لا يزال الجمود مسيطرا على ضفة الترسيم الحدودي بين لبنان واسرائيل. هذه المراوحة، المترافقة مع كثير من التسريبات والمعطيات التي يصعب البت بصحّتها، لن تتغيّر قبل عودة الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى المنطقة، والتي يتردد انها لم تعد بعيدة بل متوقعة في الايام القليلة المقبلة.

بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، فإن البطء الذي أصاب الملف، سببه الاساس دخول اسرائيل مدار الانتخابات المرتقبة في الكيان العبري حيث "الترسيم" حاضر بقوة في التنافس السياسي بين القوى الاسرائيلية تحضيرا للاستحقاق. الا انها توضح، انه، وأيا تكن هوية الجهات التي ستُمسك بمقاليد الحكم في تل ابيب بعد الانتخابات، فإنها كلّها، في العلن او السر، تريد التوصل الى اتفاق لترسيم الحدود مع بيروت، لان فيه مصلحة تجارية واقتصادية كبيرة للكيان العبري.

في الوقت الضائع، يواصل حزب الله رفع السقف والتهويل بالحرب والتصعيد. الجمعة، قال الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله: بمعزل عن مصير الاتفاق النووي و"على مسافة أيام من الاستحقاق المهم لاستخراج النفط وملف حقل كاريش وترسيم الحدود، إذا تم تقديم ما تريده الدولة اللبنانية فنحن ذاهبون للهدوء وإذا لم يحصل لبنان على حقوقه التي تطالب بها الدولة اللبنانية فذاهبون إلى التصعيد". ودعا الى ان تكون "العين على حقل كاريش والحدود اللبنانية والوسيط الأميركي، لافتاً إلى أن "العين على الوسيط الأميركي الذي إلى الآن يضيع الوقت ووقته قد ضاق". بدوره، قال الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك في خطبته في مقام السيدة خولة في بعلبك الجمعة ايضا "أشرفنا على نهاية آب، ولا يجوز تضييع الفرصة بمطالبة الأميركي بالاستعجال لترسيم الحدود وأخذ حقوقنا كاملة من موقع القوة لا الضعف، لقد ولى شعار قوة لبنان بضعفه وإنما قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته".

لكن الحزب يدرك جيدا، وفق المصادر، ان التوصل الى اتفاق، مسألة وقت لا اكثر وان تل ابيب تريد التفاهم وتريده في أقرب فرصة. ومعرفتُه بهذه الحقيقة، تجعل تصعيدَه المستمر، مرتبطا حكما بغرضين: إما مساعدة ايران في مفاوضاتها النووية، رغم نفي نصرالله ذلك. او تعويم نفسه شعبيا في الساحة الشيعية، ليقول لناسِه بعد إبرام اتفاق الترسيم، انه ما كان ليحصل لولا المقاومة.

على اي حال، فإن أيلول لناظره قريب. فاذا حصل الاتفاق كان به. وإن لم يحصل، سيكون امتحان فعلي لصدقية الحزب الذي وضع المهل ورفع السقوف. وهنا، سيتوجّب رصدُ مناخات العلاقات الايرانية - الاميركية: فاذا كانت جيدة ومؤاتية لمصالح طهران، ولم ينفذ الحزب تهديداته، فانه سيُثبت انه يعمل وفقا لاجندة الجمهورية الاسلامية. اما اذا نفّذ ضربة للمنصات وكان الاتفاق النووي لم يُبرم بعد، فهذا ايضا يؤكد ان الترسيم ورقة ايرانية.. لكن هل يمكن للحزب، اذا لم ينته الاتفاق الترسيمي قبل ايلول، ان يتحرك عسكريا لمنع اسرائيل من التنقيب اذا كان الاتفاق النووي قد أبصر النور؟ هنا بيت القصيد. على الارجح هذا السيناريو مستبعد. فاذا نجحت فيينا، سينجح هوكشتاين ايضا ولو بعد ايلول، وسيجد الحزبُ ألف عذر وسبب لترك مهلته تسقط، تختم المصادر.

المركزية

يقرأون الآن