بالصورة- بيت الملاكمة إيمان خليف

من قرية بيبان مصباح إلى وسط ولاية تيارت الجزائرية، 15 كيلومتراً كانت تقطعها الملاكمة إيمان خليف ذهاباً وإياباً في الحافلة أو مشياً على الأقدام.. المهم أن تصل إلى قاعة الرياضة، والأهم من ذلك أن تصل لتحقيق حلمها.

وتنقلت "العربية.نت" إلى هذه القرية البسيطة لتنقل مثالاً حياً عن قصة رياضية تفجرت موهبتها من رحم المعاناة، إذ نشأت في بيئة لا شيء يشجع فيها على ممارسة الرياضة بالنسبة لتلك الفتاة الصغيرة، فالمجتمع المحافظ لا يتقبل فكرة ممارسة البنات للرياضة، وقد لا يتخيل حتى أن يتعلق الأمر برياضة قتالية.

عن ذلك، قال عم إيمان، محمد خليف، لـ"العربية.نت"، وهو يلح علينا أن نزور بيته الملتصق بمحل الحدادة الذي يملكه: "الناس لا تتقبل فكرة أن تلاكم الفتاة، وحتى والدها لم يكن موافقاً، وكنا نتشاجر بشأنها، هو كان يريد أن يراها مثل أي امرأة من القرية، فتاة تنتظر عريساً وتتزوج، وأنا كنت أطلب منه أن يدعها تمارس هوايتها ورياضتها المفضلة".

أما الظروف المعيشية، فهي الأخرى كانت تسير ضد إيمان التي كبرت وسط ثلاث أخوات بنات وأخ واحد، إذ لم يكن للوالد مدخول كبير، وكانت الوالدة مريضة، ما أجبر بطلة الملاكمة على أن تشتغل مهناً بسيطة لإعانة أسرتها من جهة، ولتوفير أموال تمكنها من التنقل لممارسة رياضتها المفضلة وسط مدينة تيارت (276 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الجزائر).

واستحضر أحد جيرانها تلك المرحلة وهو يتحدث إلينا، فقال: "كنا نراها تلعب كرة القدم صغيرة، ثم صرنا لا نراها إلا ذاهبة أو عائدة من قاعة الرياضة، حتى إن أهلها كانوا أحياناً يتنقلون لمرافقتها عندما تتأخر مساءً".

وأضاف قائلاً: "كانت فتاة حيوية، تبيع الخبز التقليدي ومختلف المواد القابلة للتدوير، كل شيء كان يوحي بأنها ستحقق أشياء كثيرة".

"أختي أسعدت كل الشعب الجزائري"، قال الأخ الأصغر لإيمان وهو يرد على سؤالنا له "هل كنت فرحاً بأختك؟"، وأضاف قائلاً: "الآن الجميع فخور بأختي، كأنما صارت أخت كل جزائري". هذا ما لاحظه الطفل الذي لم يتعد سنه العاشرة، خلال الأيام الماضية، فقد رأى الجميع يعيش أجواء النزال الذي جمع إيمان في ربع نهائي بطولة الأولمبياد بنظيرتها المجرية لوكا آنا هاموري، مثلما لاحظ أن الفرح بالفوز كان القاسم المشترك للذين قدموا إلى بيتهم لمشاركتهم أجواء المباراة.

باقي الجيران استغلوا فرصة تواجدنا في الحي الذي نشأت فيه إيمان لنقل انشغالاتهم المعيشية من مطالب في التزويد بمياه الشرب، والنقل وغيرها، ولسان حالهم يقول: "وفروا لنا الإمكانيات وسننجب لكم عشرات الأبطال مثل إيمان".

يقرأون الآن