يتواصل تحرّك ديبلوماسي على خطوط دولية متعدّدة الجنسيّات لبلوغ تسوية سياسية توقف العدوان الاسرائيلي، الّا انّ هذا التحرّك، وكما يقول مسؤول رفيع لـ"الجمهورية"، لا يبدو مجدياً حتى الآن، حيث تشوبه نقطة ضعف أساسية جعلته قاصراً عن إحراز أيّ تقدّم في اتجاه وقف اطلاق النار، وهي أنّ الاميركيين يقولون ولا يفعلون، وهذا ما يشجّع اسرائيل على الاستمرار في عدوانها.
وأوضح المسؤول عينه أنّ الاميركيين يؤكّدون لنا في اتصالاتهم معنا انّهم لا يريدون أن تتوسّع الحرب، ويدفعون الى وقف فوري لإطلاق النار وبلوغ حل ديبلوماسي في القريب العاجل يؤمّن الهدوء والاستقرار في المنطقة يمكّن السكان النازحين من العودة الى منازلهم على جانبي الخط الازرق، وهذا ما قاله لنا وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن، ولكنّهم حتّى الآن لم يُقرنوا ذلك بفعل جدّي ملموس على الارض يؤكّد حماستهم لما يسمّونه وقف الصراع وبلوغ حلّ، بل حتى الآن لا توجد اي مؤشرات في هذا الاتجاه.
ورداً على سؤال، قال المسؤول عينه: الفرنسيّون يتحرّكون بكلّ جدّية لوقف العدوان، وفي ذات المنحى يصبّ الموقف البريطاني، وكذلك موقف الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش، ودول عربيّة وأوروبيّة أخرى، ولكن كل هذه الحراكات تصطدم بعدم استجابة اسرائيل لها. ولنكن واضحين عندما يقرّر الاميركيون الضغط على إسرائيل وفرض الحلّ، لا يتأخّر هذا الحل.
وحول ما تردّد عن جهود لبلورة حل ديبلوماسي على قاعدة ما سُمّي 1701 بلاس، قال: لا 1701 بلاس ولا 1701 ماينس، موقفنا قلناه. متمسكون بالقرار 1701 بكلّ مندرجاته. واسرائيل كما تلاحظون هي التي تسعى الى نسف كلّي لهذا القرار، بل وضرب قوات اليونيفيل وإرغامها على إخلاء مواقعها، وهذا من شأنه أن يعمّق المأزق أكثر، ويؤكّد أنّ لدى اسرائيل خططاً خبيثة للمنطقة.
يُشار في هذا السياق، إلى أنّ وزارة الخارجية الفرنسية اعلنت بالامس انّها ترفض مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسحب قوات اليونيفيل من مواقعها في لبنان، وقال وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو انّه لا يمكن ضمان أمن اسرائيل بالقوة فقط، مشيراً الى انّه وجّه دعوات لنظرائه الاوروبيين للمشاركة في مؤتمر باريس لدعم لبنان.
ويبدو انّ إسرائيل مصمّمة على موقفها من إبعاد اليونيفيل، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية امس، حيث قال: انّ رفض اليونيفيل إعادة الانتشار يشكّل خطراً عليهم وعلى الجيش الاسرائيلي. اضاف: ان اليونيفيل فشلت بشدة في القيام بدورها في حفظ السلام، وسمحت لحزب الله بإعادة التسلح.
إلى ذلك، وفي موازاة انسداد الأفق الديبلوماسي، وفي موازاة اعلان المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية بأنّه ليس لدى اسرائيل اي طموح متعلق بالاراضي اللبنانية، كشف الاعلام الاسرائيلي عمّا سمّاها الشروط التي في إمكان اسرائيل بموجبها التوصل الى اتفاق مع لبنان، والتي من شأنها ان تؤدي الى استقرار واقع أمني جديد. وقالت القناة 12 العبرية، انّ هذه الشروط لا تهدف إلى نزع قدرات حزب الله فقط، وانما الى إنشاء أنظمة تساعد في ضمان عدم تسلح حزب الله مجدداً.
اضافت القناة: أحد هذه الشروط هو إنفاذ القرار 1701، الصادر عن مجلس الأمن الدولي وبما في ذلك نزع أسلحة الميليشيات في لبنان. وشرط آخر يطرحه الجيش الإسرائيلي يتعلق بمراقبة دولية وخصوصاً عند الحدود السورية – اللبنانية، في محاولة لمنع التسلح مجدداً ونقل أسلحة من إيران.
واشارت القناة إلى أنّ الجيش الاسرائيلي يطالب بسيطرة استخباراتية وسيطرة على إطلاق النار في لبنان كله، وخصوصاً على طول الحدود السورية – اللبنانية وقرى جنوب لبنان. كما انّه يطرح شرطاً يتعلق بأن يكون بإمكانه شن توغلات بريّة في الأراضي اللبنانية، أو عمليات عسكرية محدودة في المستقبل أيضاً، أي حتى بعد انتهاء الحرب.
وقالت القناة 12: انّ الجيش الإسرائيلي يعتبر أنّ الاجتياح البري الحالي للبنان يهدف إلى اجتثاث قدرة “حزب الله” على التوغل إلى شمال إسرائيل. واشارت إلى أنّه يتمّ توسيع الاجتياح. وقالت: يوجد إدراك في الجيش الإسرائيلي أنّ الوقت محدود، ويعمل على منع أي محاولة من جانب حزب الله” لإنعاش قواته.
اللافت في هذا السياق، ما اوردته صحيفة هآرتس العبرية أمس حول انّ اسرائيل تعيش الغطرسة وتريد تغيير الشرق الاوسط. انّ هذه الغطرسة جعلتها تعيش انتصاراً وهميا سينتهي بالدموع والدم والانهيار حتماً.
وسألت "الجمهورية" مرجعاً مسؤولاً حول هذه الشروط، فقال: الله يرحم 17 أيار، في اي حال، لسنا على علم بهذه الشروط، وبمعزل عمّا إذا كانت هذه الشروط جديّة أو تهويلية، فهي منعزلة عن الواقع تماماً، فقبل ان يطرحوا اي شروط، ليسحبوا دباباتهم المحترقة قبالة راس الناقورة، ويخبرونا شو عم ينعمل فيهن ع الحدود بمارون الراس وعيتا الشعب واللبونة وبعدين بنحكي. ثم أنّ هذه الشروط إنْ كانت جدّيّة، فمعنى ذلك أنّ الحرب طويلة، وليس أمامنا سوى خيار الاستمرار في المقاومة وتصعيدها لمنع العدو من فر ض أيّ شروط بحسب "الجمهورية".