آثار ديناصورات في لبنان...

نصر كبير للعلم والإرث الطبيعي يسجل في لبنان، بمواجهة مخطط لشق طريق خاص بعد كشف علمي كبير، عبارة عن آثار خطوات ديناصورات في منطقة على الحدود بين بلدتي غوسطا وبطحة في قضاء كسروان (محافظة جبل لبنان)، بعد قرار لوزارة الثقافة اعتبر فيه أن المنطقة محمية جيولوجية إثر كتاب وجه لها من الجمعية اللبنانية لدراسة الأحفوريات والتطور.

وقال البروفسور داني عازار لموقعنا "زوايا ميديا": "هو نصر يسجل للعلم والإرث الطبيعي على الهجمة العمرانية الهمجية والطمع البشري الذي يدمر بلادنا، وهو نصر لبلدتي غوسطا وبطحا ولبنان، فقد صدرت قرارات من وزارة الثقافة بحماية الموقع الذي يقع على الحدود بين بلدتي غوسطا وبطحا، والذي يحتوي آثارا لخطوات ديناصورات، وذلك لطلب من أحد المتمولين بشق طريق وسط هذه الآثار التي لا تقدر بثمن، وذلك إثر تقديم الجمعية التي أتشرف بترؤسها للوزارة، بإعداد ملف كامل ورسائل دعم من متاحف عالمية وتوصيات عالمية من زملاء من فرنسا ودول أخرى لوقف المشروع، وبهدف حماية هذا الموقع الأثري الهام، وقد بادرت الوزارة بإرسال فريق علمي، حيث قامت الخبيرة تانيا زافين وفريقها من المديرية العامة للآثار التابعة لوزارة الثقافة بالكشف على الموقع المذكور، وبدورها قامت الوزارة بإرسال كتب عدة منها إلى محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، والمحامي الياس قهواتي وإلى رئيسي بلدتي غوسطا وبطحة بهدف حماية الموقع".

وأشار عازار إلى أن "اللافت هو غيرة أصحاب الأرض الخاصة التي تحوي هذه الآثار الهامة حيث اتصلوا فينا ليبلغونا أن أحدهم رفع دعوة حق مرور عبر هذه القطعة التي تحوي اثر اقدام الديناصورات التي سبق لنا أن نشرنا مقالة علمية عنها، وهذه الآثار كافية لمنع اي اعتداء على الموقع الذي اكتشفه الدكتور ريمون جاز في العام 2010، الذي اكتشف القسم السفلي منه على مقربة من الطريق، ليكتشف فريقنا العلمي الجزء العلوي منه بعد ذلك بحوالي أسبوعين، وبعد دراسات وكشف ميداني، نشرنا الدراسة في العام 2016، ومنذ حوالي السنتين اتصل بي السيد بشير المير، وهو أحد السكان في أحد العقارات الثلاثة الذي يحتوي على آثار الأقدام، بأن أحد الأشخاص الذي لديه عقارا خلف هذا الموقع، قد رفع دعوى بهدف الحصول على حق مرور عبر موقع الآثار، وذلك لمحاولة وقف الأعمال وحماية وإنقاذ الموقع، علما أن أهالي المنطقة والمباني المجاورة فخورين للغاية بوجود هذه الآثار على مقربة منهم، ويحاولون المحافظة عليها وهو أمر إيجابي للغاية".

وتابع: "بدوري تواصلت بالسيد فادي بعينو من مديرية الآثار الذي أوصلني إلى مسؤولة المنطقة في كسروان زافين، والتي بادرت على الفور بالحضور ومعاينة الموقع، وبعد إحضار الإفادات العقارية والأوراق القانونية اللازمة كما وتواصلت مع مدير عام وزارة البيئة بيرج هاتجيان والذي تجاوب للغاية مع القضية وتواصل مع الجهات القضائية المسؤولة، وقد اتصل بي المحامي الياس قهواتي الذي وكله السكان بالدفاع عن الموقع وهو كان قد قدم كتب للوزارات المعنية أي الثقافة والبيئة".

واعتبر أن "هذا النصر ليس للبنان فحسب، فعلى الرغم من أنه موجود على أرض لبنانية لكنه للعالم كله، فكل ما يدل على تاريخ الكرة الأرضية هو حق عام لجميع سكان الكرة الأرضية، وكونها موجودة على أرضنا فهو واجب علينا حمايتها".

وعن هذه الآثار أوضح عازار أنها "تعود إلى ثلاث عائلات من الديناصورات وهي  Sauropods، وهي ديناصورات نباتية تسير على أربع قوائم، أما  Theropods فكانت لحومة وتسير على قائمتين، أما   Ornithopodsفكانت لحومة وتسير أيضا على قائمتين، وجميعها كانت موجودة في المنطقة، من فترة تعود إلى 125 مليون عام من العصر الجزيني، حيث يحتوي مسار الديناصورات في بطحا - غوسطا على بيانات علمية قيمة لا تقدر بثمن، عن البيئة القديمة التي كانت شاطئا على حافة بحيرة شاطئة تطل على محيط تيثس Tethys (سلف البحر الأبيض المتوسط)، حيث يعد هذا المسار فريدا من نوعه نظرا لقدمه والمعلومات البيئية والتنوع البيولوجي الموغل في القدم لجهة أنواع الديناصورات التي كانت موجودة فيه، ويشكل تراثا علميا حفريا عالميا وإنسانيا، يستحق المحافظة عليه".

ولفت عازار إلى أن "تصنيف هذه الفترة والطبقات الجيولوجية إلى الفترة الجزينية هو بحث ضمن رسالة الدكتوراة للدكتورة سيبيل مقصود التي هي زوجتي، وقد تم اعتماده عالميا، وهو تصنيف خاص بلبنان" ، وأضاف: "أما بالنسبة للبيئة التي عاشت فيها هذه الديناصورات فهي بحيرة شاطئة أو Lagoon، وعلى محيط تيثس الذي يعتبر البحر الأبيض المتوسط من بقاياه، وكان موقع لبنان ينتمي إلى خط الإستواء وكان إلى الجنوب من الآن، وكان على طرف قارة غوندوانا وكان مسارا وممرا للديناصورات".

وعن سؤاله عن وجود عظام للديناصورات أجاب عازار: "لا تسمح هذه الطبقة الجيولوجية التي كانت تحت المياه بوجود العظام التي تتحلل بفعل المياه كونها كانت مغمورة بالمياه، بينما وجدنا عظاما وأسنانا للديناصورات في مناطق أخرى من لبنان منها منطقة بسكنتا وميروبا، وللأسف في ميروبا اختفى الموقع بسبب الطمع البشري بسبب وجود كسارات هناك، ووجدنا أسنانا للديناصورات في منطقة جوار السوس في بكاسين في جزين، وينتمي لديناصور يعتبر أكبر الديناصورات التي عاشت على الكرة الأرضية حيث كان طوله 12 مترا ويصل وزنه إلى حوالي 100 طنا".

وأضاف: "لدينا اكتشافات جديدة وهامة، لن أذكر الموقع أو الإكتشاف العلمي لأنها لا زالت قيد الدراسة، وهو موقع مهم للديناصورات ولو أنه في موقع أحدث من مكان آثار الأقدام، حيث يصل عمره إلى 100 مليون عام، وبهدف حماية هذا الموقع، وقبل أن تصل إليه أيادي التخريب، وهو ما نخشاه دوما، لأن الكثير من الناس ينظرون إلى أي من هذه الإكتشافات من زاوية الربح المادي فقط، علما أن هذا يؤذي البيئة والوطن والعالم، كون عدم دراسة هذه المواقع وفي بيئتها لا يشكل لها أي قيمة علمية، علما أنها ثروة للتراث العلمي والعالمي وعلى المستوى الوطني والعالمي، وهو ما تم تحقيقه بالأمس بحماية هذا الموقع من التخريب بإقامة طريق عبره".

وأمل بأن يتمكن الباحثون من لبنان والعالم من "حماية هذه المواقع التي تشكل جزءا من التاريخ والتطور العلمي العالمي، فبلادنا زاخرة بهذه الثروات، وأن نكون على موقع المسؤولية بالمحافظة عليها، وخصوصا الجهات المعنية المسؤولة من وزارات ومحامين ومختصين وفريق وزارة البيئة والثقافة، والمحامين وسكان البلدتين وأعضاء المجالس البلدية فيها".

يقرأون الآن