تواصل الحكومة المصرية جهودها لمواجهة الأعداد الضخمة من الـ"توك توك" التي تملأ شوارع القاهرة والمحافظات. ومؤخراً، أصدرت وزارة التجارة والصناعة قراراً يقضي بوقف استيراد المركبة والأجزاء الرئيسية المكونة لها، ما يشير إلى عزم الحكومة وضع نهاية لهذه "الجمهورية" التي انتشرت ونمت خلال عدة سنوات.
وكانت حكومة الدكتور أحمد نظيف هي أول من سمح باستيراد الـ "توك توك"، وكان ذلك لسبب أساسي تمثل في توفير فرص عمل للشباب. لكن مع مرور الوقت تحولت هذه الوسيلة إلى مصدر قلق للحكومة والمواطن. وبخلاف تداعيات انتشار الـ"توك توك" على سوق العمل وتسببه في نقص العمال، فقد تسبب في زيادة معدل الجريمة، حيث يجري استخدام هذه المركبة في العديد من الجرائم وخاصة السطو والسرقة والاغتصاب.
وعلى الرغم من إمكانية أن يكون لقرار الحكومة المصرية تأثيرات على هذه الشريحة الضخمة من أصحاب وسائقي الـ"توك توك"، لكنها في المقابل أعلنت استبدال هذه الوسيلة بسيارات الـ "ميني فان"، التي يسمح قانون المرور المصري بترخيصها، بخلاف الـ"توك توك" الذي لم تتمكن الحكومة من توفيق أوضاعه حتى الآن رغم مرور سنوات على تواجده في السوق المصري.
إهدار 84 مليار جنيه
يرى أستاذ وخبير الإدارة المحلية، الدكتور حمدي عرفة، أن وسيلة الـ"توك توك" أصبحت تشبه الاقتصاد الموازي، حيث يصل إجمالي دخل أصحاب هذه الوسيلة البالغ عددهم 3 ملايين سائق إلى 10.8 مليار جنيه شهرياً، لكن عدم ترخيصه وتوفيق أوضاعه كوسيلة مواصلات يتسبب في ضياع نحو 1.150 مليار جنيه، إضافة إلى إهدار مخالفات مرورية بقيمة 1.650 مليار جنيه سنوياً، وهذه المبالغ كان يجب أن تدخل الخزينة العامة للدولة.
وأوضح في حديثه لـ"العربية.نت"، أن هذه الوسيلة تسببت في إفراغ سوق العمل من العمال والحرفيين، لافتاً إلى وجود 9 محافظات مصرية تمتنع عن ترخيص هذه الوسيلة حتى الآن، خاصة وأن الدراسات تشير إلى أن 38% من سائقي الـ"توك توك" دون الـ 18 عاماً.
وقال إنه منذ وجود الـ"توك توك" في مصر أي منذ 14 عاماً، فقد تسبب عدم تقنين أوضاعه في إهدار 84 مليار جنيه كان من المفترض أن تدخل في الخزانة العامة، لكن عدم تقنين أوضاعها تسبب في أن تذهب كل هذه المبالغ إلى أصحابها والسائقين.
وشدد "عرفة" على ضرورة ترخيص تلك المركبات وتقنين أوضاعها حفاظا على حياة المواطنين وعدم بيع أي "توك توك" جديد إلا بعد ترخيصه من إدارات المرور وذلك من خلال خطة مشتركة بين قطاع المرور ووزارة التجارة والصناعة لإجبار المخالفين على الالتزام بالترخيص.
ارتباك "جي بي أوتو"
وعقب إصدار وزارة التجارة والصناعة لقرار وقف استيراد المكونات الأساسية لهذه المركبات، أعلنت شركة "جي بي أوتو"، أنها تبحث عن خطة بديلة خاصة وأن القرار يهدد قطاع الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات في الشركة.
وأعلنت الشركة أنها بدأت في صياغة استراتيجيات وحلول بديلة لتخفيف النقص المتوقع في الإيرادات. ولم تكشف الشركة عن عائدات قطاع السيارات ذات الثلاث عجلات في أحدث إعلان للنتائج المالية لها، لكنها قالت إنها - إلى جانب الدراجات النارية - حققت عائدات بقيمة 1.8 مليار جنيه خلال النصف الأول من عام 2021. ويمثل هذا ما يقرب من 16% من إجمالي إيراداتها المتعلقة بالسيارات خلال الفترة.
وباعت جي بي أوتو ما يقرب من 37 ألف دراجة ثلاثية العجلات في الفترة من يناير إلى يونيو، بزيادة 47% عن الفترة ذاتها من عام 2020 التي باعت خلالها نحو 30.6 ألف دراجة نارية.
لكن لدى "جي بي أوتو" من 3 إلى 6 أشهر من مخزون الـ"توك توك" الذي سيطرح في السوق، مما يمنحها مجالا لتخفيف التأثير بينما تبحث عن بدائل.
العربية