تمكنت ميليشيات عراقية، بتكليف من قيادة الحرس الثوريّ الإيراني، من تأمين إدخال شحنات من الأسلحة إلى مناطق شرقي دير الزور عبر معابر غير شرعيّة، وذلك بالتزامن مع التهديد الذي أطلقته حركة "النجباء" العراقية بالردّ على إسرائيل، بعد استهداف أحد مقارها في منطقة السيدة زينب جنوبي العاصمة دمشق يوم الخميس الماضي.
وتولّت ميليشيا "حزب الله" العراقية المقرّبة من "الحرس الثوري" الإيراني و"فيلق القدس" الإيراني مهمّة الإشراف على إدخال شحنات الأسلحة عبر شاحنات دخلت من المعبر الإيراني أو ما يُعرف بـ"معبر السكك" الخاص بتهريب شحنات الأسلحة الإيرانية إلى سوريا ولبنان.
وضمّت شحنات الأسلحة مسيّرات من طرازات مختلفة، وعدداً من صواريخ أرض-أرض، وفق شبكة "عين الفرات" المحلية المعارضة. وأُرسلت الأسلحة مباشرة فور وصولها إلى منطقة البوكمال وتحديداً إلى المربع الإيراني في بلدة الصالحية الواقعة بين مدينتي الميادين والبوكمال، والتي تضمّ أكبر مربّع أمني في ريف دير الزور الشرقي، يحتوي على آليات عسكرية ثقيلة ومستودعات أسلحة ضخمة وعشرات العناصر من جنسيات أجنبية ومحلية، تحت إشراف القيادي المدعو "أبو ربيع" اللبناني.
وتُعتبر بلدة الصالحية أحد المراكز الرئيسية التي تعتمدها الميليشيا المرتبطة بـ"الحرس الثوري" الإيراني، خصوصاً "حزب الله" العراقي و"حزب الله" اللبناني، لإطلاق طائرات استطلاع وأخرى انتحارية وصواريخ باتجاه مناطق شرقي الفرات.
تزامن إدخال شحنات الأسلحة إلى بلدة الصالحية مع قيام طائرات إسرائيلية صباح الخميس الماضي باستهداف المركز الثقافي التابع لحركة "النجباء" العراقية الموالية لإيران في منطقة السيدة زينب جنوبي العاصمة دمشق ومعسكر للتدريب تابع للحركة أيضاً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. فيما كشفت مصادر إعلامية معارضة أخرى، أنّ الغارات الإسرائيلية استهدفت "مكتب الاتصال" الخاص بحركة "النجباء". ولفت المرصد إلى أنّ "هذا الاستهداف الإسرائيلي للميليشيات هو الثالث" خلال شهر أيار/مايو الجاري.
وتوعّدت حركة "النجباء" إسرائيل بـ "ردّ قاسٍ" وقالت في بيان، إنّ "الكيان الصهيوني تمادى في طغيانه ووحشيته وغطرسته، مستهدفاً مبنى الثقافة والإعلام الذي نشر فضائحهم وجرائمهم الوحشية ضدّ الإنسانية"، مضيفاً أنّه "في هذا الاستهداف انكشفت للعيان رواية الثقافة والسلام التي يروج لها الغرب، والتي هي عبارة عن أكذوبة مكشوفة".
وحذّرت الميليشيا من أنّ ردّها "سيكون مباغتاً وقوياً ومؤثراً"، مشيرة إلى أنّ "العدو الغاصب يعلم أننا إذا قلنا فعلنا، وقد أذاقتهم مسيّراتنا الأمرّين، ويعلمون أين وصلت صواريخنا، ولن تمرّ هذه الجرائم من دون عقاب".
في السياق ذاته، كشفت حسابات موالية على مواقع التواصل الاجتماعي عن مقتل عنصرين من الجيش السوري في استهداف المركز الثقافي والإعلامي لميليشيا "حركة النجباء" في السيدة زينب بريف دمشق.
وذكرت الحسابات أنّ كلاً من الملازم أحمد عدنان شقرا، من بلدة جسرين بريف دمشق، والملازم حسن كمال حسن، من بلدة مرج السلطان بريف دمشق، قُتلا في الغارة الإسرائيلية.
كما تزامن إدخال شحنات الأسلحة إلى بلدة الصالحية مع تسريب معلومات عن اجتماع أمني عقدته قيادة الحرس الثوري الإيراني في مدينة الميادين، شرقي ديرالزور، ضمّ عدداً من القيادات الرفيعة في الميليشيات الإيرانية. وقد شارك في الاجتماع الذي عُقد في المشفى الإيراني في مدينة الميادين كلٌّ من مسؤول الطيران المُسيّر في ميليشيات "حزب الله" العراقي واللبناني، والمدعو "الحاج ميسر" مسؤول منطقة الميادين، والمدعو "الحاج سراج"، و"الحاج أبو الفضل" وهما من قياديي الصف الأول في قطاع الميادين.
الاجتماع يُعدّ الأول من نوعه الذي يُعقد داخل "مستشفى الشفاء" الميداني الخاص بـ"الحرس الثوري" الإيراني، ما يؤكّد، وفق عين الفرات" عدم استخدام قادة الميليشيات مقراتهم لعقد اجتماعات واعتماد اللقاءات في أماكن مدنية أو خدماتية تجنّبًا لأي ضربات جوية محتملة.
وأضاف المصدر السابق، أنّ التسريبات حول الاجتماع كشفت عن توجّه الميليشيات الإيرانية إلى تكثيف عمليات الرصد والمراقبة لمنطقة شرق الفرات عبر إطلاق طائرات مُسيّرة صغيرة في أوقات مختلفة، لمنع اكتشافها وإسقاطها، بهدف تزويد خلاياها بالمناطق المراد استهدافها.
وأحصى المرصد السوري منذ مطلع العام الجاري 38 مرّة قامت خلالها إسرائيل باستهداف الأراضي السورية، 26 منها جوّية و12 برّية، وأسفرت تلك الضربات عن إصابة وتدمير نحو 75 هدفاً ما بين مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات، وتسبّبت بمقتل 130 شخصاً منهم 21 من الجنسية الإيرانية من الحرس الثوري.