كان الملف اللبناني مدار بحث ومشاورات خلال الاحتفالات بالذكرى الثمانين لإنزال النورماندي بين الوفود التي حضرت، وتجلى ذلك في ورقة الطريق الاميركية - الفرنسية الصادرة عقب الزيارة الرسمية للرئيس الاميركي جو بايدن لفرنسا السبت الماضي، والتي دعت الى مواصلة الجهود لتحقيق وقف التصعيد وتجنب الحريق الاقليمي من جهة، ووضع حد للشغور الرئاسي دون تأخير وتشكيل حكومة وتنفيذ الاصلاحات الاساسية من جهة أخرى.
وأعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في كلمته امام الصحافيين بعد اجتماعه مع الرئيس الاميركي على غداء عمل، فتح الباب امام الحل السياسي، وهو وحده من شأنه الدفع في اتجاه سلام عادل ودائم. وجدد دعم فرنسا للاتفاق الشامل الذي طرحه الرئيس الاميركي. وعبّر عن مخاوفه من التصعيد على جانبي الخط الازرق، لافتا الى اهمية انتخاب رئيس جديد، وداعيا الى "مضاعفة الجهود المشتركة لتجنب حصول انفجار اقليمي خصوصا في لبنان، حيث نتشارك مع الولايات المتحدة الاميركية الحاجة الملحة الى تطبيق معايير محددة لخفض التصعيد على الخط الازرق وكذلك على الجانب المؤسساتي".
وقال: "سجلنا تنسيقا وثيقا بين البلدين في مناقشات مع اسرائيل من ناحية ومع لبنان وجميع الاطراف المعنية من ناحية أخرى".
خريطة الطريق الاميركية - الفرنسية التي صدرت بعد الاجتماعات الثنائية عبرت عن مخاوف الجانبين من التصعيد وضرورة تجنب امتداد الصراع، فدعا الطرفان الى وقف التصعيد وتطبيق القرارات الدولية وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة والقيام بالاصلاحات الاساسية. وجاء في البيان: "ان فرنسا والولايات المتحدة مصممتان على مواصلة جهودهما المشتركة لتحقيق وقف التصعيد وتجنب الحريق الاقليمي. وأكد على وجه الخصوص اهمية الحفاظ على الاستقرار في لبنان وخفض التوترات على طول الخط الازرق. وسيعملان معا في هذا الاتجاه، وهما يدعوان جميع الاطراف الى اظهار اقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية، والامتثال لقرار مجلس الامن التابع للامم المتحدة ١٧٠١.
وفي هذا السياق تؤكد فرنسا والولايات المتحدة مدى الإلحاح لوضع حد للشغور الرئاسي الطويل والمستمر منذ ١٨ شهرا في لبنان، والمضي قدما دون مزيد من التأخير في انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة وتنفيذ الاصلاحات الاساسية لتحقيق استقرار الاقتصاد اللبناني ووضع الاسس للانتعاش الاقتصادي التضامني في هذا البلد".
قلق من التصعيد
وكان وزيرا الدفاع الاميركي لويد اوستن ونظيره الفرنسي سيبستيان ليكورنو عبرا عن "قلقهما بشأن الوضع في الشرق الاوسط، وعلى الخصوص الحاجة الى مواصلة الجهود بالتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف التصعيد على جانبي الخط الازرق بين لبنان واسرائيل".
في هذا السياق، وتعبيرا عن التنسيق بين الشركاء الدوليين، شدد رؤساء الدول في مجموعة "الكواد" (فرنسا والولايات المتحدة والمانيا والمملكة المتحدة) على "الحفاظ على الاستقرار في لبنان لأنه مسألة حيوية". واشاروا في بيان مشترك الى "تصميمهم على توحيد جهودهم لدعم تهدئة التصعيد على طول الخط الازرق وفقا لقرار مجلس الامن ١٧٠١". ودعوا جميع الاطراف الى "ممارسة اقصى درجات ضبط النفس لتجنب اي تصعيد اقليمي." واكدوا عزمهم على مواصلة العمل معا "لدعم تنفيذ الخطة التي قدمها الرئيس بايدن بهدف السلام والاستقرار في المنطقة".
لقد شكلت هذه الاجتماعات وفق مصادر ديبلوماسية فرصة لمعالجة الازمات الدولية الكبرى، والتنسيق بين الولايات المتحدة وفرنسا لحل الصراعات في الشرق الاوسط وكل ما يتعلق بغزة وجانبي الخط الازرق في لبنان، والتعبير عن رغبة في بحث عن حل يعتمد على تحديد السبل التي تسمح بالمساهمة في السلام والامن.
واشارت هذه المصادر الى ان محور المفاوضات سيحدد قدرة فرنسا والولايات المتحدة على الساحة الدولية وتهيئة الظروف للاستجابة للتحديات الكبيرة في ما يتعلق بالشرق الاوسط. وباريس تدعم بوضوح المبادرة التي اتخذتها واشنطن من اجل وقف النار. وبما ان الوضع يتغير من يوم الى آخر منذ أكثر من ثمانية اشهر، كان ملف الحرب في غزة وعلى الحدود اللبنانية - الاسرائيلية على رأس جدول الاعمال خلال المناقشات، انطلاقا من آخر التطورات السياسية والعسكرية. فالايام او الاسابيع المقبلة ستكون كفيلة بالتعبير عن مدى الضغط الذي يمكن ان تمارسه باريس وواشنطن وشركائهما للاسراع في حل الملف اللبناني، بعدما ربطتا الحل بوقف التصعيد وتطبيق القرار الدولي ١٧٠١ وسد الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة تقوم بالاصلاحات لإنعاش الوضع الاقتصادي بحسب "النهار".