تهدف الألعاب الأولمبية إلى المساعدة في بناء عالم أفضل وأكثر سلاماً من خلال الرياضة، ولكن على مدار تاريخ دورة الألعاب الأولمبية الممتد على مدار 128 عامًا، شابت المنافسات الدولية التي تُقام كل 4 سنوات بعض الأزمات، ما أدّى إلى إلغاء بعضها ومقاطعة بعض البلدان للمشاركة في منافساتها.
وشهدت بعض النسخ على غرار أولمبياد 1936 في برلين، تهديد دول (مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة البريطانية) بالانسحاب، قبل أن تقرّر المشاركة، فيما أجبرت الحربان العالميتان الأولى والثانية على إلغاء ثلاث ألعاب أولمبية في أعوام 1916 و1940 و1944، كما تمّ حظر دول أخرى من المشاركة لأسباب متنوعة: ألمانيا واليابان في عام 1948 بسبب أدوارهما في الحرب العالمية الثانية، وجنوب أفريقيا بسبب العنصرية، وروسيا في عام 2020، بسبب فضيحة المنشطات.
ومع ذلك، قاطعت البلدان رسمياً الألعاب الأولمبية 6 مرّات، حيث رفضت 3 دول فقط المشاركة في عام 1964، وبقيت 65 دولة في ديارها في عام 1980. وفي ما يلي قائمة بالدول التي قاطعت الألعاب الأولمبية إلى جانب أسبابها:
1 - 1956
المدينة المضيفة: ملبورن (أستراليا)
الدول المقاطعة: الصين، مصر، العراق، لبنان، هولندا، إسبانيا وسويسرا
شهدت فترة استضافة أستراليا الأولى للأولمبياد أول مقاطعة أولمبية، حيث انسحبت العديد من الدول لأسباب سياسية مختلفة. فقبل أقل من شهر من حفل الافتتاح، غزا الاتحاد السوفياتي المجر لوقف الثورة المجرية ضدّ النظام الشيوعي؛ واحتجاجاً على ذلك، رفضت هولندا وإسبانيا وسويسرا المشاركة.
وفي الوقت نفسه، انسحبت جمهورية الصين الشعبية أيضاً، وأخيراً، قاطعت مصر والعراق ولبنان أولمبياد 1956 بسبب أزمة قناة السويس في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر للسيطرة على الممر المائي.
وعلى الرغم من مقاطعة الدول الأخرى للاتحاد السوفييتي، فقد شاركت المجر في الألعاب الأولمبية، وتلقّى رياضيوها الدعم من المشجعين، في حين واجه الرياضيون السوفييت صيحات الاستهجان.
2 - 1964
المدينة المضيفة: طوكيو (اليابان)
الدول المقاطعة: الصين وكوريا الشمالية وإندونيسيا
قرّرت الصين وكوريا الشمالية وإندونيسيا مقاطعة أول دورة ألعاب تُقام في دولة آسيوية، بعدما أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية أنها ستستبعد الرياضيين الذين تنافسوا في دورة ألعاب القوى الناشئة الجديدة التي أقيمت في جاكرتا عام 1963، والتي أنشئت كمسابقة هواة متعددة الجنسيات، وأرسلت الدول المقاطعة العديد من أفضل رياضييها إلى دورة ألعاب جاكرتا.
وكان هذا هو العام الأول الذي تمّ فيه منع جنوب أفريقيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية بسبب نظام الفصل العنصري، وهو الحظر الذي استمر حتى عام 1992.
3 - 1976
المدينة المضيفة: مونتريال (كندا)
الدول المقاطعة: أكثر من 20 دولة معظمها أفريقية وتايوان
عندما تحدّى فريق الرغبي الوطني النيوزيلندي الحظر الرياضي الدولي المفروض على جنوب أفريقيا، وقام بجولة في الدولة التي كانت تمارس نظام الفصل العنصري في وقت سابق من العام، أعلنت 28 دولة أفريقية، تشكّل أغلب القارة، مقاطعة الألعاب الأولمبية، التي كانت تسمح لنيوزيلندا بالمشاركة فيها.
وشارك في المقاطعة، بقيادة تنزانيا، أكثر من 400 رياضي، وفي إجراء منفصل، انسحبت تايوان من الألعاب، عندما رفضت كندا السماح لفريقها بالمنافسة تحت مظلة جمهورية الصين.
وقد أدّت هذه المقاطعة إلى استرداد مبالغ إجمالية بلغت مليون دولار كندي من أموال الفنادق والتذاكر، وقد أثّرت المقاطعة بشكل خاص على العديد من أحداث ألعاب القوى، حيث كانت دول مثل كينيا وتنزانيا من الفائزين بالميداليات بشكل متكرّر.
4 - 1980
المدينة المضيفة: موسكو (روسيا)
الدول المقاطعة: 65 دولة على رأسها الولايات المتحدة
احتجاجاً على الغزو السوفياتي لأفغانستان في 27 كانون الأول/ديسمبر 1979، رفضت أكثر من 60 دولة المشاركة في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في موسكو، وكان على رأسها الولايات المتحدة والرئيس جيمي كارتر، وشملت المقاطعة كندا واليابان والصين وألمانيا الغربية، بالإضافة إلى معظم الدول الإسلامية، فيما تنافس الرياضيون الأفغان على وجه الخصوص في الألعاب.
ولم تمنع بعض الدول الرياضيين من المنافسة كأفراد تحت العلم الأولمبي، وأسفرت المقاطعة عن تنافس 80 دولة فقط في الألعاب الأولمبية، وهو أقل عدد منذ عام 1956.
5 - 1984
المدينة المضيفة: لوس أنجلس (الولايات المتحدة)
الدول المقاطعة: 14 دولة، على رأسها الاتحاد السوفياتي
ورداً على مقاطعة الولايات المتحدة لألعاب موسكو قبل 4 سنوات، قاطعت 14 دولة، بقيادة الاتحاد السوفياتي ومنها ألمانيا الشرقية، الألعاب الأولمبية التي أقيمت في لوس أنجلس، وانضمت إليها أغلب دول الكتلة الشرقية.
وعلى الرغم من المقاطعة، تنافست 140 دولة في هذه النسخة، وهو رقم قياسي أولمبي، ومع خروج السوفييت من المنافسة، فازت الولايات المتحدة بسهولة بعدد كبير من الميداليات، منها 83 ميدالية ذهبية وهو رقم قياسي، وسجّلت الصين في أول دورة ألعاب صيفية تشارك فيها منذ عام 1952، 31 ميدالية إجمالية.
6 - 1988
المدينة المضيفة: سيول (كوريا الجنوبية)
الدول المقاطعة: كوبا، إثيوبيا، نيكاراغوا وكوريا الشمالية
في عام 1988، رفضت كوريا الشمالية المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في سيول، وذلك بسبب غضبها من عدم السماح لها بالاستضافة المشتركة للألعاب مع كوريا الجنوبية، وفي الوقت نفسه، قبل الاتحاد السوفياتي دعوة اللجنة الأولمبية الدولية للمشاركة في الألعاب، إلى جانب الصين ودول الكتلة الشرقية، ولم يتبق سوى كوبا وإثيوبيا ونيكاراغوا للانضمام إلى كوريا الشمالية في المقاطعة.
وفي ذلك الوقت، قال الرئيس الكوبي فيدل كاسترو لشبكة "إن بي سي نيوز": "إن إقامة الألعاب الأولمبية في سيول سيكون أشبه بإقامتها في قاعدة غوانتانامو البحرية التي تحتلها الولايات المتحدة، أتساءل عمّا إذا كانت الدول الاشتراكية قد رفضت الذهاب إلى (أولمبياد 1984) في لوس أنجلس لأسباب أمنية، فهل هناك بالفعل قدر أكبر من الأمن في سيول مقارنة بلوس أنجلس".
ولكن المقاطعات لم تمنع النسخة التي أقيمت عام 1988، لتسجيل رقم قياسي جديد من حيث عدد الدول (159) والرياضيين (8000) المشاركين، لكن دورة سيول شوّهتها بعض الفضائح، منها التقارير التي تحدثت عن إجبار السكان على ترك منازلهم واحتجاز المشرّدين في مرافق استعداداً للألعاب.