانية للطعام الأكثر معالجة سبع حصص يوميا، وفق دراسة نُشرت في مجلة BMJ، الأربعاء .
وأظهرت البيانات أنّ من تناولوا كميات كبيرة من الطعام كانوا أكثر عرضة بنسبة 4% للوفاة لأي سبب، ضمنا زيادة بنسبة 9% في خطر الوفاة بسبب التنكس العصبي.
ووصف سونغ العلاقة بأنها "معتدلة"، مشيراً إلى أن العلاقة لم تكن قوية بالقدر ذاته بين جميع أنواع الأطعمة فائقة المعالجة.
وأوضح أنّ "الارتباط الإيجابي مدفوع بشكل رئيسي بعدد قليل من المجموعات الفرعية ضمنًا اللحوم المصنّعة، والمشروبات المحلاة بالسكر أو المحلاة صناعيا".
من جهتها، لفتتت الدكتورة ماريون نستله، الأستاذة الفخرية في بوليت غودارد للتغذية ودراسات الغذاء والصحة العامة في جامعة نيويورك، إلى أنّ النتائج التي توصّلت إليها هذه الدراسة متّسقة مع مئات الدراسات الأخرى في هذا المجال، لكن ما يجعل هذه الدراسة فريدة من نوعها تحليلها لمجموعات فرعية مختلفة ضمن فئة الأغذية فائقة المعالجة.
هل نحن بحاجة للتخلّص من جميع الأطعمة فائقة المعالجة؟
لا ينصح سونغ بالرفض الكامل لجميع الأطعمة فائقة المعالجة لأنها فئة مختلفة.
وقال: "الحبوب الغذائية وخبز الحبوب الكاملة، على سبيل المثال، من الأطعمة فائقة المعالجة، لكنها تحتوي على العديد من العناصر الغذائية المفيدة مثل الألياف والفيتامينات والمعادن. من جهة أخرى، أعتقد أن على الناس محاولة تجنب أو الحد من استهلاك بعض الأطعمة فائقة المعالجة، مثل اللحوم المصنعة، والمشروبات المحلاة بالسكر، وكذلك المشروبات المحلاة صناعيا".
هناك أيضا المزيد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة عندما يتعلق الأمر بالأطعمة فائقة المعالجة.
ورأى الدكتور بيتر وايلد، الزميل الفخري في معهد كوادرام للعلوم البيولوجية في المملكة المتحدة، أن الدراسة الأخيرة قوية أولاً بسبب طول الفترة الزمنية التي تناولتها، لكنها دراسة رصدية. وهذا يعني أنه رغم أن الباحثين يمكنهم ملاحظة وجود علاقة ارتباط، إلا أنهم لا يستطيعون القول إن الأطعمة كانت سببًا للوفيات.
ووجد سونغ أنّ الباحثين بحاجة أيضًا إلى النظر بشكل أكبر في مكونات الأطعمة فائقة المعالجة التي قد تؤثر على الصحة، سواء كانت إضافات غذائية أو مستحلبات أو نكهات، لتقديم المشورة للحكومات والمؤسسات حول كيفية تنظيم الأطعمة.
النظام الغذائي العام هو الأكثر أهمية
وقال سونغ إن الباحثين وجدوا أيضا أن العامل الأكثر أهمية لتقليل خطر الوفاة هو نوعية النظام الغذائي العام للشخص، مشيرًا إلى أنه "إذا حافظ الناس على نظام غذائي صحي عمومًا، فلا أعتقد أنهم بحاجة إلى الشعور بالخوف أو الذعر. لا يزال النمط الغذائي العام هو العامل السائد الذي يحدد النتائج الصحية".
وأوضح وايلد أن النظام الغذائي الصحي المتنوع، يحتوي على أكبر عدد ممكن من الفاكهة والخضار الملونة والحبوب الكاملة.
ولفت في حديث الى "CNN" إلى أنه في حال "كنت قلقاً بشأن المضافات الغذائية، فاختر الأطعمة التي تحتوي على مستويات منخفضة من المضافات الغذائية. وخذ في الاعتبار المحتوى الغذائي (للأطعمة فائقة المعالجة) التي تختار استهلاكها".
من المهم أيضا أن ندرك أن الأطعمة يجب أن تؤكل بشكل متوازن. وأوضح وايلد أنّ عصير الفاكهة يحتوي على فيتامينات، ومعادن، ومضادات أكسدة مفيدة عند تناوله باعتدال، لكن الإفراط في تناوله يحتوي على مستويات عالية من السكر قد تتجاوز فوائده.
وخلص إلى أنّ "الأمر لا يتعلق بلونين أبيض وأسود. كل نوع من الطعام ليس جيدًا أو سيئًا بشكل كلي، بل سيحتوي على عناصر من كليهما، وقد يعتمد التوازن بين الاثنين على مقدار ما تأكله".