من القدرة الشرائية والتعليم والمعاشات التقاعدية، إلى الهجرة والعلاقات الدولية، في ما يأتي مقارنة بين برامج أبرز الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية في فرنسا، وهي "التجمّع الوطني" (يمين متطرّف) و"الجبهة الشعبية الجديدة" ومعسكر الرئيس ايمانويل ماكرون.
القدرة الشرائية
تأتي القدرة الشرائية وهي الشغل الشاغل للفرنسيين بحسب الاستطلاعات الأخيرة، في قلب برامج التكتّلات الرئيسية الثلاثة. ويتعهّد "التجمّع الوطني" خفض ضريبة القيمة المضافة على منتجات الطاقة من 20 إلى 5,5 %، على أن "تجمّد" هذه الضريبة لاحقا على نحو مئة من المنتجات الأساسية "في حال اشتداد التضخّم".
وتتمحور الخطّة الاقتصادية لليسار على راتب بحدّ أدنى يبلغ 1600 يورو صافيا في مقابل حوالى 1400 اليوم. ويعتزم اليسار أيضا ربط الأجور بنسبة التضخّم وتكييف رواتب الموظفين العموميين.
وبغية تمويل هذا المشروع المكلف للمالية العامة، يعوّل التحالف اليساري على ضريبة تضامنية على الثروة مدعومة بشقّ مناخي، فضلا عن "تعميم" الضرائب على الأرباح الطائلة ومساهمات أكبر لأصحاب الرواتب العالية.
وفي حين يرفض اليسار "ميثاق استقرار الميزانية" الأوروبي الذي ينصّ في جملة بنوده على عجز عام دون 3 % من إجمالي الناتج المحلي، تتعهد الغالبية الماكرونية المنتهية ولايتها من جهتها العمل بهذه القاعدة بحلول 2027 (في مقابل 5,5 % في 2023) من دون زيادة الضرائب.
وتريد أن تسمح للشركات بأن ترفع إلى 10 آلاف يورو في السنة بلا رسوم أو ضرائب، قيمة علاوة على القدرة الشرائية تُعرف بـ"علاوة ماكرون" أقرّت في 2018 في أعقاب احتجاجات ما عُرف بـ"السترات الصفر".
الهجرة
ينوي اليسار إبطال قانون الهجرة الذي اعتمد هذا الشتاء في البرلمان وتكريس "حقّ الأرض كاملا" وإحداث "صفة نازح مناخي"، في جملة مقترحاته في هذا الصدد.
وفي المقابل، يتعهّد "التجمّع الوطني" بقانون هجرة جديد "طارئ" في 2024 يقوم على إلغاء حقّ الأرض (حقّ المواطنة بالولادة) وتشديد شروط لمّ شمل العائلات وتغريم الإقامات غير النظامية وتحويل المساعدة الطبية التي توفّرها الدولة إلى الأجانب في أوضاع غير نظامية إلى "مساعدة طارئة حيوية".
كما أعرب الحزب اليميني المتطرّف عن نيّته منع مزدوجي الجنسية من شغل بعض "المناصب الحسّاسة"، لكن من دون إعادة النظر في مبدأ ازدواج الجنسية كما فعل في 2022.
العلاقات الدولية
تعدّ السياسة الخارجية لفرنسا من صلاحيات الرئيس عادة. لكنّ كلّاً من اليسار واليمين المتطرّف قدّم مقترحات في هذا الصدد.
وسعى التحالف اليساري إلى تخطّي الخلافات العميقة بين مكوّناته مندّدا في برنامجه بـ"المجازر الإرهابية" التي ارتكبتها حركة " حماس " ومتعهّدا مكافحة "الارتفاع الشديد المقلق" في "الأفعال العنصرية والمعادية للسامية والمناهضة للإسلام".
ودعا إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، بخلاف "التجمّع الوطني" الذي اعتبر رئيسه جوردان بارديلا أن خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تحاكي اليوم "اعترافا بالإرهاب".
وحرص بارديلا على تأكيد نيّته "عدم المساس بالتزامات فرنسا على الصعيد الدولي" في حال تعيينه رئيسا للوزراء. وكانت مارين لوبن الزعيمة السابقة للحزب وابنة مؤسسه تدعو في 2022 إلى الانسحاب من القيادة المركزية لحلف شمال الأطلسي.
كما تعهّد بارديلا التحلّي "بيقظة شديدة" إزاء "محاولات التدخّل الروسية"، مع تحديد "خطوط حمراء" في ما يخصّ إرسال جنود إلى أوكرانيا "أو صواريخ طويلة المدى أو معدّات عسكرية" من شأنها أن "تستهدف مباشرة المدن الروسية".
وتتعارض هذه المواقف مع تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون المؤيّد لاستخدام أسلحة غربية في أوكرانيا لـ"تعطيل" قواعد عسكرية روسية.
وفي نهاية حملة الانتخابات التشريعية، أعلنت مارين لوبن أن منصب "قائد الجيش" الذي يتولّاه رئيس الجمهورية هو مجرّد "صفة فخرية"، ما ينذر بعلاقة مشحونة مع ماكرون في حال فوز "التجمّع الوطني".
المعاشات التقاعدية والصحة
يقترح كلّ من اليمين المتطرّف والتحالف اليساري أن يبطل، في حال فوزه في الدورة الثانية من الانتخابات في 7 تموز/يوليو، التأمين على البطالة الذي أقرّته الحكومة والذي يشدّد شروط الأهلية ويقصّر مدّة التعويضات.
ومن الإصلاحات الأخرى المثيرة للجدل تلك التي تطال المعاشات التقاعدية والتي أخّرت سنّ التقاعد سنتين إلى 64 عاما، مثيرة استياء شعبيا شديدا وتباينا في أوساط البرلمانيين. وتريد كتلتا المعارضة العودة عن هذا القرار مع اقتراح اليسار إلغاءها والسعي إلى "هدف مشترك" هو التقاعد في الستين.
وأدلى جوردان بارديلا بتصريحات متضاربة في هذا الصدد، مؤكدا نيّتة اعتماد نظام لتقاعد في الثانية والستين مع آلية "تدريجية" لمزاولي المهن الطويلة تتيح تقاعدا في الستين لمن بدأوا العمل قبل سنّ العشرين وسدّدوا اشتراكات لأربعين سنة.
وتعهّد المعسكر الرئاسي من جهته ربط المعاشات التقاعدية بالتضخّم وإنشاء صندوق تعاضدي عام بيورو واحد في اليوم للمتقاعدين والطلاب وأصحاب المهن الحرّة والباحثين عن عمل.
ويريد "التجمّع الوطني" إعفاء الأطباء المتقاعدين الذين يعاودون العمل من الضريبة على عائدات النشاط المهني.
أما اليسار، فيعتزم تقديم تعويضات في حالات المساعدة على الإنجاب وللحمايات المستخدمة وقت الدورات الشهرية، فضلا عن منح عطلة خلال الدورة الشهرية.
التعليم
يؤيّد إيمانويل ماكرون حظر حمل الهاتف "قبل الحادية عشرة" واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي "قبل الخامسة عشرة"، في حين يدعو بارديلا إلى "سلطة مشدّدة" في المدارس، وخصوصا عبر حظر الهواتف المحمولة في المؤسسات التعليمية وفرض زيّ موحّد.
أما اليسار فيعتزم تطبيق "مجانية كاملة" في المدارس على نحو تدريجي، من المقاصف إلى الحافلات المدرسية، مرورا بالقرطاسية والأنشطة خارج إطار الدراسة.