كثّف الرئيس الأميركي، جو بايدن، غداة وصوله إلى إسرائيل، محادثاته مع القادة الإسرائيليين، وبحث معهم الملفات الساخنة، كما تم التوقيع على "إعلان القدس" الذي رسّخ التعاون بين الولايات المتحدة والدولة العبرية.
واجتمع بايدن في اليوم الثاني لوصوله إلى إسرائيل، برئيس حكومة تصريف الأعمال الجديد، يائير لابيد، وانتهى اللقاء بتوقيع الطرفين على "الإعلان الأميركي ـ الإسرائيلي.
جددت الولايات المتحدة خلال توقيع الإعلان الأميركي الإسرائيلي التزامها بأمن إسرائيل وقوة ردعها. كما أكد الإعلان التزام واشنطن بردع التهديدات الإيرانية النووية وعدم السماح لطهران بامتلاك سلاح نووي. وأشار الإعلان الأميركي - الإسرائيلي، في ذات الصدد إلى أن واشنطن ستستخدم قوتها لضمان عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً. كما أوضح الإعلان إلى أن واشنطن ملتزمة بالعمل مع الشركاء لمواجهة العدوان الإيراني.
الإعلان الأميركي الإسرائيلي، والذي لم يشهد مثله الطرفان منذ عقدين، أكد على أن أمن إسرائيل ضروري لمصالح أميركا وركيزة للأمن الإقليمي. كما شكل التفاهم على التعاون في تقنيات الدفاع المتطورة محورا مهما من محاور الإعلان الموقع بين الدولتين. كما أشار الإعلان إلى ضرورة التعاون في أنظمة أسلحة الليزر عالية الطاقة للدفاع عن إسرائيل.
الإعلان الأميركي - الإسرائيلي، عبر عن تطلع البلدين لتوسيع دائرة السلام مع المزيد من الدول العربية وأضاف الإعلان أن هذه الشراكة لا تخدم أميركا وإسرائيل فقط، موضحا أن الشراكة هذه تصب في صالح الشرق الأوسط والعالم ككل. وأكد الإعلان أن اتفاقيات السلام مهمة لأمن المنطقة واستقرارها. كما رحب بمنتدى النقب حول التعاون الإقليمي.
وفي مؤتمر مشترك مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أكد لابيد أنه "لا بد من القوة كملاذ أخير لحماية أمننا"، مشيرا إلى أن "الدبلوماسية غير كافية لوقف إيران"، ومشددا على توجيه تهديد عسكري لإيران لوقف تطوير البرنامج النووي. وقال: "لابيد: نمد يدنا لمن يريد السلام في المنطقة".
بدوره، أكد بايدن أن "إيران لن تحصل أبدا على السلاح النووي"، وقال إن "الدبلوماسية أفضل السبل لمنع إيران من حيازة السلاح النووي" وعلق قائلا: "لن ننتظر إلى الأبد ردا من إيران بخصوص المحادثات النووية"، مضيفا: "يجب منع إيران من تسليح التنظيمات الإرهابية بينها حزب الله". وتابع: "نسعى إلى تحقيق أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.. ودمج إسرائيل في المنطقة". وقال: "ابتعادنا عن المنطقة ترك فراغا استغلته الصين".
وقال مراسل "العربية" و"الحدث" إن لابيد تحدث مع بايدن عن تشكيل حلف إقليمي لمواجهة خطر إيران.
وكان جو بايدو وخلال لقائه لابيد، أكد التزام أميركا بأمن إسرائيل. فيما أبلغه رئيس وزراء إسرائيل معارضته العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. وبحسب بيان لمكتب لابيد عقب لقائه بايدن، فإنه طالب بتشديد الضغط على إيران، لكي تعود إلى طاولة المفاوضات لمناقشة اتفاق بديل. وشكر لابيد الرئيس بايدن على قراره بعدم رفع الحرس الثوري الإيراني عن قائمة المنظمات الإرهابية.
يذكر أن لابيد أعلن العام الماضي عندما كان وزيراً للخارجية، أنّه يريد إعادة بناء الجسور بين إسرائيل والحزب الديمقراطي الأميركي بعد سنوات دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو في السلطة.
وكان مسؤول إسرائيلي كبير قال في وقت سابق إن "إعلان القدس بشأن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل" سيكون "شهادة حيّة على الطبيعة الفريدة وصحة ومدى وعمق وحميمية" هذه العلاقة الثنائية.
وأضاف أن الوثيقة التي لم يطلق عليها الأميركيون حتى الآن اسم "إعلان القدس"، ستعبّر عن "موقف واضح وموحّد ضد إيران وبرنامجها النووي وعدوانها في سائر أنحاء المنطقة".
ويبقى الطريق الواجب اتّباعه في مقاربة الملف النووي الإيراني مصدر تباين بين الولايات المتحدة التي ترغب في تجربة المسار الدبلوماسي من خلال إحياء الاتفاق النووي المبرم العام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وإسرائيل التي تدعو لانتهاج الخط المتشدّد.
استخدام القوة ضد إيران
وانسحبت إدارة الرئيس دونالد ترمب في العام 2018 من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وأعادت فرض العقوبات على طهران في إطار حملة "الضغوط القصوى" على الجمهورية الإسلامية.
وقال الرئيس جو بايدن في مقابلة مع "قناة 12" الإسرائيلية مساء الأربعاء، إن "انسحاب الرئيس السابق من الاتفاق كان خطأً فادحاً، لأنهم (الإيرانيين) باتوا أقرب إلى السلاح النووي مما كانوا عليه سابقاً".
وردّاً على سؤال عما إذا كان مستعدّاً لاستخدام القوة من أجل ضمان عدم حصول طهران على السلاح النووي، قال بايدن "نعم، إذا كان هذا هو الملاذ الأخير".
ولا تخشى إسرائيل فقط من حصول إيران على القنبلة النووية، السلاح الذي تنفي طهران أن تكون تسعى إليه، بل إنّ الدولة العبرية تخشى أيضاً من أن يؤدّي رفع العقوبات إلى تعبئة خزائن طهران بالمال، وبالتالي تمكين الإيرانيين من زيادة دعمهم لحلفائهم في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.
يلتقي بايدن الخميس أيضا نظيره الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي سيقلّده "ميدالية شرف" لدعمه إسرائيل، ثم يتوجّه لتشجيع الرياضيين الأميركيين المشاركين في ألعاب المكابية، وهي لقاءات رياضية يهودية تُنظّم كل أربع سنوات في إسرائيل.
وأخيراً، كما هو معتاد بالنسبة لرئيس أميركي وبينما تخوض إسرائيل حملة لانتخابات تشريعية مبكرة مقرّرة في الأول من نوفمبر، سيختتم الرئيس الديمقراطي اجتماعاته في إسرائيل بلقاء مع المعارضة الممثّلة في هذه الحالة برئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو، الذي غالباً ما اتّسمت علاقته مع بايدن بالفتور.
يذكر أن هذه الزيارة هي العاشرة لبايدن إلى إسرائيل ولكن الأولى له بصفته رئيساً.