يدرك آموس هوكشتاين جيداً أن الكلام الذي يسمعه من المسؤولين اللبنانيين عن تنفيذ القرار ١٧٠١، لا قيمة له على الصعيد العملي، لأن الدولة غائبة عن منطقة القرار الأممي، ولا سلطة لها على المربع الحدودي، والمجاور للأراضي المحتلة، ودور الجيش في المواقع الأمامية يكاد يقتصر على الدوريات المشتركة مع قوات اليونيفيل، وتبقى السلطة على الأرض لحزب الله، ومؤسساته المدنية وبنيته العسكرية.
محادثاته في عين التينة مع الرئيس نبيه برّي، يعتبرها البعض، تفاوضاً غير مباشر مع حزب الله، لأن رئيس المجلس النيابي هو المحاور الشيعي الوحيد، بحكم علاقته الوثيقة مع قيادة الحزب، وبشكل خاص مع السيد حسن نصرالله، الأمين العام للحزب، وصاحب القرار الأول.
وأصبح هوكشتاين يملك من الخبرة في التعاطي مع السياسيين اللبنانيين، ما يجعله لا يعوّل كثيراً على المواقف الرسمية، التي غالباً ما تفتقد القدرة على التنفيذ، وتعوزها الإرادة اللازمة لمواجهة التحديات، والعزيمة على تجاوز العقبات والصعوبات.
لذلك إقتصر كلامه في زيارة الأمس على خطوات لتهدئة الجبهة المشتعلة في الجنوب، ووقف التصعيد الأخير، في إطار حرص واشنطن على عدم الإنزلاق إلى حرب مفتوحة، من شأنها أن تتحول إلى حرب إقليمية، ينال لبنان نصيبه منها، وهو في مثل هذه الظروف الصعبة التي يتخبط فيها، ستكون خسائره كبيرة، لأن الإسرائيليين لن يقتصروا عملياتهم على الجنوب، وقد تصل إلى بعض المرافق الحيوية.
غير أن الملفت في زيارة هوكشتاين أمس، طلبه عقد لقاء مع نواب المعارضة، وهي بادرة جديدة، وأولى من نوعها، في سجل زياراته السابقة للبنان، والتي كانت تقتصر على عقد إجتماعات مع المسؤولين الرسميين، مثل الرئيسين بري وميقاتي، ووزير الخارجية بوحبيب، واللواء عباس إبراهيم، عندما كان مديراً عاماً للأمن العام.
اللقاء مع ممثلي المعارضة يعني بشكل واضح، حرص أميركي على الإستماع إلى وجهة النظر الأخرى في البلد، على خلفية زيارة الوفد النيابي المعارض الذي زار واشنطن قبل أشهر، بمبادرة وتنسيق من النائب فؤاد مخزومي، الذي عقد يومها مع هوكشتاين إجتماعاً ثنائياً مطولاً في مكتبه بالبيت الأبيض، عرض فيه لمواقف المعارضة المطالبة بالإصلاح، وتطبيق القرار ١٧٠١، وتحييد البلد عن حروب المنطقة، حفاظاً على ما تبقّى من إستقرار في هذه الأزمة الإقتصادية التي يمر بها لبنان.
هوكشتاين جاء حاملاً تهديداً.. وعاد محملاً وعيداً بحسب "اللواء".