قبل أكثر من 28 عامًا، دارت معركة شرسة في منطقة السيدية جنوبي العاصمة بغداد، استمرت أكثر من عشر ساعات، حتى انتهت بقتل صهر رئيس الجمهورية السابق واشقائه ووالده وعدد من النساء والأطفال على يدّ أبناء عمومته إثر هروبه إلى الأردن وعودته بناءً على عفو رئاسي، لكن ما لبث أن انتهى الأمر بمجزرة لاتزال ذاكرة العراقيين تحتفظ ببعض فصولها.
السؤال الذي بقي لغزًا حتى الآن، هو أين دفنت جثامين حسين كامل وشقيقه صدام كامل وهما صهري رئيس الجمهورية السابق صدام حسين رغم مرور 28 سنة، في ظل معلومات شبه مؤكدة تقود إلى أنهما دفنا في قبرين مجهولين في مقبرة الشيخ محمد السكران على الحدود الإدارية بين بغداد وديالى.
أبو رؤوف، مزارع مُسن، من سكنة قرية قريبة من مقبرة السكران، قال في حديثٍ لـ"بغداد اليوم": "لازلت أتذكر جيدًا في ليلة باردة من شباط 1996، جاءت سيارة مظللة في منتصف الليل على غير العادة، إلى محيط المقبرة وسط انتشار أمني مفاجئ، رغم أن المنطقة هادئة جدًا وبقيت أكثر من ساعة ثمّ غادرت".
وأضاف أن "بعض التسريبات التي تناقلتها الألسن، تفيد بأن الموكب الأمني المجهول، كان يشرف على دفن جثمان حسين كامل وشقيقه، ولكن لم يكن بالإمكان طرح أي استفسار آنذاك، لأننا نتعامل مع دولة بوليسية".
أبو رؤوف أكمل فصول القصة بالقول: "بقيت لأيام قلق جدًّا من أن يكون أحد ما قد شاهدني أثناء عملية الدفن السرية، حتى أنني لم أفصح برؤيتي للموكب إلّا بعد أشهر طويلة لمن أثق بهم".
موسى عزيز، الذي يعمل حفارًا للقبور لأكثر من 15 سنة، قبل أن يترك العمل بسبب كبر سنه، قال: "بالفعل، هناك أكثر من تأكيد على أن حسين كامل دفن في مقبرة الشيخ محمد السكران، ولكن في قبر سري غير معلوم، ويبدو أن من قام بحفر القبر ليس من أهالي المنطقة، بل تمّ جلبهم من بغداد تحت جنح الظلام".
وأضاف أن "مقبرة الشيخ محمد السكران، تضم قبور العديد من القيادات السياسية والحكومية المعروفة في العراق، والمفارقة انها تضم عددًا ليس بالقليل ممن جرى إعدامهم في عهد النظام السابق، أي أن الجلاد والمظلوم معًا في نفس المقبرة".
وأشار الى أنه "رغم سقوط النظام منذ 21 عامًا، غير أن أحدًا لا يريد الحديث عن قصة دفن حسين كامل".
وحسين كامل الذي كان الذراع الأمني لصدام حسين ووزير التصنيع العسكري والمشرف على قوات النخبة في الجيش العراقي، صار انشقاقه من الأحداث البارزة التي حظيت بتغطية واسعة من الصحافة العربية والدولية على مدى أشهر امتدت بين عامي 1995 و1996 في غمرة الحصار الدولي المفروض على البلاد آنذاك.
وشكل هروب حسين كامل إلى الأردن، مفاجأة من العيار الثقيل "للنظام العراقي" ولعشيرة صدام حسين، كما يقول مراقبون الذين يرجعون أسباب هروبه وأخوته إلى الأردن لخلافات كبيرة بينه وبين عدي نجل الرئيس السابق صدام حسين.
وبعد محاولات عديدة فشل فيها حسين كامل في الحصول على دعم غربي لتغيير نظام الحكم في العراق أو مساعدته في الإنقلاب عليه، وبعد عرض صدام العفو عنه رسميًا مقابل العودة قرر العودة في 20 شباط/ فبراير 1996.