أثار مقترح داخل البرلمان التونسي بتوظيف آلاف المهاجرين العالقين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في تونس، جدلا بسبب افتقاده إلى ضمانات حقوقية وأيضا معارضة شق كبير لتوطينهم في البلاد.
وأودعت نائبتان بالبرلمان مقترحا مكتوبا على مكتب المجلس يتضمن خطة لتوظيف المهاجرين عبر شركات مناولة للاستفادة من اليد العاملة الرخيصة في المشاريع الكبرى لمدة لا تتجاوز عشرين عاما ومن ثم ترحيلهم.
ويوصي المقترح البدء بهذه الخطوة في جهة صفاقس لاستيعاب المهاجرين المنتشرين بأعداد كبيرة في غابات الزيتون بالمناطق الريفية بمدينتي العامرة وجبنيانة المتجاورتين.
ومن شأن هذه الخطوة أن تمهد لإدماج تدريجي للمهاجرين غير النظاميين بحسب احتياجات الاقتصاد التونسي الذي يواجه نسبا متدنية في النمو.
وقال عماد سلطاني رئيس جمعية "الأرض للجميع" المدافعة عن حقوق المهاجرين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن "المقترح يمكنه أن يكون مفيدا لتونس والمهاجرين معا، بمنحهم وجودا قانونيا ووثائق رسمية ويقيهم من خطر الانحراف والإجرام".
وتابع سلطاني "الإنسانية لا يمكن تجزئتها. نحن نطالب بالأمر نفسه لتشغيل أبنائنا التونسيين المهاجرين في أوروبا. هذه نظرتنا ونحن مع تشغيل المهاجرين في تونس وحفظ كرامتهم".
ولكن أثارت وثيقة المقترح عدة تحفظات بمجرد تسريبها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال النائب في البرلمان بدر الدين القمودي، إن المقترح أثار حالة من الاستياء وتم رفضه من حيث الشكل والمضمون بشكل قطعي.
وتابع القمودي في تصريحه لإذاعة "موزاييك" الخاصة، إن هناك حالة إجماع في البرلمان بشأن الموقف المؤيد للسلطة التنفيذية في رفض أن تكون تونس ممرا او مستقرا للمهاجرين غير النظاميين.
وتدفق عدد قياسي من المهاجرين جنوبي الصحراء على تونس في 2023 بنية عبور البحر المتوسط إلى السواحل الأوروبية بحثا عن فرص أفضل للحياة.
وكان ذلك سببا مباشرا في مغادرة ما يناهز 100 ألف مهاجر من سواحل تونس، أي قرابة ثلثي اجمالي المهاجرين الذين تدفقوا على السواحل الإيطالية في 2023 والبالغ أكثر من 150 ألفا.
وقبل أسبوع أفاد وزير الداخلية التونسي كمال الفقي بتواجد أكثر من 32 ألف مهاجر في البلاد من بينهم 23 ألفا متواجدين بصفة غير قانونية.
ويمكن مشاهدة الكثير من المهاجرين غير النظاميين بالفعل في أعمال هامشية مثل أشغال البناء ومحطات غسيل السيارات أو في أعمال النظافة.
لكن السلطات بدأت منذ 2023 بفرض قيود صارمة على تشغيلهم وعقوبات على أرباب العمل المخالفين.
وبدلا من التشغيل والادماج تشجع الحكومة على برنامج الإعادة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم بالتنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة.
ووفق وزارة الداخلية التونسية، غادر بالفعل 7100 مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء تونس ضمن البرنامج، في الفترة الممتدة بين مارس 2023 ومايو 2024.
وتضغط إيطاليا الوجهة الأقرب للسواحل التونسية، والاتحاد الأوروبي للحد من التدفقات ومكافحة أنشطة مهربي البشر بتقديم دعم مالي واقتصادي لتونس.