أمام تعقيدات الوضع الداخلي، بدأت عواصم القرار والدول الفاعلة تدرس جدياً سبل التحرّك لإنقاذ الإستحقاق الرئاسي لأنها تدرك عدم قدرة اللبنانيين على إنجاح استحقاق كهذا، وفي السياق، علمت «نداء الوطن» أن تواصلاً حصل أخيراً بين دوائر الإليزيه والدوائر الفاتيكانية حول ملفّ لبنان عموماً والملف الرئاسي خصوصاً، وتركّز البحث على ضرورة استمرار عمل المؤسسات الشرعية اللبنانية وعدم الجنوح نحو الفراغ القاتل.
ولم يُخفِ الفاتيكان شعوره بالخوف على مصير الإنتخابات الرئاسية، خصوصاً أن تجربتي 2007 عندما انتهت ولاية الرئيس إميل لحود، و2014 عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، غير مشجّعتين، وبالتالي هناك خوف حقيقي على تطيير هذا الإستحقاق وسط تزايد الكلام عن الطريقة التي ستنتهي فيها ولاية الرئيس ميشال عون.
ولا يريد الفاتيكان أن يكون التعطيل من بوابة الرئاسة مدخلاً لمؤتمر تأسيسي ينسف «إتفاق الطائف» ويقضي على المناصفة، خصوصاً أن الكرسي الرسولي متمسّك بصيغة التعايش المسيحي – الإسلامي ولا يريد أن يخسر مسيحيو الشرق مركزهم الأول في لبنان.
وإذا كان الكرسي الرسولي سيفعل كل ما بوسعه لمنع الفراغ الرئاسي، إلا أن قنوات التواصل ستبقى مفتوحة مع الإليزيه لمتابعة ملف الإنتخابات الرئاسية، وسيرتفع مستوى التنسيق في الأسابيع والأشهر المقبلة قبل الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتنتظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة شاقة في لبنان، وقد تكون أصعب من زيارته بيروت بعد انفجار المرفأ وطرح تأليف حكومة اختصاصيين مستقلّة، فالرئيس الفرنسي لا ينظر بعين الراحة للقوى السياسية ويعلم كيف تتحايل على كل المبادرات وعلى رأسها المبادرة الفرنسية الأخيرة، التي كانت كفيلة بإخراج لبنان من أزمته الإقتصادية والسياسية التي تعصف به.
ولا تملك باريس حتى الساعة مبادرة كاملة تتعلّق بالإستحقاق الرئاسي، لكنها ستركّز في الفترة المقبلة على العناوين العريضة التي تردّدها دائماً وهي ضرورة تأليف حكومة وانتخاب رئيس جمهورية ومنع الفراغ والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة لكي يحصل لبنان على المساعدات، وهذه العناوين تسبق الدخول الفرنسي في التفاصيل والأسماء.