منسيون بين 3 بلدان.. مخيم بالصحراء السورية يواجه

مخيم الركبان يقع بمنطقة صحراوية قاسية ومحاصر من قبل قوات النظام السوري

ضمن بقعة جغرافية تقع على المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسوريا يقيم آلاف المدنيين في مخيم يسمى بـ"الركبان"، ومنذ أكثر من عامين لم تدخل لهم أي مساعدات إنسانية.

هم منسيون، لا يدري بهم أحد، محاصرون من جميع الجهات، حتى أن ذلك كان كفيلا بعدم قدرة دخول فيروس "كورونا" إلى أوساطهم، منذ بدء ظهور الجائحة في البلاد والعالم.

يعيش هؤلاء ظروفا مأساوية للغاية، بحسب ما يقول رئيس المجلس المحلي لـ"الركبان"، أحمد الخالدي، قائلا في حديث لموقع "الحرة": "أوضاع المدنيين التي تزيد أعدادهم عن 10 آلاف سيئة. المخيم محاط من كل الجهات. من الجنوب (الأردن) ومن الشرق (العراق). وفي الشمال والغرب هناك النظام السوري وميليشيات إيرانية".

 قبل 3 أيام تردد اسم المخيم على نحو مفاجئ، حيث دخلت خمس شاحنات "فارغة" تتبع للأمم المتحدة، من أجل نقل العائلات الراغبة بالخروج إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

ورغم رفض العائلات لعملية الخروج، إلا أن ذلك لن يمنع محاولات أخرى، وفق الخالدي، الذي يوضح أنهم تلقوا مؤخرا كتابا من مكتب "أوتشا" في العاصمة دمشق، تم إبلاغهم فيه أن الأخيرة بدأت "مهمة إخلاء" لدعم المغادرة الطوعية للأهالي، وذلك على مدى ثلاثة أشهر مقبلة.

ويضيف الخالدي المقيم في الركبان: "بنود الكتاب واضحة. لا يوجد أي ضمانة لأي فرد يريد الخروج إلى مناطق سيطرة النظام السوري. مع ذلك هناك أناس يريدون الخروج من الموت إلى موت آخر، بسبب الجوع وتعدد الأمراض".

"لا ضمانات واضحة"

وجاء في الكتاب، الذي اطلع موقع "الحرة" على نسخة منه، أن الأمم المتحدة بمساعدة "الهلال العربي السوري" ستدعم عملية المغادرة "الطوعية" لأولئك الذين أعربوا عن استعدادهم للخروج من مخيم الركبان إلى المناطق التي يختارونها، عبر مركز إيواء حمص، بعد إمضاء الحجر الصحي.

وأضاف الكتاب أن "الأمم المتحدة تبذل كل ما بوسعها لإتمام هذه المهمة في أقرب وقت ممكن. ستتم عمليات المغادرة على دفعات ولمدة ثلاثة أشهر"، وتضمن أيضا تفاصيل عملية إجلاء العائلات، والآلية التي سيتم العمل من خلالها في الأشهر الثلاثة المقبلة.

وبشأن ضمان الحفاظ على سلامة من يرغب بمغادرة المخيم، أشارت الأمم المتحدة في كتابها إلى أن "مسؤولية أمن وسلامة الأفراد تقع على عاتق الجهات المسيطرة وحكومة الجمهورية العربية السورية. بعد خروج العائلات من المخيم سيتم نقلهم إلى مراكز إيواء في حمص، ومن ثم عليهم الحصول على موافقة من السلطات لاختيار الوجهة اللاحقة".

ويحسب مخيم الركبان على منطقة الـ55 كيلومترا، التي تسيطر عليها قوات "جيش مغاوير الثورة" بدعم من التحالف الدولي.

وعلى مدى الأشهر الماضية كان لافتا دعوات وتصريحات المسؤولين الروس، من أجل تفكيك "مخيم الركبان".

ومن بين تلك الدعوات ما قاله رئيس مركز إدارة الدفاع الوطني التابع لوزارة الدفاع الروسية، ميخائيل ميزينتسيف، إنه جرى تطوير عملية جديدة لإجلاء النازحين من الركبان، الواقع على الحدود السورية – الأردنية.

وأضاف في يونيو الماضي: "الحكومة السورية جهّزت مراكز إقامة مؤقتة، للذين يريدون مغادرة المخيم"، مشيرا إلى أن تفاصيل إخراج المدنيين قد جرى الاتفاق عليها بالفعل، والأمم المتحدة مستعدة بدورها توفير المركبات.

في المقابل يقول مدير المكتب الإعلامي لـ"جيش مغاوير الثورة"، عبد الرزاق خضر المحيا: "بالنسبة للمغاوير لم يكن لهم أي دور سوى حماية السيارات وإيصالها إلى بوابة المخيم".

ويضيف في حديث لموقع "الحرة": "الشاحنات التي دخلت مؤخرا غادرت فارغة، بعد الاعتداء على السائقين من قبل أشخاص داخل مخيم الركبان".

"العائلات مجبرة"

منذ مارس 2020، أغلق الأردن النقطة الطبية الوحيدة التي كانت تقدم الإسعافات الأولية وتستقبل حالات الولادة الحرجة، كما أغلق الحدود ضمن إجراءاته للحد من انتشار فيروس "كورونا المستجد".

ورغم المناشدات لإدخال بعض الحالات الإسعافية بعد إغلاق النقطة الطبية، لم يتلقَّ المسؤولون عن المخيم أي استجابة من السلطات الأردنية.

وقبل أسبوع توفي الشاب سعود صبحي الطالب (37 عاما)، نتيجة انفجار الزائدة الدودية، وفق تشخيص الممرضين في مستوصف شام الطبي، الموجود في المخيم.

ويوضح رئيس المجلس المحلي في "الركبان"، أحمد الخالدي: "لا يوجد اليوم كادر طبي في المخيم، بعد قيام المملكة الأردنية بإغلاق النقطة الطبية الوحيدة على الحدود".

ويضيف أن أهالي "الركبان" لم يتلقوا أي مساعدات إنسانية منذ أكثر من عامين، بينما أطبق الحصار بشكل كامل عليه، مشيرا: "نحن في صحراء قاحلة. لا يوجد أي معابر أو زراعة أو تجارة. كل المحيط يحاصرنا، والوضع من سيء إلى أسوأ".

والمخيم الذي أنشئ عام 2014 ينحدر معظم القاطنين فيه من أرياف الرقة ودير الزور وحمص وحماة.

وبينما تغيب الأرقام الدقيقة عن عدد الأشخاص الذين يعيشون فيه، يشير الخالدي إلى أنها تتجاوز حاجز عشرة آلاف.

من جهته تحدث الناشط الإعلامي، حمود عبد الله عن خروج فردي من المخيم باتجاه مناطق سيطرة النظام السوري.

ويوضح في حديث لموقع "الحرة": "قبل أسبوع خرج 40 شخصا، بسبب صعوبة الحياة، وانعدام الموارد. العائلات مجبرة على ذلك، ولا خيارات لديها".

"العفو الدولية تحذر"

وفي غضون ذلك، وبالتزامن مع الخطوات التي بدأتها الأمم المتحدة في تيسير عملية نقل العائلات إلى مناطق سيطرة النظام السوري، أصدرت منظمة "العفو الدولية" (أمنستي) تقريرا حذرت فيه من تبعات هذا الأمر.

وجاء في التقرير أن "الأمم المتحدة تخطط لتسهيل نقل الأشخاص من الركبان إلى ملاجئ في حمص، حيث سيتم وضعهم في الحجر الصحي لمدة 14 يوما".

وليس من الواضح عدد الأشخاص الذين سيتم نقلهم من الركبان في المرحلة المقبلة، إذا ما استمرت عملية العودة التي تقودها الأمم المتحدة.

وحثّت "العفو الدولية" الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري على عدم المضي قدما في عمليات الإعادة هذه، التي ستعرض بلا شك النساء والرجال والأطفال الذين يعيشون في الركبان للخطر.

وقالت ماري فوريستير، الباحثة في شؤون اللاجئين والمهاجرين في المنظمة إن بحثنا يظهر أن "السلطات السورية استهدفت على وجه التحديد العائدين من الركبان، واتهمتهم بالإرهاب قبل تعريضهم لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".

الصحفي، محمد حسن العايد يقول إن التحركات الخاصة بنقل العائلات تبعت التشديد الكبير على "طرق التهريب" التي كانت تعبر باتجاه مخيم الركبان، ومنطقة الـ55.

ويقول العايد في حديث لموقع "الحرة": " الطرق التي كان يمر عبرها مواد غذائية وطبية. للأسف أغلقت بشكل كامل في الآونة الأخيرة". 

وتحدث الصحفي السوري عن حوادث اعتقال نفذتها قوات النظام السوري بحق أشخاص كانوا وصلوا إلى مناطقه، قادمين من المخيم في الأشهر الماضية.

ومن بين المعتقلين المدعو مؤيد عبيد، الذي يعتبر من وجهاء مدينة القريتين، ويشير الصحفي: "بعد إجرائه لعملية التسوية والمصالحة تم اعتقاله، ولا يعرف مصيره منذ أكثر من عام ونصف".

ويضيف العايد: "في الآونة الأخيرة خرج نحو 40 شخصا إلى مناطق سيطرة النظام السوري في واحة الصوانة بريف حمص الشرقي. من يتم نقله تجرى له عمليات تفييش أمني وترتيبات أخرى قد تكون نهايتها الاعتقال".


الحرة

يقرأون الآن