هل عادت

لعل تنظيم "داعش" من أشهر تنظيمات العنف والإرهاب الذي كَثُرت حول نشأته وأهدافه وتوقيت نشاطاته الأقاويل خاصّة أنّ التنظيم انتشر واشتهر بسرعة وفي ظروف دوليّة معقّدة، وما برحت ظروف انتشاره وحالات كمونه ثم ظهوره تثير أسئلة أكثر مما تقدّم أجوبة؟ وحيث إن التنظيم في زمن توهجه (2017-2014) وكذلك تنظيمات إرهابيّة مشابهة كانت تصوّر أعمالها العنيفة باسم الإسلام ومن أجل الإسلام فقد بادرت المملكة العربيّة السعوديّة في ديسمبر من عام 2015، بإعلان إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب (يضم الآن قرابة 42 دولة إسلاميّة عضواً) بهدف توحيد جهود الدول الإسلاميّة في مواجهة الإرهاب.​

وقبل ذلك تألّف تحالف دُوَليّ ضد "داعش" تحديدًا في أيلول/ سبتمبر 2014 بمشاركة دوليّة واسعة أوصلت أعضاء التحالف إلى 87 عضوًا بين دول على رأسها الولايات المتحدة الأميركيّة ومنظمات وهيئات دوليّة بينها منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وأعلن التحالف حينها أن هدفه الرئيس هو التصدّي لتنظيم داعش على كافة الجبهات، وبعد حوالي خمس سنوات (2019) من تشكيل هذا التحالف أُعلن عن اكتمال تحرير مناطق نفوذ داعش في سورية وقبلها في العراق مع نجاحات محدودة في دول الساحل (الأفريقي).

ولكن هل انتهى التنظيم فعلًا أم هو في مرحلة كمون ينتظر الفرص؟ الواقع أن التنظيم لا يزال نشطًا يتحرّك وَسَط المناطق الرخوة في الدول التي لا تمتلك إمكانات أمنية وعسكريّة كافية، وكذلك سيظلّ يبحث عن الدعاية والضجيج بعمليات هجوميّة في بعض الدول التي قد يراها البعض بمنأى عن الإرهاب. وما يؤكد هذا الواقع تحليل الحادثة الإرهابيّة المأساويّة التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها هذا الشهر (15 يوليو 2024) والتي استهدفت تجمّعاً للشيعة في مسجد علي بن أبي طالب بالقرب من مسقط، عاصمة سلطنة عُمان.

هذا الهجوم الذي أسفر عن مقتل 9 أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين لم يكن الأول هذا العام وربمّا لن يكون الأخير، إذ إن التنظيم أعلن مع مطلع عام 2024 تبنيه تفجيرين ضخمين قرب مقبرة مدينة كرمان جنوب إيران؛ نجم عنهما مقتل أكثر من 100 شخص، وفي آذار/ مارس من هذا العام (2024) وقع هجوم مدوٍّ تبنّاه التنظيم على صالة موسيقى في روسيّا وخلّف قرابة 150 قتيلًا. وفي الشهر ذاته أيضاً أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجوم على فِرْقَة من جيش النيجر ما أدّى إلى مقتل 30 جنديًا.

ولأن الظروف والمصالح الدوليّة غامضة ومتشابكة ولأن "داعش" فكرة ومعتقد غُواة وهُواة أكبر من التنظيم ذاته فسيظلّ لهذه الفكرة رواجها ومروّجيها باستغلال الظروف الجيوسياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة ولهذا ستظلّ أفريقيا (وبعض مناطق في آسيا) بؤراً نشطة لخلايا التنظيم حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا. والخلاصة أن "داعش" فكرة سامّة سريعة الانتشار مع رياح الفوضى وهي لم تغب حتى تعود.

مسارات..

قال ومضى:

الخلاف على (النهج) صواب وصحة، الإشكال أنّنا لم نتّفق يومًا على (المنهج).

الرياض

يقرأون الآن