دولي

تعهد الـ100 مليار دولار لمواجهة تغير المناخ.. وعود لم تتحقق

تعهد الـ100 مليار دولار لمواجهة تغير المناخ.. وعود لم تتحقق

صورة مرخصة على أنسبلاش بواسطة Markus Spiske

قبل نحو عقد، تعهّدت أغنى دول العالم بدفع مئة مليار دولار سنويا لمساعدة الدول النامية على الحد من التلوّث الكربوني، والتكيف مع التداعيات المناخية المدمّرة. لكن ذلك لم يتحقق، ما من شأنه أن يقوّض "قمة كوب 26" المقررة في غلاسكو باسكتلندا، والتي تنطلق بعد 3 أسابيع.

ففي العام 2009، بمؤتمر كوبنهاغن للمناخ، تعهدت الدول الغنية رفع قيمة المساعدة إلى دول الجنوب في مكافحة التغير المناخي إلى مئة مليار دولار سنويا بحلول العام 2020، للمساعدة على اتخاذ إجراءات التكيف وخفض الانبعاثات.

وبعد عشر سنوات على ذلك، لا تزال هذه الدول بعيدة عن تحقيق الهدف فلم تتجاوز المساعدة 79,6 مليار دولار العام 2019، وفق آخر الأرقام الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في سبتمبر الماضي.

وأعلنت الولايات المتحدة مضاعفة مساعدتها، لكن ذلك لن يسمح بردم الهوة المسجلة. وتجري كندا وألمانيا مشاورات لاقتراح خطة تمويل بحلول "كوب26" في غلاسكو.

والدول المتطورة هي المسؤولة الرئيسية عن انبعاثات الغازات الدفيئة، إذ أشار رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي تستضيف بلاده المؤتمر الدولي، إلى أن بلاده، رائدة الثورة الصناعية المستندة إلى مصادر الطاقة الأحفورية، "كانت الأولى التي بعثت في الأجواء دخانا خانقا أضر بمنظومة الطبيعة"، مضيفا: "ندرك أن الدول النامية تتطلع إلينا لمساعدتها وينبغي أن نتحمل مسؤولياتنا".

"رهانات كوب26"

وشدد سونام ب. وانغدي، رئيس مجموعة أقل الدول تطورا في تصريح حول مؤتمر غلاسكو على أن النقص في التمويل "يكبد كلفة بشرية وفي سبل المعيشة. الإيفاء بهذا التعهد الذي قطعته الدول المتطورة قبل عشر سنوات سيكون حاسما في إقامة الثقة وتسريع الاستجابة العالمية للتغير المناخي".

وأوضحت، باتريسيا إيسبينوسا، مسؤولة المناخ في الأمم المتحدة على هامش اجتماع تمهيدي في ميلانو أن تحقيق النجاح في غلاسكو يفترض وضع "برنامج يعكس توازنا عادلا" لكي تقبل به كل الأطراف.

وزادت أن "رسم أفق جيد (للمئة مليار دولار) سيرسي الثقة ويسمح لنا بالتقدم على صعيد مسائل أخرى".

ورأى ألدن ماير، من مجموعة الأبحات E3G "قد تعتمد دول الجنوب موقفا قاطعا أكثر من الماضي، وسيشكل برنامج تضامن موثوق عاملا أساسيا" للتقدم على صعيد المفاوضات.

ويطرح أندرياس سيبير من شبكة Climate Action Network التي تضم أكثر من 1500 منظمة غير حكومية تعنى بالمناخ، التحليل نفسه.

وأردف "إذا أراد مؤتمر كوب26 أن ينطلق على أسس جيدة يجب إثبات أن الدول المتطورة ستحترم وعدها وتتجاوزه".

مئة مليار...فقط؟

ويعتبر الكثير من الأطراف والخبراء أن مبلغ مئة مليار دولار لم يعد كافيا، في حين تتسارع تأثيرات الاحترار مع ازدياد الكوارث الطبيعية من جفاف وحرائق ضخمة وأعاصير وفيضانات...

ويبدو هذا المبلغ متواضعا مقارنة مع التريوليونات التي صرفت على خطط إنعاش الاقتصاد بعد جائحة كوفيد والتي غالبا ما تعرضت لانتقادات لعدم تضمنها الكثير من الإجراءات البيئية.

وأكدت مجموعة خبراء مستقلين في الأمم المتحدة في ديسمبر 2020 "بما أن الجائحة تسببت باستجابة سريعة وواسعة بهذا الحجم، فالعالم قادر بالتأكيد على إيجاد الإرادة للتحرك بالذهنية نفسها والسرعة نفسها لمواجهة الأزمة المناخية".

ورأى هؤلاء الخبراء أن "هدف المئة مليار دولار يجب أن يشكل منطلقا وليس سقفا".

ويقترح رئيس جزر المالديف السابق محمد نشيد سفير منتدى Climate Vulnerable Forum الذي يمثل مليار شخص في 48 دولة، توسيع مسألة التمويل لتشمل الدين السيادي.

وأوضح خلال إحاطة قبل فترة قصيرة "نحن نخضع لضغوط وقد نجد أنفسنا في ختامها من دون بلد. وإن لم نعد موجودين سيكون من الصعب علينا تسديد ديوننا. ولذا من المنطقي أن تدعو الدول الضعيفة اطرافها الدائنة إلى إعادة هيكلة دينها.. من خلال استبدال المستحقات بمشاريع تكيف مناخي".

رمز لانعدام المساواة

ويعكس مبلغ المئة مليار أيضا نقاشا أوسع بشأن "العدالة المناخية" وغالبا ما يشمل انعدام المساواة والعولمة على صعيد المناخ، وقد يشمل ذلك "خسائر وأضرارا" ومسؤوليات مالية محتملة أو توزيع تخفيضات الانبعاثات المقبلة.

فدول مثل الصين أو الهند التي تنتج عنها انبعاثات كبيرة، تفيد أنها لا تزال تحتاج إلى تعويض تخلفها التنموي، ويضاف إلى ذلك حركة الشباب التي تنتقد عدم تحرك الأجيال الحاكمة.

وتلخص الناشطة الأوغندية الشابة فانيسا ناكاتي (24 عاما) الوضع بقولها "يواجه السكان الذين يتحملون أقل قدر من المسؤولية في ارتفاع الانبعاثات، أسوأ مرحلة في أزمة مناخية راهنا".

الحرة/أ ف ب

يقرأون الآن