تركت عدة نساء في إفريقيا بصمة على تاريخ مشرف وإنجازات مميزة في محيط صعب يطبعه العنف والجهل وتغذيه الصورة النمطية للمرأة، فلم تحصل غالبية النساء في إفريقيا على تعليم جيد ولم يتم تشجيعهن إلا نادرا لمواصلة حلمهن والوصول إلى المناصب وإكمال المسارات المهنية التي يستحقونها بل إن المحيط الاجتماعي كان يرغمهن أحيانا على دفع ثمن نشاطهن وطموحهن.
ورغم أن المرأة الإفريقية كانت الضحية الأولى للأزمات والفقر والأمراض إلا أنها ظلت تحارب من أجل الفوز بحياة أفضل وبفرص تعليم وعمل أكثر، فأحدثت ثورات وتغييرات في مجتمعها وتركت بصمات ذهبية في عدة مجالات في تاريخ إفريقيا والعالم.
قائدات وثائرات
إذا كان التاريخ القديم يحكي كيف أسرت كليوباترا بحكمتها العالم وحققت نهضة في الاقتصاد والحكم، فإن هناك نماذج أخرى مشرفة لكنها أقل شهرة لنساء نجحن في قيادة جماعات وخوض حروب في فترات غابرة، كأورا بوكو، ملكة قبيلة الباولي في القرن الثامن عشر التي وحدت مناطق بغرب إفريقيا تحت حكمها، والقائدة المحاربة سيه دونج هونغ بيه التي أسست جيشا من النساء منتصف القرن التاسع عشر لمحاربة تجارة الرقيق بإفريقيا، وتيتو بتول ملكة إمبراطورة إثيوبيا، وإلياء أسنتيوا ملكة غانا، والأخيرتان قاومتا الاستعمار في القرنين التاسع عشر والعشرين.
ورغم أن كتب التاريخ لم تذكر المرأة الإفريقية بكامل تفاصيل مجدها ومكانتها وأدوارها في هياكل السلطة والمجتمع إلا نادرا، ورغم أن النماذج النسائية المشهورة قليلة ومتباعدة لكن هذا لا ينفي أن هناك قائمة طويلة من النساء الإفريقيات اللاتي صنعن التاريخ منذ العصور القديمة، وتركن بصماتهن سواء في السلطة أو في الظل، فإضافة إلى الملكات والمقاومات، نجد المفكرات والشاعرات والرائدات الحقوقيات اللاتي ناضلن في مجتمعات منغلقة من أجل قضايا المرأة والوحدة الإفريقية، ومناهضة الاستعمار.
هنا نستعرض نماذج لأشهر النساء الإفريقيات التي لم تُسلط حولهن الأضواء كثيرا:
-إلين جونسون سيرليف: أول امرأة تتولى الرئاسة في إفريقيا لتفتح بذلك الباب أمام بنات جنسها من أجل الوصول إلى أعلى مناصب بالدولة لم تصل إليها المرأة في دول متقدمة كالولايات المتحدة، فبعد إلين التي كانت رئيسة ليبيريا من 2006 إلى 2018، تمكن (جويس باندا، وكاثرين سامبا بانزا، من الوصول إلى الرئاسة على التوالي في كل من أنغولا وإفريقيا الوسطى.
إلين جونسون شغلت منصب رئيسة جامعة هارفارد وكانت أستاذة للتاريخ ولها مؤلفات عديدة، كما أنها حصلت على جائزة نوبل للسلام لعام 2011.
-فاطمة الفهرية، التي أنفقت ثروتها خدمة للعلم والعلماء وأسست جامعة القرويين بمدينة فاس في المغرب عام 859م، التي تعد أول مؤسسة جامعية في العالم.
-تايتو بيتول، أميرة الحرب كانت ملكة إثيوبيا ولعبت دورا أساسيا في الانتصار الإثيوبي على الغزو الإيطالي عام 1896، أسست أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا ومقر الاتحاد الإفريقي حاليا.
-كيمبا فيتا، قائدة ثائرة من مملكة الكونغو، ناضلت من أجل إعادة توحيد بلادها التي كانت آنذاك فريسة للفوضى البرتغالية؛ تم القبض عليها وحُكم عليها بالإعدام وأُحرقت حتى الموت بأمر من الملك دوم بيدرو الرابع في 2 تموز/ يوليو 1706.
-فونميلايو رانسوم كوتي، واحدة من رموز النضال ضد الاستعمار في نيجيريا، كما أنها قادت في منتصف القرن العشرين معركة مثالية من أجل تحرير المرأة وتقرير مصيرها ليس فقط في نيجيريا بل في القارة كلها.
-هدى شعراوي، ناشطة نسوية ومناضلة قومية، أسست الاتحاد النسائي المصرى، ودافعت باستماثة عن قضايا المرأة وحقوقها.
-تانيلا بوني، الفيلسوفة والروائية والشاعرة الملهمة من ساحل العاج، أصدرت عدة مؤلفات تعالج موضوع العنف ومكانة المرأة الإفريقية.