يهتم الشعبان الإيراني والمصري وكذلك شعوب المنطقة بما يرد عن عودة العلاقات بين إيران ومصر كلما تطرح مؤشرات عن التطور في معالجة موضوع العلاقة بين البلدين.
بعد لقاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ونظيره المصري سامح شكري على هامش اجتماع قادة البلدان الإسلامية في غامبيا طرح مرة أخرى احتمال تطبيع العلاقات بين إيران ومصر.
وقال الناطق باسم الخارجية المصرية عن هذا اللقاء: "بعد الاتصالات واللقاءات السابقة بين الوزيرين وكذلك التوصيات الواردة من قيادة البلدين في مصر وإيران، فإن اللقاء بحث وتيرة العلاقات الثنائية بين البلدين واتفق الجانبان على مواصلة المشاورات بينهما بهدف حل ومعالجة جميع القضايا والمواضيع العالقة من أجل عودة العلاقات بينهما".
لكن ما العراقيل التي تحول دون تطبيع العلاقات؟
مرت العلاقات بين إيران ومصر بتطورات كثيرة. فالنظام الإيراني انتهج العداء ضد مصر بعد ما استقبلت شاه إيران السابق في عام 1979 وقد أقدم النظام في ما بعد على إطلاق اسم خالد الإسلامبولي المتورط بقتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات على أحد شوارع طهران في عام 1980، مما أدى إلى مزيد من التوتر في العلاقة بين البلدين. وكان البلدان قد خاضا محاولات كثيرة من أجل عودة العلاقات لكن لم يكتب لها النجاح.
العلاقات لم تصل مرحلة التطبيع
على رغم موافقة مرشد النظام علي خامنئي فإن العلاقات بين البلدين لم تصل مرحلة التطبيع لا في فترة ولاية محمد خاتمي ولا خلال حكم محمود أحمدي نجاد ولا إبراهيم رئيسي. وكان البلدان قد وافقا في عام 1991 على تعيين قائم بالأعمال في كلا البلدين بعد 11 عاماً من قطع العلاقات.
على رغم جميع الخلافات السياسية بين البلدين خلال العقود الأربعة الماضية، كانت هنالك فرص للعلاقات المشتركة بين البلدين.
وخلال احتجاجات الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد على رغم أن جميع البلدان العربية قطعت علاقاتها مع الحكومة السورية وأغلقت سفاراتها في دمشق لكن مصر لم تغلق سفارتها. وكانت مصر من البلدان القلائل التي دعمت نظام الأسد مثلما فعل النظام الإيراني.
تنمية السياحة
في الوقت الراهن تمر إيران ومصر بظروف اقتصادية صعبة لكن الشعبين في البلدين التاريخيين لديهما رغبة بالسفر وتنمية السياحة لديهما.
ويمكن أن تكون زيارة مزار الإمام الثامن للشيعة في مشهد وكذلك شقيقته في مدينة قم من المناطق التي يرغب نحو مليونين من الشيعة في مصر بزيارتها.
من جانب آخر وجود قبر شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي في مسجد الرفاعي في القاهرة من شأنه أن يتحول إلى أحد الأماكن الأساسية التي تستقطب الإيرانيين خلال السفر إلى القاهرة.
لكن بغض النظر عن التحديات الأمنية التي من شأنها أن تسبب خطراً للسياح الإيرانيين من جانب النظام الإيراني فإنه لن يمر مرور الكرام من الرغبة الكبيرة للإيرانيين بزيارة قبر الشاه الراحل في مصر.
النظام الإيراني بحاجة إلى تطبيع علاقاته مع البلدان الإسلامية من أجل الخروج من حالة العزلة الناجمة عن سلوك قادة النظام. وتجلت هذه الحاجة بعودة العلاقات مع السعودية.
هذه الجهود والوصول إلى نتيجة لعودة العلاقات كانت مرتبطة بمشروع رؤية 2030 السعودية والخطة المستقبلية 2050 من أجل التنمية في البلاد. السعودية وجميع بلدان المنطقة التي ربطت اقتصادها المتنامي بهذا المشروع بحاجة إلى إيجاد استقرار أمني في أسواق المنطقة، لذلك وافقت على عودة العلاقات مع النظام الإيراني.
عودة العلاقات بين طهران والقاهرة يعود جزء منها إلى حل خلافات قديمة وجزء منها إلى عودة العلاقات بين الرياض وطهران.
هجمات الحوثي
وكان موضوع الحرب في غزة شكل أحد المحاور الأساسية في المحادثات الثنائية بين البلدين، لكن موضوع الحوثيين له أهمية كبيرة لمصر إلى جانب القضايا المتعلقة بحرب غزة.
منذ أن بدأ الحوثيون المدعومون من النظام الإيراني حملات ضد الملاحة البحرية المتوجهة إلى إسرائيل فإن هذه الإجراءات وبدلاً من أن تلحق أضراراً باقتصاد إسرائيل أو تشكل تهديداً ضدها فإنها سببت أضراراً لمصر. أي أن بعض السفن التجارية وبدلاً من العبور من البحر الأحمر وقناة السويس غيرت مسيرها لتتجه إلى أقصى النقاط الجنوبية في أفريقيا.
تغيير مسار السفن البحرية سبب أضراراً للحكومة المصرية وقد أدى إلى انخفاض موارد مصر من رسوم العبور من قناة السويس بصورة ملحوظة كما تسببت هجمات الحوثيين في إيجاد تحديات لمستقبل عمل هذه القناة الاستراتيجية، لذلك من المنطقي أن يكون جزء من الحديث بين سامح شكري وأمير عبداللهيان موضوع استياء مصر من الهجمات في البحر الأحمر.
النفط الإيراني
وكما ذكرت بعض الصحف العربية أن مصر ترغب بشراء النفط من إيران بأسعار منخفضة.
وكانت العقوبات ضد صناعة النفط في إيران قد أدت إلى توسيع نشاط مهربين كبار، كما أن العراق بصفته شريكاً للنظام الإيراني يقدم على شراء جزء من النفط الإيراني بأسعار منخفضة وبيعه في الأسواق كمنتوج عراقي.
لذلك يمكن القول إن المحادثات بين إيران ومصر في المرحلة الحالية ركزت على القضايا الاقتصادية إذ تحولت إلى ضرورة بالنسبة إلى البلدين، أكثر من اهتمامهما بعودة العلاقات الثنائية.
أمام إيران ومصر طريق طويل من أجل تطبيع العلاقات، وينظر المصريون إلى عودة العلاقات بين السعودية وإيران كاختبار من أجل اتخاذ القرار بعودة العلاقات بين البلدين.
اندبندنت عربية