رغم أن المقابلة الإعلامية الأولى لكامالا هاريس منذ إعلان ترشحها للانتخابات الرئاسية الأميركية لم تتجاوز الـ 27 دقيقة، ورغم محاولاتها تجنب التورط في تصريحات تعرضها لهجوم، فقد جذبت المقابلة عليها وابلاً من التهكم والانتقاد على الجهة المقابلة لحزبها، بحسب ما أورد موقع "الخليج".
لغة الجسد
وعن لغة جسدها تساءل الإعلامي كولبي هول، «لماذا تبدو كامالا هاريس منحنية؟ إجاباتها قوية ولكن لغة جسدها غريبة عند النظر إلى الأسفل».
وقال الناشط أندرو باينو عبر منصة إكس: «سيحظى خبراء لغة الجسد بيوم ميداني من خلال مقابلة كامالا هاريس.. انعدام الثقة أمر مذهل! تستمر في النظر إلى الأسفل وبعيدًا بقدر كبير من الضعف»، كما أضاف أن التهرب من سجلها كنائبة للرئيس أمر مذهل أيضًا.
ورغم أن هاريس ووالز جلسا خلال المقابلة بطريقة جعلته يبدو ضعف طولها. لكن والز فهم مهمته الرئيسية، وهي «ألا تطغى على مرشحك الرئاسي». ومع ذلك، في الوقت الضئيل الذي قضاه في التحدث تمكن من الانحراف ثم التوجه إلى نقطة أوسع.
كما بدا والز في بعض الأحيان عاطفياً متأثراً خصوصاً عندما تحدث عن ابنه، في الوقت الذي قطبت هاريس جبينها تأثراً أيضاً، لكنه عندما تم الضغط عليه قليلاً راوغ في تقديم إجبات واضحة، على مدار الدقائق السبع التي تحدث فيها وهي ربع وقت المقابلة تقريباً.
وبدا والز سعيدًا لكونه الرجل الذي يجلس على الجانب، خارج الإطار مباشرةً، راضيًا تمامًا عن أن يتم تجاهله ولكنه سعيد أيضًا بتقديم المساعدة.
غصن الزيتون
وفي حين حاولت هاريس تقديم ما يشبه «غصون الزيتون» إلى المعسكر الجمهوري المنافس، عن طريق إعلان أنها ستضم في حال نجاحها عضواً جمهورياً إلى فريق إدارتها، فإن الكثيرين من منتقديها تجاهلوا ووجدوا الكثير من الحجج في المقابلة لاستخدامها ضدها، خصوصاً في الجزئيات التي ضغطت فيها مراسلة سي إن إن للحصول على إجابات من نائبة الرئيس.
وسخر رئيس تحرير موقع «واشنطن» ريبورتر ماثيو فولدي من أداء هاريس في المقابلة، قائلاً عبر حسابه بمنصة إكس: إن «كامالا هاريس تقدر تنوع الآراء كثيرًا، فقد اتخذت كل المواقف بشأن كل قضية بنفسها!»
أمّا ريان سافيدرا مراسل موقع ديلي واير، فقال «إن كامالا هاريس غير كفؤة للغاية لدرجة أنها تنهار تمامًا خلال مقابلة ودية. وهذا يكشف قيام حملتها بمنع ظهورها في المقابلات لمدة 40 يومًا تقريبًا.. إنها كارثة»، وفق موقع نيويورك بوست.
كما استغل فيفيك راماسوامي، المنافس الرئاسي السابق للحزب الجمهوري لعام 2024، تضارب مواقف هاريس من قضية «التكسير الهيدروليكي» لاستخراج الغاز، والتي يتهمها البعض بتلويث التربة.
وقال «في عام 2019، أكدت هاريس أنها ستحظر التكسير الهيدروليكي تمامًا. في الوقت الحاضر، تقول إنها لن تفعل ذلك ثم على شبكة سي إن إن، قالت إن موقفها بشأن حظر التكسير الهيدروليكي لم يتغير»، وأضاف: «يجب أن تكون واحدة على الأقل من هذه العبارات الثلاث خاطئة. هذه ليست نقطة حزبية، إنها مجرد منطق».
سخرية ترامب
وبالطبع لم يفوّت المرشح الجمهوري المنافس دونالد ترامب فرصة ظهور هاريس، ليشنّ هجوماً لاذعاً عليها. وقال ترامب «أتطلع بشدة إلى مناظرة الرفيقة كامالا هاريس وفضحها بسبب الاحتيال الذي تمارسه.. لقد غيرت هاريس كل موقف من مواقفها التي تبنّتها منذ فترة طويلة، في كل شيء»، ووصف المقابلة لاحقًا بأنها «مملة».
ومن المقرر أن يلتقي ترامب وهاريس في 10 سبتمبر في فيلادلفيا في مناظرة تستضيفها شبكة ABC News.
والمقابلة القصيرة التي أجرتها كامالا هاريس ونائبها تيم والز مع مذيعة سي إن إن دانا باش أجريت في وقت سابق الخميس، قبل بثها على الشبكة، وثارت تكهنات مع قصر مدتها إلى أنها على ما يبدو قد تعرضت للاجتزاء حتى لا تتورط هاريس في تصريحات تعود بالسلب عليها.
ورغم محاولات تميدي شبكة سي إن إن للمقابلة إلى ساعة من البث عن طريق عرض فواصل وفيديوهات من حملة هاريس الانتخابية، فإن الحوار الفعلي كان أقصر إذ لم يستغرق أكثر من 27 دقيقة، منها سبعة فقط لتيم والز.
نقاط الضعف
ورغم اعتماد المحاورة لهجة معتدلة إلى حد ما، فإنها لم تنجُ من هجوم الجمهوريين، بدعوى أنه كان يجب عليه ممارسة ضغط أكثر على نائبة الرئيس، ورغم ذلك فقد ضغطت عليها بالفعل في بعض الملفات، بحسب صحيفة ذا هيل.
ومن بين أبرز نقاط الضعف التي تعانيها هاريس هي ميلها إلى تغيير مواقفها، ما يثير شكوكاً أوسع حول أصالتها. لكنها حاولت الدفاع عن نفسها في المقابلة قائلة إن: «قيمي لم تتغير».
ولدعم هذه النقطة، أكدت أيضًا العناصر الأكثر تشددًا في سجلها السابق فيما يتعلق بالهجرة، متذكرة الوقت الذي كانت فيه مدعية عامة لولاية كاليفورنيا عندما حاكمت أعضاء العصابات المتهمين بالاتّجار بالبشر. ولكن عندما ضغطت المحاورة بقوة أكبر على التفاصيل، كانت لدى هاريس بعض اللحظات الأقل إثارة للإعجاب في المقابلة.
وبالمثل، عندما سئلت هاريس عما إذا كانت لا تزال تعتقد، كما أشارت خلال الانتخابات التمهيدية لعام 2020، أنه يجب إلغاء تجريم المعابر الحدودية غير المصرح بها، أجابت: «أعتقد أنه يجب أن تكون هناك عواقب». وبينما تجنبت هاريس إلى حد كبير اللهجة الدفاعية التي ميزت بعض المقابلات السابقة، فمن الصعب القول إن إجاباتها حازت إعجاب الكثير من المشككين.
مضاعفة الولاء لبايدن
ضاعفت هاريس في الغالب من ولائها للرئيس جو بايدن، إذ قالت إن التاريخ سيحكم على رئاسته بأنها «تحويلية» وأنه كان «غير أناني تمامًا» في العمل من أجل الشعب الأمريكي.
وفي نقطة أخرى، أضافت هاريس، في معرض إشادة «بذكاء» بايدن و«حكمته» و«تصرفاته»، وهو ما يشكك فيه غالبية الأمريكيين، وحتى حزبه بدليل إجباره على الانسحاب من سباق الانتخابات الرئاسية.
وعلى المستوى الإنساني، جاء أحد العناصر الأكثر إثارة للاهتمام في المقابلة عندما وصفت هاريس اتصال بايدن ليخبرها أنه سينهي محاولته إعادة انتخابه. وقالت هاريس إن عائلتها، بما في ذلك بنات أخيها الصغار، كانوا يقيمون معها، وكانوا قد تناولوا الفطائر للتو عندما اتصل بايدن. وقالت نائبة الرئيس إنها سألته إذا كان متأكداً من قراره، فأعاد التأكيد على ذلك.
وعندما سألتها باش عما إذا كانت طلبت تأييد بايدن في تلك المكالمة، أكدت هاريس أنه من الواضح أن الرئيس سيدعمها. وقالت: «فكرتي الأولى لم تكن تتعلق بي، بل كانت عنه».
المترددون
ومن المرجح أن يتم حسم الانتخابات الأمريكية من قبل مجموعة من الناخبين في سبع ولايات متأرجحة تقريباً، وتبذل هاريس قصارى جهدها لجعل نفسها خياراً قدر الإمكان لهؤلاء للناخبين في الوسط، وكذلك لهؤلاء الذين يميلون إلى الحزب الجمهوري ولكنّ لديهم شكوكاً بشأن الرئيس السابق ترامب.
وفي مقابلة الخميس، عندما سألتها باش عما إذا كانت ستعين جمهوريًا في حكومتها إذا تم انتخابها، قالت هاريس إنها ستفعل ذلك، رغم تأكيدها عدم وجود شخص معين في ذهنها. وأضافت: «أعتقد أن هذا مهم حقًا.. لقد أمضيت حياتي المهنية في الدعوة إلى تنوع الآراء».
وبالطبع، من الممكن تمامًا أن تجد هاريس، في حالة انتخابها بعض الأسباب المنطقية لعدم الحفاظ على هذا الالتزام الواضح.
والز يتهرب
أثار قرار حملة هاريس إجراء مقابلة مشتركة مع والز انتقادات، خاصة من المحافظين، الذين جادلوا بأنه كان ينبغي للمرشحة الرئاسية إجراء مقابلة فردية. ومع ذلك، هناك تاريخ طويل من إجراء كلا العضوين في التذكرة الرئاسية للحزب مقابلات معًا. وبشكل عام، لم يكن الأداء ممتازًا ولا سيئًا من المرشح لمنصب نائب الرئيس.
وسُئل حاكم ولاية مينيسوتا عن تعليق سابق عندما قال إنه حمل أسلحة «في الحرب» على الرغم من أنه لم يخدم فعليًا في القتال. وعرّج والز إلى حد ما حول هذه النقطة، مدعيًا أنني «أتحدث بصراحة» وأن الناس «يعرفون أين يوجد قلبي».