كتبت صحيفة "نداء الوطن" تقول: بمجرد تسلّم لبنان الرئاسة الدورية لمجلس جامعة الدول العربية أمس، سارع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى محاولة خطب ودّ العرب ومخاطبتهم على قاعدة "المصيبة تجمع"، منطلقاً من حقيقة أنّ الحرب الروسية - الأوكرانية وضعت الجميع "في قلب مخاض نظام عالمي جديد قيد الانبثاق"، ليناشد الدول العربية تحت سقف الحاجة إلى رأب الصدع وتوحيد الصفوف في مواجهة تداعيات هذه الحرب وتحدياتها، أن تبادر إلى "مساندة لبنان في عروبته ووحدته وحفظ رسالته وتجربته"، والتأسيس على "المبادرة الكويتية الطيّبة" لفتح باب الحوار و"تبادل الأفكار والهواجس بصراحة وشفافية"، مع تعويله في هذا المجال على أن يشكل الاجتماع التشاوري العربي المقبل في بيروت نافذة أمل تقود إلى عودة الاهتمام العربي بالوضع اللبناني.
وبينما آثرت وزارة الخارجية في المقابل، تجاهل كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، وأبت مصادرها التعليق على ما ساقه من اتهامات بحقها لجهة ائتمارها بأوامر السفارة الأميركية في عوكر والانصياع لإملاءاتها الشفهية و"المكتوبة"، نصحت مصادر ديبلوماسية في باريس المسؤولين اللبنانيين بأن "ينكبوا على معالجة مصائبهم بدل الاقتتال والانشغال بمصائب غيرهم، لأنّ التركيز الدولي منصبّ راهناً على مواجهة التحديات التي فرضتها الحرب الأوكرانية"، موضحةً لـ«نداء الوطن» أنه "تحت وطأة التداعيات الخطيرة لهذه الحرب اهتزّ بطبيعة الحال الاهتمام الفرنسي بالملف اللبناني فتراجع على سلم الأولويات لكنه لم يسقط كلياً من حسابات الإدارة الفرنسية، حيث لا يزال التواصل مستمراً مع المسؤولين اللبنانيين عبر المستشار الرئاسي باتريك دوريل لمواكبة أجندة الإصلاح الحكومي والتشريعي، مع التشديد في الوقت نفسه على الأهمية المحورية التي يشكلها الاستحقاق الانتخابي المرتقب في أيار، باعتباره مدخلاً إلزامياً لا مفرّ منه للتقيّد بالمواعيد الدستورية واحترام رغبة اللبنانيين في إعادة تكوين السلطة بعدما خذلتهم الطبقة الحاكمة".
ونوّهت المصادر بأنّ فرنسا، وبحكم ترؤسها للاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أوروبا "باتت أولوياتها الراهنة تحتّم عليها التركيز على سبل حماية الجبهة الأوروبية في مواجهة نيران الحرب الروسية على أوكرانيا"، لكنها أكدت أنّ "الاهتمام الفرنسي بلبنان ما زال قائماً ومستمراً وإن كان بوتيرة أخفّ نتيجة المستجدات الطارئة والمتسارعة على الساحة الدولية والتي كان السبب الأساس في فرض إرجاء زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إلى بيروت"، لافتةً إلى أنّ "هذه الزيارة لا تزال مدرجة على جدول أعمال لو دريان وقد يقوم بها في أي وقت مستقطع على أجندة انشغالاته الأوروبية والدولية"، من دون أن تستبعد أن "يكون ذلك في الفترة القريبة المقبلة".
وتزامناً، استرعى الانتباه إعلان السفير السابق نواف سلام أمس قراره عدم الترشح للانتخابات النيابية، واضعاً بذلك حداً لسيل التكهنات و"الإشاعات والاستنتاجات الخاطئة" التي واكبت إمكانية ترشحه، فشدد على أنّ همّه "كان ولا يزال أبعد" من السعي إلى "كرسي في البرلمان"، لافتاً إلى أنه يتطلع إلى "حشد كل الدعم للمرشحين الملتزمين قضية إصلاح الدولة واستعادة سيادتها"، لكنه أكد في المقابل على أنّ هذا الهدف "لا يجوز اختصاره بمحطة الانتخابات وحدها (...) لأنها تجري اليوم في ظروف لا تكافؤ حقيقياً للفرص فيها، وعلى أساس قانون هجين فصّله مهندسوه من أهل السلطة على قياس مصالحهم ولخدمة أهدافهم".
والأكيد أنّ هذا القرار كان قد سمعه الرئيس فؤاد السنيورة من سلام خلال زيارته باريس في الأيام الماضية، فعاد السنيورة إلى بيروت أمس ليستأنف مشاوراته الانتخابية مع مروحة من الأحزاب والشخصيات الحليفة على الساحتين المسيحية والدرزية، بالتوازي مع تفعيل لقاءاته مع عدد من المرشحين المحتملين على الساحة السنية، في سبيل حسم قرار ترشحه للانتخابات في بيروت.
وفي هذا الإطار، سرت خلال الساعات الأخيرة معطيات غير مؤكدة تفيد بأنّ السنيورة التقى خلال تواجده في العاصمة الفرنسية مسؤولاً في الاستخبارات السعودية بعيداً عن الأضواء. وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ"نداء الوطن" أنه لم يتسنّ لها التأكد بعد من حصول هذا اللقاء، غير أنها لم تستبعد إمكانية حصوله، معتبرةً أن "لا شي يمنع تواصل الرئيس السنيورة مع المسؤولين السعوديين وهو الأقرب راهناً لنيل مباركة المملكة لخوض الانتخابات على الساحة السنيّة، ربطاً بمواقفه الصلبة في مواجهة سطوة "حزب الله" ورفضاً للتوغل الإيراني في لبنان".
نداء الوطن