وسط ترقب لما يمكن أن تسفر عنه محادثات كبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين مع المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في باريس، على صعيد نزع فتيل التوتر في الجنوب، فإن أجواء التصعيد المحموم في المناطق الحدودية، تثير الكثير من المخاوف، من إمكانية اقتراب الوضع من الانفجار الذي قد يأخذ الأمور إلى منزلقات في غاية الخطورة. بعدما بلغت التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله أوجّها، ما يشير برأي أوساط سياسية مراقبة، إلى أن لا عودة إلى الوراء، وأن خيار الحرب الواسعة بات الأكثر ترجيحاً، بعدما ضربت إسرائيل عرض الحائط كل النداءات التي تدعوها للتهدئة، بتأكيد قادتها أنه ليس أمامهم سوى الإصرار على القيام بهجوم بري ضد لبنان، لإبعاد حزب الله إلى شمال منطقة الليطاني، استناداً إلى ما ينص عليه القرار الدولي 1701 وفق ما ورد في "اللواء".
ورغم تزايد الحديث عن جهود أميركية وفرنسية، لخفض التصعيد، فإن استمرار الجبهة الجنوبية على عصفها المتصاعد، قصفاً وتدميراً من جانب جيش الاحتلال ضد القرى والبلدات اللبنانية، فإن مصادر دبلوماسية لا تخفي مخاوفها من تطورات غير محسوبة قد تشهدها الجبهة اللبنانية، إذا فشلت جهود التسوية، في ظل خشية حقيقية من اتساع نطاق المواجهات، في ظل محاولات إسرائيل الالتفاف على المساعي الدولية الآيلة إلى عدم تمدد الصراع، في مقابل إصرار حزب الله على ربط جبهة الجنوب بما يجري في غزة، بعدما سعى المستشار هوكشتاين أكثر من مرة للوصول إلى حل للوضع في الجنوب، لكنه لم يحصل على التزام من حزب الله بتنفيذ ما هو مطلوب منه. وهذا ما يزيد من منسوب القلق من تمدد الصراع.
ولا تخلو الرسائل التي يحملها معهم الموفدون الأجانب الذين يزورون لبنان، من تهديد واضح بأن لبنان سيدفع ثمن أي خطأ قد يرتكبه حزب الله، بتوريط لبنان في الحرب، رغم إشارتهم إلى أن كلاً من لبنان وإسرائيل لا يرغبان بالتصعيد، وفي ظل تشديد دولي على التمسك بالقرار 1701. في الوقت الذي يجزم مسؤولو حزب الله بأن أي اعتداء إسرائيلي على لبنان، سيواجه بردة فعل قاسية، لا تخطر على بال الاحتلال الذي سيجد نفسه في وضع للغاية في حال عمد إلى مهاجمة لبنان. لكن، ومع تجاوز المواجهات الميدانية على الحدود، قواعد الاشتباك المعمول بها بين حزب الله وإسرائيل، إلا أنه واستناداً إلى المعلومات فإن حزب الله، قد استعد تماماً لما هو آتٍ، وأنه يريد أن تدرك إسرائيل أنه قادر على فرض قواعد اشتباك جديدة، وما يمكن أن يستتبعها من مفاجآت.
وفي الوقت الذي علم أن سفراء المجموعة الخماسية، قد يعاودون تحركهم، توازياً مع عودة المشاورات العربية والدولية بشأن الملف الرئاسي، في إطار المساعي المبذولة من أجل تقريب وجهات النظر بشأن الانتخابات الرئاسية، في ظل معلومات عن أن موفداً قطرياً سيحط الرحال في بيروت في الأيام المقبلة، وستكون له مروحة لقاءات مع عدد من المسؤولين والقيادات السياسية، في وقت نقل زوار البطريرك بشارة الراعي تأكيده مجدداً، على ضرورة إنجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت، وفق نصوص الدستور، وليس من خلال اعتماد أعراف، لا تتوافق إطلاقاً مع مقتضيات النصوص الدستورية. وإذ أشاد البطريرك بالجهود المبذولة لتسهيل الانتخابات الرئاسية، من أجل تقريب المسافات بين المكونات السياسية. لكن بكركي على موقفها في التأكيد على أن البرلمان مدعو إلى القيام بواجبه في الاجتماع لانتخاب رئيس الجمهورية من بين الأسماء المرشحة.
وأكدت أوساط بكركي، أن البطريركية المارونية لا تدعم أحداً، بل أن ما يهمها بالدرجة الأولى، هو أن تجري عملية الانتخاب وفق الآلية الدستورية، وعلى دورات متعددة حتى يصار إلى انتخاب الرئيس العتيد، بصرف النظر عن هويته. لكن أن يتم اللجوء إلى خطوات لا ينص عليها الدستور في سياق العملية الانتخابية، فهذا ما ترفضه بكركي ولا يمكن أن تقبل به. وفي المقابل، شددت مصادر دبلوماسية على أن هنك أكثر من ضرورة لحصول توافق على انتخاب الرئيس في أسرع وقت، مشيرة إلى أنه باتت هناك قناعة لدى هذه القيادات، بأن انتخاب رئيس للجمهورية، يشكل نقطة تقاطع لدى جميع الأطراف.
إلى ذلك، وفي حين برز الدعم السعودي مجدداً، بتقديم مبلغ عشرة ملايين دولار من مركز الملك سلمان لتنفيذ عدد من المشروعات الحيوية، فإن مصادر خليجية، أكدت لـ"اللواء"، أن هذا الدعم تأكيد على أن المملكة العربية السعودية لن تتخلى عن لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها. لكنها أشارت في المقابل، إلى أن كل شيء معلق على الصعيد اللبناني، وما يتصل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بانتظار انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، باعتبار أن الاهتمامات مصوبة نحو ما يجري في المنطقة، وسط مخاوف جدية من اتساع رقعة الصراع وتمدده إلى الإقليم برمته.