مجدداً، أقفلت الصيدليات أبوابها، رفعت الصوت عالياً لتوفير الدواء شبه المقطوع من معظم رفوفها، ما يضع صحة المواطن على المحك.
هي المرة الخامسة التي تدخل الصيدليات في مواجهة مباشرة مع وزارة الصحة وشركات الأدوية، فمخزونها من الدواء تبخّر، وقدرتها على شرائه باتت معدومة نتيجة فرق سعر الدولار بين 24 ألفاً و34 ألف ليرة، وبين السعرين طار الدواء.
اذاً، عادت أزمة الدواء الى الواجهة، هذه المرة تنذر بكارثة صحية خطيرة، ما لم تتدارك وزارة الصحة الامر. صيدليات النبطية اقفلت بمعظمها التزاماً بقرار الاقفال، فمخزونها من الدواء «صفر» ما يهدد الأمن الصحي للمواطن الذي ما زال يبحث عنه من دون جدوى رغم رفع الدعم.
تهدف الصيدليات من تحركها الى رفع الصوت وتشكيل لوبي ضاغط لتوفير الدواء بعدما وقع ضحية التجاذبات المالية وفرق العملة بين الوزارة والشركات المستوردة، فيما الصيدليات «أكلت الضرب» عبر بيعها الدواء وفق سعر الـ26 الف ليرة للدولار، واضطرارها إلى شرائه وفق سعر السوق السوداء، ما يهدد معظمها بالإفلاس وتاليا بانفجار الوضع الدوائي. ليست أزمة الدواء والصيدليات وليدة اللحظات، فهي من عمر أزمة لبنان الاقتصادية، وتسارع تفاقمها ليضع صحة المريض على المحك، حيث معظم بل اغلب الادوية مفقود، وبعضها متوفر بالقطعة فقط، فيما الشركات أوقفت الاستيراد ورفضت تسليم الصيدليات الدواء، الامر الذي يؤدي الى فلتان ملف الوضع الصحي، في ظل غياب سياسة صحية واضحة. حتى الدواء المدعوم تبخّر، وبات من الصعب على مرضى السكري والضغط والسرطان ومعظم الامراض المزمنة العثور على دوائهم بسهولة، بعضهم بدأ يلجأ لاستيراد الدواء من الخارج، والبعض يعتمد على معارفه في بلاد الغربة لتأمينه.
لم تجد الحاجة فاطمة دواء السكري الخاص بها، بحثت عنه في اغلب صيدليات النبطية من دون جدوى. لا يمكن للسيدة الستينية ان تتوقف عن تناوله وإلا ستتدهور صحتها، ولكن «ما باليد حيلة» تقول، وتأسف «لدخولنا زمن أن نشحد فيه دواءنا». عادة ما كانت الحاجة تخزّن دواءها، غير أنه في الاشهر الماضية بات توفيره بسهولة صعباً، لجأت الى البديل لتنقذ حياتها، غير ان البديل لا يكون متوفراً في اغلب الاحيان، ما يضع حياتها على المحك.
كثر خسروا أدويتهم بسبب سياسة الترقيع والتلزيق المتبعة في وزارة الصحة، ورغم رفع الدعم بقيت الازمة على حالها، لم تتحسن قيد انملة، ما يضع المريض والصيدلي في قلب الازمة، في حين تتقاذف وزارة الصحة وشركات الادوية المسؤولية.
دواء، حتى مخزوننا طار، وبالتالي ننتظر حلاً يفترض ان يكون سريعاً، الازمة اليوم اخطر من سابقاتها، ما لم تبادر الوزارة الى توقيع المؤشر الجديد للدواء، غير ان وزير الصحة يرفض توقيعه، ما يضعنا امام مأساة صحية خطيرة».
لماذا انفجرت سوق الدواء مجدداً؟ وهل تملك الوزارة الحل؟ وهل من خطة بديلة؟
يعيد الحاج سبب الازمة الى «الهوة الشاسعة في سعر الدواء بين مبيعه وشرائه، هذا عدا عن ان شركات الادوية توقف عملية الاستيراد مع كل هبة لدولار السوق السوداء، وهنا الطامة الكبرى التي لا تقل خطورة عن خسارة الدواء المدعوم الذي تعجز الدولة عن توفير الاعتمادات له وتحويلها للخارج».
في جعبة الوزارة قرار يقضي بتحويل 35 مليون دولار لوزارة الصحة من مصرف الاسكان، غير ان هذا القرار الذي من شأنه انقاذ الدواء والمرضى لم يدخل حيز التنفيذ بعد، ما يعني في حسابات الصيادلة اننا بتنا قاب قوسين أو ادنى من تدمير الصيدليات التي استنفدت كل مخزونها وفوق كل ذلك تقف بالمواجهة مع المريض الذي فقد دواءه وفقد ثقته بدولته.
الطابة اليوم في ملعب الوزارة، فإما ان تسجل هدفاً في صالح المريض وتبقي على دعم الأدوية وتجد تسوية مع الشركات او تتنصل من مسؤولياتها وحينها يصبح سعر الدواء «فلتان» من دون أي موانع.
رمال جوني - نداء الوطن