بعد إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، رسمياً مقتل عبدالله قرداش زعيم تنظيم "داعش" وخليفة زعيمه السابق أبو بكر البغدادي في غارةٍ جوّية بمنطقةٍ سوريّة تخضع لسيطرة تركيا وتقع بين محافظتي إدلب وحلب، بات السؤال الأبرز ما هو مستقبل التنظيم ومن سيكون الخليفة المحتمل لقرداش الذي قُتِل في منطقةٍ لا تُبعد سوى بضعة كيلومترات عن المكان الذي قُتِل فيه أبو بكر البغدادي أواخر شهر اكتوبر 2019.
وتعليقا على تلك العملية، شدد المحلل العسكري والأمني إحسان القيسون على أن مقتل زعيم داعش، سيكون له "تداعياتٍ سلبّية على المعنويات القتالية" لخلايا التنظيم النائمة التي تتحرك في سوريا والعراق خاصة، بأوامر قادتها المحليين، وليس بأوامر قادة الصف الأول للتنظيم"، على حدّ تعبّيره.
حراك الخلايا النائمة
وقال لـ "العربية.نت" إن "كل المجموعات المتجوّلة للتنظيم بين سوريا والعراق والمعروفة كخلايا نائمة باتت تنظيميات خيطية، أي أنها تقوم بشنّ هجماتٍ بأوامرٍ من قادتها المحليين دون وجود تواصل مباشر بينها وبين كبار قادة التنظيم، وبالتالي سيكون لمقتل قرادش تأثير معنوي على تحرّكات هذه الخلايا النائمة".
كما أضاف أن "داعش هو مصدر صريح للشرّ، وأن المنطقة ستعاني منه لعقود مقبلة والسبب في ذلك هو عدم معالجة أو القضاء على الأسباب التي أدت لانتشاره كالفساد والفقر والطائفية والتهميش والإقصاء، ولذلك لا يمكن القضاء عليه بمجرّد التخلص من زعيمه، فهو تنظيم عقائدي مسلّح وهو متطرّف فكرياً، ولهذا ينبغي مواجهته بحربٍ فكرية ضد الفساد والفقر والطائفية المقيتة".
جبار سلمان العيساوي
أما عن الخليفة المحتمل لقرداش، فقد أوضح المحلل العسكري والأمني أن "العيساوي" هو أبرز المرشّحين لقيادة التنظيم، لافتا إلى أن اسمه الكامل "جبار سلمان العيساوي"، من مواليد العام 1982 وينحدر من مدينة الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار.
كما أضاف أن التنظيم سمى سابقا خليفة محتملا يدعى هاشم الجريسي، إلا أن اسم العيساوي وهو من قادة الصف الأول للتنظيم يتردد حالياً".
بايع الزرقاوي
إلى ذلك أوضح أنه من الرعيل الأول الذي انتسب لتنظيم القاعدة في العام 2006، وكان قد بايع أبو مصعب الزرقاوي وشارك في معركة الفلوجة الثانية، لكنه لم يعلن مبايعته للبغدادي".
وأضاف أن "العيساوي هو أحد القيادات الميدانية البارزة المخوّلة لاستلام زعامة داعش ولأنه يُعرف بالعيساوي فهو ينتمي لعشيرة البو عيسى العربية التي تتواجد في محافظة الأنبار وأريافها، وكان قد تدرّب سابقاً على صناعة العبوات الناسفة وكيفية زرعها وتفجيرها على يد المدعو علي إسماعيل الكويتي".
إلى ذلك، قال "على الرغم من وجود أنباء أفادت بمقتله قبل سنوات، لكن المعلومات المتوفرة لدينا تفيد بأن ذلك غير صحيح وأنه نشط حتى الآن في صفوف التنظيم، ويُعرف أيضاً باسم أبو ياسر العيساوي وهو حريص بشكلٍ كبير على عدم الظهور حتى على المنصّات الإعلامية للتنظيم"، لكن رغم ذلك تتوافر لديه صورة واحدة نُشِرت على بعض المواقع الإخبارية.
خلاف محتمل
كما رجّح أن يندلع خلاف بين قادة الصف الأول لداعش في حال عدم إجماعهم على "العيساوي"، ما يعني انشقاقاً في صفوف التنظيم، بحسب المحلل العسكري والأمني الذي كشف أيضاً أن "مقاتلي داعش الآن ينتمون للرعيل الثالث والرابع وهم الذين يكونون الخلايا النائمة والمتنقلة، أما الرعيل الأول والثاني منهم فهم أولئك الذين ينتمون للهيئة الشرعية والإفتاء، ومن بينهم قضاة شرعيون، وهم المسؤولون عن توزيع الأموال وإدارة التنظيم وسير العمليات القتالية، ولذلك بات وجود الخليفة أمراً رمزياً".
"تأقلم مع خسارة زعمائه؟!"
بدوره، اتفق جاسم محمد مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات مع قيسون حول خسارة التنظيم المحتملة بعد مقتل زعيمه اليوم.
وقال لـ "العربية.نت" إن "مقتل قرداش بلا شك سيكون له تداعيات سلبية على هيكلية التنظيم، لكن المشكلة تكمن في أن الجماعات المتطرّفة خاصة داعش تأقلمت مع خسارة زعمائه".
كما أضاف أن "مقتل قرداش سيكون لها تداعيات عملياتية في فقدان مصادر التمويل والتجنيد، ولذلك سنكون أمام تراجع مؤقت للتنظيم قبل أن يعود لتعزيز قدراته رغم أن العملية التي نفذتها القوات الأميركية هي عملية نوعية وتمّ التخطيط لها، وتأتي بعد تراجع التحالف الدولي بعد هجوم داعش على الحسكة وسجن غويران، وهذا ما يمنح دعماً وتعزيزاً لمسألة محاربة التطرّف والإرهاب".
من جهته، اعتبر محلل عسكري وأمني آخر أن "مسألة من سيكون خليفة قرداش قد لا يعوّل عليها كثيراً من جهة تراجع نشاط التنظيم سيما، وأنه يعمل بنمط لا مركزي وبطريقة معقدة في الآونة الأخيرة"، حيث حصلت مواجهات مفاجئة دامت لأيام بين قوات سوريا الديمقراطية وعناصر من تنظيم "داعش" في سجن يقبع فيه الآلاف من مقاتلي التنظيم في محافظة الحسكة السورية.
ضرب العمود الفقري
وقال عامر السبايلة المحلل الأمني والعسكري لـ "العربية.نت" إن "الضربة التي وجهتها واشنطن لداعش والتي أدت لمقتل زعيمه، تريد منها توجيه رسالة مباشرة للتنظيم مضمونها هو قدرتها على استهدافه ومنعه من احتمال عودته وقدرته على التحرّك خاصة بعد ما جرى في سجن الحسكة، حيث كنا نشهد عودة للتنظيم بصورة مهمة ليس في سوريا وحدها فقط بل في العراق وأفغانستان أيضاً".
كما أضاف أن "هذه الضربة تستهدف التنظيم معنوياً وهي كذلك تهدف لمنعه من الانتقال بين مناطقٍ متعددة وتنفيذ عملياتٍ معقّدة، فمقتل قرادش يخدم فعليا واشنطن وحلفائها لاسيما أن داعش تعاظمت قوته، وعاد إلى المشهد بصورة قوية في الآونة الأخيرة، وبالتالي يمكن وصف العملية بضرب العمود الفقري للتنظيم خلال رحلة صعوده الجديدة، وهو ما يعني تعطيل هذه العودة، لكن بلا شك داعش اليوم يختلف عما كان عليه في السابق".
تنظيم لا مركزي
كذلك رجّح السبايلة ألا يكون هناك مشاكل لدى قادة التنظيم حول خليفة قرداش، فهو بات تنظيماً لا مركزياً في الفترات الماضية، لكنه قد يستغل الغارة الجوية التي قضت على زعيمه لمحاربة الولايات المخدة وحلفائها من خلال ما يطلق عليه (الجهاد) ضد أميركا وحلفائها".
يذكر أن قرداش كانت قتل ليل الأربعاء الخميس بعملية إنزال أميركية في بلدة أطما في إدلب شمال غربي سوريا. فقد عمد رأس داعش عند بداية العملية، إلى تفجير نفسه وزوجته بقنبلة، عند بدء العملية.
إلا أن الاشتباك بين عناصر التنظيم وأفراد القوة الأميركية الخاصة استمرت لاحقا ساعتين.
العربية