تشكل عملية رفض أهلية المرشحين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومجلس خبراء القيادة في إيران السمة البارزة للانتخابات في هذا البلد، ومعلوم أن تأييد مؤهلات المرشحين بعد استيفائهم الشروط الدستورية، هي من صلاحيات مجلس صيانة الدستور المكون من 12 عضوا، 6 منهم فقهاء لهم الكلمة العليا، ويعينهم المرشد الأعلى للنظام.
إلى ذلك لا يتمكن المترشح من المشاركة في السباق الانتخابي إلا بعد تمتعه بالمواصفات التي يؤكدها هذا المجلس لاعتبارات دستورية تارة وسياسية تارة أخرى.
وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية السابقة في إيران، فقد شهدت استبعاد المرشحين على نطاق واسع، ففي الانتخابات الرئاسية الأولى في فبراير 1979، لم تكن هناك مؤسسة باسم "مجلس صيانة الدستور"، لكن وزارة الداخلية استبعدت العديد من المرشحين، وفي مقدمتهم زعيم منظمة مجاهدي خلق مسعود رجوي.
وفي جميع الانتخابات الرئاسية الماضية، لم يتجاوز عدد المرشحين الذين صادق مجلس صيانة الدستور على أهليتهم أكثر من 10 مرشحين من الرجال.
أشهر المرشحين المرفوضين
أول شخصية بارزة رُفضت أهليتها كان المهندس مهدي بازركان، وهو أول رئيس دولة بعد الثورة والمعينة من قبل المرشد المؤسس روح الله خميني والمكونة من الليبراليين الدينيين، حيث ترشح بازركان لاحقا لمنصب رئاسة الجمهورية في عام 1985 ليواجه رفض أهليته بتهمة الليبرالية.
وبعد رفض أهلية بازركان بعقود، فقد أحدث رفض أهلية أحد أعمدة الثورة، علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومنعه من خوض الانتخابات الرئاسية لعام 2013، هزة كبيرة في إيران، لم يتوقع أحد أن يرفض فقهاء مجلس صيانة الدستور الرجل الذي كان ينوب عن المرشد المؤسس خميني في القيادة العسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية، وأصبح لاحقا رئيسا للجمهورية لدورتين، وأول رئيس للبرلمان الإيراني بعد ثورة 1979، ولعب دورا بارزا في مجلس خبراء القيادة لاختيار علي خامنئي مرشدا لإيران بعد وفاة خميني في 1989.
وفي قائمة أبرز المرشحين الذين رفضهم مجلس صيانة الدستور تجدر الإشارة إلى محمود أحمدي نجاد، حيث على الرغم من تبوؤ هذا المنصب لدورتين وتمتعه بدعم المرشد المطلق في الدورة الرئاسية الأولى، قبل أن يختلف معه في الدورة الثانية، ولكن لم يأخذ بتوصية المرشد بخصوص عدم الترشح مرة أخرى في انتخابات 2021، فقدم أوراقه إلى وزارة الداخلية ولكن رفضه مجلس صيانة الدستور.
ومن كبار المسؤولين الذين أبعدوا عن الترشح لمنافسة إبراهيم رئيسي على الكرسي الرئاسي في انتخابات عام 2021 هو الرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني، الذي سبق أن شغل منصب وزير الإرشاد، ورئيس الأركان العامة للحرس الثوري الإيراني، ومدير هيئة الإذاعة والتلفزيون بتعيين من المرشد الأعلى.
الشيخ الدبلوماسي هي تسمية تطلق على الرئيس السابق حسن روحاني الذي كان عضوا في البرلمان لخمس دورات، ودورتين في القصر الرئاسي، وثلاث دورات في مجلس خبراء القيادة، وشغل منصب رئاسة المقر المركزي خاتم الأنبياء، أعلى مقر عسكري إيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية بصفته نائب القائد العام للقوات المسلحة، ولاحقا أصبح سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، إلا أن مجلس صيانة الدستور رفض أهليته وأبعده من خوض انتخابات مجلس خبراء القيادة.
مرشح سني لرئاسة الجمهورية
يتحدى النائب السابق السني عن محافظة كردستان في البرلمان الإيراني جلال جلال زاده، المادتين 35 و115 من الدستور اللتين تؤكدان على أن المرشحين لرئاسة الجمهورية يجب أن يكونوا من أتباع المذهب الرسمي للبلاد، أي المذهب الشيعي الاثني عشري، ويعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران.
إلى ذلك كتب جلال زاده في منشور على منصة "إكس": "للأسف، حرمت المادة 115 من الدستور 17 مليون سني من حقوق المواطنة في مجال الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن نظرا لمخالفة هذه المادة مع المبادئ الدينية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ودفاعاً عن الهوية الإيرانية والإسلامية، أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية".
هذا وسبق أن دعا رجل الدين السني الإيراني البارز مولوي عبدالحميد إسماعيل زهي، إلى إلغاء أو تغيير المواد الدستورية التي تمنع السنة من الترشح للانتخابات الرئاسية، مشددا على أن الدستور "ليس وحيا إلهيا.. ورفع القيود فيما يتعلق بالترشح للانتخابات الرئاسية هو رأي حكيم ومنطقي ويتناسب مع حجم السنة في إيران"، معتبرا ذلك "يصب في إطار الوحدة والإخاء والحفاظ على الأمن".
وتنص المادة 35 من الدستور الإيراني على 5 شروط، منها أن يكون مرشح الانتخابات الرئاسية من "الشخصيات الدينية والسياسية، ومن المؤمنين بنظام الجمهورية الإسلامية ومذهبها الرسمي" وهو التشيع.
كما تمنع المادة 107 من الدستور تلقائيا أي شخص من الديانات والمذاهب الأخرى بمن فيهم السنة من الترشح لمنصب المرشد الأعلى أو حتى عضوية مجلس خبراء القيادة في إيران.
وتنص الفقرة 5 من المادة 115 على أن يكون رئيس الجمهورية مؤمنا بالمذهب الرسمي (الشيعي) للبلاد، والمادة 121 من الدستور المتعلقة بأداء القسم تصف رئيس الجمهورية بحامي المذهب الرسمي (التشيع).
وتنص المادة الثانية على أن نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية قائم على الإيمان بـ"الإمامة" والقيادة المستمرة والاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط.