تكنولوجيا آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

سمّاعات الواقع الافتراضي تقلب قواعد اللعبة في تعليم المعوَّقين ذهنياً

سمّاعات الواقع الافتراضي تقلب قواعد اللعبة في تعليم المعوَّقين ذهنياً

في عالم تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، تبرز سمّاعات الواقع الافتراضي كأداة ثورية قد تغيّر بشكل جذري حياة من يعانون معوّقات ذهنية، وقد تمنحهم فرصة تعلّم مهارات حياتية بأساليب أكثر فعالية وسرعة.

وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في موقع "ساينس ديلي"، قارن باحثون أستراليون بين فعالية سمّاعات تستخدم تقنية الواقع الافتراضي الغامرة Immersive Virtual Reality، وبين بيئات المحاكاة الافتراضية التي لا تتضمن تلك السمّاعات، في الحدائق والأطعمة. شملت الدراسة 12 جلسة تدريب افتراضية. وأظهرت المجموعة التي استخدمت سمّاعات الرأس التي تستخدم التقنيات الغامرة نتائج أفضل بكثير بالمقارنة مع من استعملوا التقنيات غير الغامرة. ويُطلق تعبير "الغامرة" على تقنيات الكومبيوتر التي تشمل صنع نماذج ثلاثية الأبعاد مدعمة بالصوت وبالاستجابة لحركة الجسد الفعلية، إضافة إلى الدمج بين مؤثرات من الحياة الفعلية مع تلك المصنوعة بالتقنيات الافتراضية للكومبيوتر، ما يؤدي إلى "تطويق" المستخدم كلياً بتلك البيئة الرقمية.

العوالم الواقعية لا تكفي

وأظهرت الدراسة، أن التعلّم عن طريق الممارسة، المعروف أيضًا بالتعلّم التجريبي، يبدو أكثر فعالية لهذه المجموعة مقارنة بأساليب التعلّم غير التفاعلية. إذ يحتاج المُعوَّقون ذهنياً إلى وقت إضافي لاستيعاب المفاهيم وتصورها. وقد ساعدت سمّاعات الواقع الافتراضي المشاركين في معايشة تجربة عوالم واقعية والتعلّم من خلال التجربة العملية.

وأظهرت المجموعة التي استخدمت تقنية سمّاعات الواقع الافتراضي تحسينات ملموسة في العالم الحقيقي في ما يتعلق بفرز النفايات بشكل صحيح بعد التدريب مباشرة، وتمكنت من الحفاظ على هذا التحسن لمدة تصل إلى أسبوع بعد ذلك، مقارنة بالمجموعة التي لم تستخدم تلك السمّاعات.

وفي الغالب، ليس أمام من يعانون الإعاقة الذهنية سوى فرص ضئيلة للمشاركة في التعلّم العملي، بسبب مخاوف متعلقة بخطر الإصابة وضيق الوقت ونقص تدريب الموظفين. فإن تقنية الواقع الافتراضي الغامر تتيح للأفراد تجربة الأنشطة في بيئة آمنة ومسيطر عليها ويمكن تكرارها. وكذلك فإنها تحاكي التجارب الواقعية، ما يمنح الشعور بالتواجد الجسدي في بيئة معينة، من دون المخاطر الحقيقية الموجودة في العالم الواقعي.

يواجه معظم الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية تحدّيات كبيرة في أداء المهارات الحياتية الأساسية من دون مساعدة مقدمي الرعاية، على غرار الطهو والاستحمام. وتمنعهم هذه الصعوبات في أداء المهارات الحياتية من العيش بشكل مستقل والاستمتاع بجودة حياة أفضل. وبفضل هذه التقنية الحديثة، يمكن لمعوَّقين ذهنياً تجربة عوالم واقعية في بيئة آمنة ومتحكّم بها.

دوار الفضاء الإلكتروني

وتجدر الإشارة، إلى أن دوار الفضاء الإلكتروني قد يكون أحد العيوب المحتملة لاستخدام السمّاعات ثلاثية الأبعاد في التدريب. وفي الواقع، لم يُبلّغ عن الإصابة بذلك الدوار إلّا شخصاً واحداً من في مجموعة الواقع الافتراضي، وكانت أعراضه قصيرة الأمد. وقد وجد معظم المشاركين أن سمّاعات الواقع الافتراضي ممتعة، على الرغم من تردّد بعضهم عند استخدام تلك السمّاعات للمرّة الأولى.

من المتوقع أن التدريب باستخدام سمّاعات الواقع الافتراضي قد يوظَّف لتعليم مهارات أساسية أخرى مثل الطهو وسلامة المطبخ، والنظافة الشخصية، والتنقل في وسائل النقل العام، والمهارات الاجتماعية. وتهدف الأبحاث الحالية إلى تلبية الاحتياجات الصحية غير المُلباة عند من يعانون صعوبات ذهنية، عبر استخدام الواقع الافتراضي بهدف تحضير الأفراد للتعامل مع الرعاية الصحية، وتقليل الخوف والقلق المرتبطين بزيارة الطبيب.

يمثل الواقع الافتراضي خطوة هامة نحو تحقيق استقلالية أكبر وجودة حياة أفضل لهذه الفئة من المجتمع، ولكننا بحاجة إلى سدّ الفجوة بين البحث والتطبيق، حتى يتمكن المزيد من الناس من الاستفادة من هذه التقنية.

يقرأون الآن