حرب الرقائق الإلكترونية (أشباه الموصلات)!

طفا على سطح العلاقات الدولية صراع محتدم ومتنام بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، تحت غطاء "التجارة"، إلا أن الواقع أبعد من ذلك بمراحل!.

فالصراع في جوهره يدور حول امتلاك ناصية التفوق التكنولوجي، (خاصة في صناعتي أشباه الموصلات والاتصالات) الذي يُعد البوابة الرئيسة للهيمنة وحفظ الأمن القومي، فالصين عازمة على الانتقال من مرحلة اقتصاد الخدمات والعمالة الرخيصة إلى اقتصاد التصنيع، وبالتالي تغيير مفهوم "جُمع في الصين" كواقع حالي تدركه إلى ترسيخ "صنع في الصين 2025" كحقيقة مستقبلية..

بينما الجانب الأميركي يهمه أن تبقى أدوات التفوق التكنولوجي تحت سيطرته أو سيطرة ممن لا يخرجون عن إرادته؛ ليحافظ على سياسة القطب الأوحد في العالم.

تُعدُّ أشـباه المـــوصلات (Semiconductors) ومكوناتها من الرقائق الإلكترونية الحاملة للدائرة المتكاملة (IC) من أهم التقنيات في العالم المعاصر، حيث تمثل الأساس لصناعة الأجهزة الإلكترونية والتكنولوجية الرقمية بشكل عام..

تشهر أميركا أسلحتها الوقائية والحمائية بشكل أحادي تحت غطاء تجاري، وعبر مواد قانونية "كتحقيق 301" أو "ترتيب فسينار النيابي" للحيلولة دون تفوق الدول الأخرى عليها تكنولوجيا أو تهديد اقتصادها أو أمنها القومي.

في ثمانينيات القرن الماضي مرت اليابان بجولات من "تحقيق 301" الأميركي وقتها كان الاقتصاد الياباني يمثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وكان حجم مبيعات أشباه الموصلات لثلاث شركات يابانية هو الأكبر في العالم وكانت اليابان أكبر مصدر للسيارات والأجهزة الإلكترونية لأميركا وهذا الصعود الياباني قي مجال التصنيع والمنافسة السعرية أدى إلى إفلاس كثير من الشركات الأميركية في منطقة البحيرات الكبرى، حيث كان مقر صناعة التصنيع الأميركية..

ولولا قبول اليابان بتسوية قسرية تقتصر على وضع حد لصادراتها لأميركا وتخفيف أسواقها وسياساتها لصالح الشركات الأميركية، لطبق عليها عقوبات شاملة من "تحقيق 301" التجارية!.

ما واجهته اليابان في ثمانينيات القرن العشرين من تضييق أميركي تواجهه الصين حالياً.ولكن النتائج في الغالب ستكون مختلفة خاصة وأن الصين من الدول التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية وإمكانية مناورتها أوسع..

واجهت أكبر شركتين صينيتين تعملان في مجال صناعة التكنولوجيا والاتصالات (بما فيها أشباه الموصلات وشبكات 5G وحلول الاتصالات والمعلومات المتكاملة) وهما "ZTE" و"Huawei" سلسلة من العقوبات الأميركية وحظر التصدير للمنتجات الأميركية إليهما ورافق هذه الإجراءات توجيه حزمة حمائية أميركية متواترة على عديد من صادرات السلع الصينية بمئات المليارات من الدولار..

أدركت الصين أن تأخرها بركب صناعة "الرقائق الإلكترونية" مبكراً كان أحد العوامل الرئيسة للتحديات التي تواجه صناعتها التكنولوجية والرقمية حالياً وأن ما حصل لشركة "ZTE" عام 2018م ما هو إلا "لكمة" تعرضت لها في سباق مباراة التفوق التكنولوجي من الواجب أن تقويها إن أرادت كسر الهيمنة الأميركية!.

يقرأون الآن