يُعد الغلوكوز، وهو أحد أشكال السكر، المصدر الرئيسي للطاقة لكل خلية في الجسم. ولأن الدماغ غني جداً بالخلايا العصبية، أو الخلايا العصبية، فهو العضو الأكثر طلباً للطاقة، حيث يستخدم نصف طاقة السكر في الجسم، ويستهلك الدماغ طاقة أكثر من أي عضو آخر في جسم الإنسان والغلوكوز هو المصدر الرئيسي للوقود. ولكن ماذا يحدث عندما يتعرض الدماغ لكمية مفرطة من السكريات في النظام الغذائي الأميركي المعتاد؟ في هذه الحالة، فإن المزيد ليس أفضل بالتأكيد.
على الرغم من أن الدماغ يحتاج إلى الغلوكوز، إلا أن الإفراط من هذا المصدر للطاقة يمكن أن يكون أمراً سيئاً. فقد أشارت دراسة أجريت عام 2012 من قبل باحثين في جامعة كاليفورنيا إلى وجود علاقة إيجابية بين استهلاك الفركتوز، وهو شكل آخر من أشكال السكر، وشيخوخة الخلايا، بينما ربطت دراسة أجريت عام 2009، باستخدام نموذج حيواني أيضاً، أجراها فريق من العلماء في جامعة مونتريال وكلية بوسطن، بين الاستهلاك الزائد للغلوكوز والقصور في الذاكرة والإدراك، وفقاً لما نشره موقع Harvard.edu.
من التأثيرات الخطيرة الأخرى للسكر على الدماغ تأثيره على المزاج، بما فيها ضعف المعالجة العاطفية، فلدى الشباب الأصحاء، تتعرض القدرة على معالجة المشاعر للخطر مع ارتفاع مستوى الغلوكوز في الدم، وفقاً لدراسة تصوير الدماغ.
ويمكن أن يساهم الالتهاب في الدماغ في زيادة صعوبات الذاكرة. فقد وجدت دراسة نُشرت في عام 2016 في مجلة "أبحاث الدماغ السلوكية" علامات التهابية في الحصين لدى الفئران التي تتغذى على نظام غذائي عالي السكر، ولكن ليس لدى تلك التي تتغذى على نظام غذائي عادي، لكن الخبر السار هو أن هذا الضرر الالتهابي الناتج من السكر قد لا يكون دائماً.
وجدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة Diabetes Care أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني أبلغوا عن زيادة الحزن والقلق أثناء ارتفاع سكر الدم الحاد. ووجدت دراسة أخرى ربطت بين السكر والاكتئاب - وهي تحليل للاستهلاك الغذائي والمزاج لدى 23,245 شخصاً مسجلين في دراسة وايتهول الثانية - أن ارتفاع معدلات استهلاك السكر يرتبط بزيادة الإصابة بالاكتئاب.
يضر أيضاً ارتفاع مستوى الغلوكوز في الدم بالأوعية الدموية، لأن تلف هذه الأخيرة هو السبب الرئيسي لمضاعفات الأوعية الدموية لمرض السكري، ما يؤدي إلى مشكلات أخرى، مثل تلف الأوعية الدموية في الدماغ والعينين، ما يسبب اعتلال الشبكية.
إدمان السكر حقيقي
هناك أربعة مكونات رئيسية للإدمان: الإفراط، والانسحاب، والرغبة الشديدة، والحساسية العرضية (فكرة أن مادة إدمانية واحدة تهيئ الشخص لأن يصبح مدمناً على مادة أخرى). وقد لوحظت جميع هذه المكونات في النماذج الحيوانية للإدمان، بالنسبة للسكر والمخدرات على حد سواء.
ويذكر تقرير نشر في موقع CNN أنه في علم الأعصاب، الطعام هو شيء نسميه "المكافأة الطبيعية". ولكي نتمكن من البقاء على قيد الحياة، يجب أن تكون أشياء مثل تناول الطعام وممارسة الجنس ورعاية الآخرين ممتعة للدماغ حتى يتم تعزيز هذه السلوكيات وتكرارها.
تحدد العلاقة بين النواة المتكئة وقشرة الفص الجبهي حركتنا الحركية، مثل اتخاذ قرار بتناول قضمة أخرى من كعكة الشوكولاتة اللذيذة أم لا. كما تنشط قشرة الفص الجبهي أيضاً الهرمونات التي تخبر أجسامنا "مرحباً، هذه الكعكة لذيذة حقاً. وسأتذكر ذلك في المستقبل".
وتماماً مثل المخدرات، يؤدي السكر إلى زيادة إفراز الدوبامين في النواة المتكئة. على المدى الطويل، يؤدي الاستهلاك المنتظم للسكر إلى تغيير التعبير الجيني وتوافر مستقبلات الدوبامين في كل من الدماغ المتوسط والقشرة الأمامية. كما أن الاستهلاك المنتظم للسكر يثبط عمل ناقل الدوبامين، وهو بروتين يضخ الدوبامين من المشبك العصبي ويعود إلى الخلية العصبية بعد إطلاقه.
باختصار، هذا يعني أن الوصول المتكرر إلى السكر بمرور الوقت يؤدي إلى إطالة فترة إشارات الدوبامين، وزيادة إثارة مسارات المكافأة في الدماغ، والحاجة إلى المزيد من السكر لتنشيط جميع مستقبلات الدوبامين في الدماغ الأوسط كما كان يحدث من قبل. ويصبح الدماغ متسامحاً مع السكر، ويحتاج إلى المزيد للحصول على "نشوة السكر" نفسها.
أشارت التقديرات إلى أن المواطن الأميركي العادي يستهلك 22 ملعقة صغيرة من السكر المضاف يومياً، أي ما يعادل 350 سعرة حرارية إضافية وربما ارتفع هذا الرقم منذ ذلك الحين. وقبل بضعة أشهر، اقترح أحد الخبراء أن البريطاني العادي يستهلك 238 ملعقة صغيرة من السكر كل أسبوع.
اليوم، ومع ازدياد أهمية الراحة في اختياراتنا للطعام أكثر من أي وقت مضى، يكاد يكون من المستحيل أن نجد أطعمة مصنعة ومجهزة لا تحتوي على سكريات مضافة للنكهة أو الحفظ أو كليهما. إن هذه السكريات المضافة مخادعة، ومن دون علم الكثير منا، أصبحنا مدمنين عليها. وبالطريقة التي تختطف بها عقاقير التعاطي، مثل النيكوتين والكوكايين والهيروين، مسار المكافأة في الدماغ وتجعل متعاطيها مدمنين، تشير الأدلة الكيميائية العصبية والسلوكية المتزايدة إلى أن السكر يسبب الإدمان بالطريقة نفسها أيضاً.