لم يطلب الأستاذ الجامعي من مدرسة الراهبات في النبطية أكثر من إعطائه المعدّل العام لابنه، للتأكد من إعفائه من امتحان الدخول «المدفوع» في المدرسة الخاصة الأخرى التي سينتقل إليها، إلا أن رفض إدارة المدرسة كان بالمرصاد، إذ اشترطت تسديد كامل القسط والزيادة بالدولار الأميركي قبل الإفصاح عن أيّ معطى في الملف. «انتزعنا المعلومة بعد جهد جهيد وبشقّ النفس»، كما يقول، علماً أنه تعهّد للمدرسة بأنّه لن يهرب وسيدفع متوجّباته بعد الحصول على المنحة التعليمية في بداية تموز، وهذا كان دأبه دائماً، كما يقول، وهو، في الواقع، حال معظم موظفي القطاع العام الذين غالباً ما يعتمدون على المنحة لتسديد الدفعة الثالثة من القسط المدرسي.
الأولاد وقود النزاع
لا تتوقّف إدارات بعض المدارس الخاصة عن استخدام التلامذة وقوداً في «الحرب» المفتوحة مع أهاليهم، بما يخالف المادة 10، الفقرة ب من القانون 515/1996 (قانون تنظيم الموازنة المدرسية) التي تحمي الأولاد من أيّ نزاع قد ينشأ مع المدرسة. في السابق، لم تتوانَ مدارس «عريقة» عن حجب الإفادات المدرسية و«احتجاز» الصغار وعزلهم في قاعات مغلقة بسبب اعتراض أولياء أمورهم على الزيادات العشوائية وغير المبرّرة على الأقساط المدرسية. وليس آخر التهديدات شطب أسماء التلامذة الذين يتأخرون عن دفع بدعة «المساعدة المالية» الإلزامية بالـ«فريش دولار» من قائمة الأجندة الـ«أونلاين» حيث تُدرج الدروس والفروض المنزلية.
العلامات للميسورين فقط
أخيراً، أبلغت إدارة مدرسة دير مار شربل الجية الأهالي، في رسالة نصية، بأن «بطاقة العلامات سوف تصلهم على برنامج Eduflag فقط للعائلات التي سدّدت كامل القسط السنوي عن العام الدراسي 2021 - 2022، صباح الخميس 30 حزيران لقسم الروضات، وصباح يوم الإثنين 4 تموز لباقي الأقسام. أما الذين لم يسدّدوا، فيُطلب إليهم الحضور إلى المدرسة لمراجعة الإدارة». ليست المرة الأولى التي تحجب فيها المدرسة العلامات عن التلامذة الذين لم يسدّد ذووهم الأقساط، كما تقول مصادر لجنة الأهل، إذ سبق أن فعلت ذلك في الفصل الثاني، ودخل مدير القسم الابتدائي الصفوف، ليقول للتلامذة: «من لم يحصل على بطاقة العلامات هو من لم يسدّد أهله القسط، وقد عاد الأطفال إلى منازلهم والدموع في عيونهم». وأشارت المصادر إلى أن لجنة الأهل لم توافق على موازنة العام الدراسي الأخير 2021 ـــ 2022 وقدّمت اعتراضاً عليها في مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية، وكل ما تتحدّث فيه إدارة المدرسة عن زيادات على القسط بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي هو غير قانوني. ولفتت المصادر إلى أن الإدارة تحاول أن تستميل بعض أعضاء لجنة الأهل إلى جانبها عبر إعطائهم حسومات وتسهيلات في الدفع.
رفضت إحدى الأمهات، وهي عضو في لجنة الأهل في مدرسة الليسيه عبد القادر، الإدلاء بأيّ موقف بشأن احتجاز الإفادات الذي تحدّث عنه عدد من أولياء الأمور، مكتفية بالقول إن المسائل تُحلّ بين الإدارة وكل وليّ أمر على حدة، وإنها شخصياً تتابع قضية أبنائها مع المدرسة مباشرة وعبر القنوات الرسمية وليس هناك ما يمكن أن تدلي به إلى الإعلام.
أما رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى الزين الطويل، فأكدت «أن ما تقوم به بعض إدارات المدارس الخاصة مرفوض جملةً وتفصيلاً، فالتجاوزات غير القانونية، إن لجهة دولرة الأقساط أو حجب أوراق العلامات والإفادات عن الطلاب هي هرطقة لا تمتّ إلى الأخلاق التربوية بصلة، ويتحمل مسؤوليتها كلّ المعنيين»، إذ طالبت وزير التربية، عباس الحلبي، «باتخاذ كل الإجراءات لحماية أطفالنا». كما دعت جميع الأهالي ممن يتعرّض أولادهم لهذا الظلم أن يتقدموا بشكوى إلى مصلحة التعليم الخاص، وأن يتواصلوا مع الاتحاد للمتابعة.
«اتركونا نأخذ نفساً»
«هي وسيلة موجعة تضطر إدارات المدارس لاستخدامها، بعدما تُركت لمصيرها تواجه الأزمة وحدها بلا دولة أو قانون يحميها»، هذا ما قاله الأمين العام للمدارس الإنجيلية، نبيل القسطا، لافتاً إلى أن المدارس تختنق وتصارع للاستمرار، وفيما تحاول أن تأخذ «نفساً» لمواصلة تأمين الخدمة التربوية، تُشنّ حملة واسعة ضدها على خلفية فرض 200 أو 400 دولار. وقال إن كلفة المازوت وحدها في المدارس الإنجيلية بلغت 110 آلاف دولار «على الورقة والقلم»، فيما قدّمنا وغيرنا من المدارس الكثير من التسهيلات للعائلات. ولدى سؤال القسطا عن أن المادة 10 من القانون 515 تمنع المدارس من استخدام التلامذة وقوداً في النزاع، سأل: «فهل هذه المادة تفرج عن 10 آلاف دولار لنا في البنك؟». وأضاف: «دعونا نقطع هذه المرحلة بسلام وأن نتفاهم مع الأهل بصدق وشفافية. فهذه آخر خرطوشة».
حلول مصلحة التعليم الخاص
رئيس مصلحة التعليم الخاص، المدير العام للتربية، عماد الأشقر، حذّر، في اتصال مع «الأخبار» إدارات المدارس من أخذ الطلاب رهائن، مشيراً إلى أنه ليس هناك مسوّغ قانوني يسمح بزيادة الأقساط بالدولار الأميركي. وقال إن المصلحة ستكون ملزمة بتسهيل انتقال التلامذة من مدرسة خاصة إلى أخرى يختارها وليّ الأمر، في حال حجز الإفادة أو العلامات، بما يخالف أحكام المادة 10 التي تمنع إدارة المدرسة من استخدام الأولاد في النزاع مع الأهل.
فاتن الحاج - الأخبار