لا نطالب بحلول سحرية، ولا بالمستحيل. ولكن أبسط البساطة هي أن نُطالب بأجوبة حول ماذا تعني زيادة تعرفة الاتّصالات، مقابل انخفاض الخدمات أكثر، وصولاً الى حدّ انعدامها، بشكل مُزعج جدّاً.
فكما في كل شيء، يجب أن تترافق زيادة الأسعار مع رفع مستوى وجودة الخدمات، وذلك من باب العدالة، والإدارة السّليمة. ولكن مشكلة الاتّصالات المُستفحلة في لبنان، تبدو عصيّة على أي حلّ، وبما بات مُخسِّراً للمواطن على أكثر من صعيد.
وكلّما كثُرَت الشّروحات الرّسميّة، تتضاعف النّقمة الشعبيّة، انطلاقاً من أنها عاجزة عن تقديم أي جواب شافٍ، أو أي تاريخ واحد وواضح، لتغيير ملموس. وبالتالي، من حقّنا أن نعرف... لماذا هذا الانهيار المستمرّ، رغم رفع التعرفة على جيوبنا؟ والى متى؟
أوضح مصدر خبير في شؤون الاتّصالات أن "المشكلة الأولى التي تتسبّب بالانهيار الكبير الحاصل في قطاع الاتّصالات، هي ضعف التغذية الكهربائية التي تجعل القطاع في حالة شديدة الصّعوبة، بين ضعف وانقطاع كامل للخدمات".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى "صعوبات كثيرة تعصف بهذا القطاع، على صعيد البنى التحتيّة، وأعمال الصيانة، خصوصاً أن شركات الخلوي لم تدفع الإيجارات المتوجّبة عليها لأصحاب الأبنية، حيث ركّزت محطاتها منذ مدّة طويلة. والإيجارات المتراكمة باتت كبيرة، وهو ما يدفع أصحاب تلك الأبنية الى مَنْع فرق الصيانة التّابعة للشركات من القيام بمهامها. وهي حالة تتزايد، وتساهم بإضعاف جودة الخدمات أكثر".
وأشار المصدر الى أن "الإضرابات، والمطالبات بزيادات في الأجور، لدى العاملين في هذا القطاع، هي مشكلة من نوع آخر أيضاً. فهذه غير مُحقَّة بنسبة لا يُستهان بها، خصوصاً أن بعض هؤلاء يتقاضون قسماً من رواتبهم بالدولار "الفريش". هذا فضلاً عن أن معظم هؤلاء أيضاً، يتقاضون الرواتب الأعلى، بين كل باقي القطاعات الأخرى في البلد".
وشدّد على أن "مجموع ما سبق ذكره، يؤكّد أن الحلّ الجذري لأزمة قطاع الاتّصالات ليس في زيادة التعرفة، بل بالنّظر الى الفائض في الموظّفين، وبعدد العاملين في هذا القطاع. بالإضافة لضرورة التنبّه الى أن لا مضاربة سليمة فيه (هذا القطاع)، لا على مستوى زيادة الخدمات، أو نوعيّتها، أو جودتها، بين شركات الخلوي، وهو ما يحتّم التخطيط لدمجها في شركة واحدة، والمحطات أيضاً، التي لا حاجة الى أكثر من 1600 محطة منها بالأكثر، مع بَيْع الفائض، وتنظيم دخول القطاع الخاص الى عوالم الاتّصالات أكثر، بدلاً من زيادة التعرفة على الناس".
وختم: "لا حاجة لتبرّعات خارجيّة بألواح طاقة شمسية مثلاً، طالما أن تلك التبرّعات لن تحلّ المشكلة. فإذا قدّمت هذه الدولة أو تلك، 50، أو 100 لوح يعمل على الطاقة الشمسية، فهي لن تؤثّر في شيء، طالما أن لدينا ما يصل الى نحو 2800 محطة تابعة لقطاع الخلوي، تحتاج الى الكثير من العمل، على مستويات مختلفة. فإصلاح هذا القطاع لا يقوم على هبات، ولا على مساعدات، بل على اعتماد سياسة أخرى، تعي ضرورة الخروج من تكبيد المواطن ثمن ما لا ينتفع منه، و(ضرورة) القيام بخطوات جذرية داخل القطاع نفسه، مهما كانت صعبة".
أنطوان الفتى - أخبار اليوم