على مدى الأسابيع الماضية، ضربت سلسلة فضائح وتسريبات مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
فمع استمرار الحرب في غزة وتوسعها نحو لبنان لم تختفِ الفضائح المتتالية عن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يعتبر المكتب الأهم في إسرائيل. فمنه تخرج أوامر الاغتيالات والحروب والمفاوضات وكل صغيرة وكبيرة في إسرائيل، وفق ما أكد مجدي الحلبي، مستشار العربية للشؤون الإسرائيلية.
سلسلة فضائح
فقد تسربت من كواليسه سلسلة من الفضائح أولها، جمع معلومات عن وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لاستغلالها ضده.
فيما حامت الشبهات حول موظف أو أكثر من مكتب نتنياهو جمعوا معلومات وصورا من كاميرات مراقبة في مقر رئيس الوزراء في تل أبيب والقدس وأماكن سرية أخرى بهدف استغلالها ضده وتهديده.
ومن ضمن تلك الوسائل لاستغلاله، صور أظهرت عراكا بالأيدي بين وزير الدفاع السابق وحرس نتنياهو الذين حاولوا منعه من الدخول إلى جلسة أمنية دعي إليها أصلا.
أما الفضيحة الثانية فكانت، الاحتفاظ بمواد حساسة عن أحد ضباط الاستخبارات وابتزازه بل إسكاته أيضا، فضلا عن الحصول على مواد ومستندات سرية.
وبحسب تحقيقات الشرطة، ابتز مدير ديوان نتنياهو، تساحي برافرمان، ضابطا برتبة مقدم واحتفظ بمواد حساسة عنه، حصل عليها بشكل ما وربما بتشغيل محقق، وفق ما نقلت قناة كان التابعة لهيئة البث الإسرائيلية.
أما الهدف فمحاولة الحصول على تسجيلات لمحادثات مع رئيس الوزراء ومكتبه ليلة السابع من أكتوبر، فضلا عن اليوم الذي سبق، بالإضافة إلى إخفاء معلومات عن معرفة واطلاع نتنياهو على إشارات تتعلق بقرب هجوم حماس، عقب قيام أفراد النخبة في حماس بتفعيل الشرائح الإسرائيلية على هواتفهم.
في حين أتت الفضيحة الثالثة عبر محاولة تعديل بروتوكولات ومحادثات هاتفية وإخفاء معلومات وأقوال لشخصيات أمنية ووزراء خلال الجلسات الأمنية.
ففي الأيام الأولى للحرب قام موظفون في مكتب نتنياهو بشطب معلومات وكلام شخصيات أمنية ووزراء خلال المداولات الأمنية. كما عمد الموظفون بعد تشكيل إلى تعديل البروتوكولات لتكون لصالح نتنياهو. وكان السكرتير العسكري السابق لرئيس الوزراء هو الذي أبلغ عن التعديلات ومحاولات التغيير والتزوير، بحسب ما جاء في بيان وحدة التحقيقات في الشرطة لاهاف 433.
وثائق سرية
إلى ذلك، تفجرت فضيحة رابعة تجلت في قضية تسريب مستشار نتنياهو الأمني وثائق سرية لوسائل إعلام أجنبية من دون إذن الرقابة.
إذ أخرج مستشار رئيس الوزراء الإعلامي لشؤون الأمن إيلي فيدلشتاين مع ضباط آخرين من الاستخبارات، مستندات سرية لم تسمح الرقابة بنشرها وقدموها لصحيفة بيلد الألمانية.
وأظهرت تلك المستندات حينها ما قالت إنه كلام جاء على لسان قائد حماس السابق يحيى السنوار، مبينة أنه هو الذي رفض صفقة إطلاق الأسرى.
ليتبين لاحقاً أن تلك المستندات مجرد توصية من مستوى متوسط في حماس للقيادة نصحت بقبول الصفقة التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن على الرغم من التعقيدات.
إلا أن من سرب المستندات اهتم بتسليط الضوء على مقطع مجتزأ منها ليخدم تصريحات رئيس الوزراء الذي يتهمه أهالي الأسرى برفض عروض الصفقات المتتالية التي قدمت عبر الوسطاء، من أجل الحفاظ على سلامة حكومته.
لتتفجر التساؤلات حول كيفية حصول المستشار المذكور على مواد حساسة وسرية.
لاسيما أن تلك المستندات ممنوعة من النشر، في نظر الشاباك، لأنها تكشف طريقة عمل الاستخبارات والحصول على معلومات، بالإضافة إلى أنها شكلت خطرا على حياة الأسرى.
ولا يزال المستشار الإعلامي معتقلا وتم تمديد سجنه مع ثلاثة آخرين لم تسمح الرقابة الإسرائيلية بنشر أسمائهم لأنهم من الاستخبارات السرية.
هل يستجوب نتنياهو؟
أضف إلى ذلك أن جهاز الأمن العام "الشاباك" هو الذي يحقق بالقضية ويجمع المعلومات وسوف يتم كما يبدو استجواب كل الموظفين الذين لديهم علاقة.
بل ربما يستجوب أيضا نتنياهو، بصفته المسؤول المباشر عن مكتبه.
في المقابل، نفى مكتب نتنياهو أن يكون المستشار اشترك في جلسات سرية وحساسة، رغم أن الصور والفيديوهات تثبت العكس، وتظهر مرافقته رئيس الوزراء في جولات ولقاءات سرية.
كما واصل انتقاداته للجهاز القضائي واتهامه مع الصحافة الإسرائيلية بمحاولة المس به وبأفراد مكتبه من أجل إقصائه عن رئاسة الحكومة.
قد أصدر بيانا قبل أيام اتهم فيه الجميع بتأليف القصص ونشر الأخبار الكاذبة.
كلها تتعلق بأمر واحد!
في حين رأى الخبراء في إسرائيل أن كل هذه القضايا تتعلق بأمر واحد، ألا وهو محاولة نتنياهو التنصل من المسؤولية عن أحداث السابع من أكتوبر وهجوم حماس.
كما اعتبروا أن الخيط الرفيع الذي يصل بين كل القضايا هو محاولة تعديل الحقائق لتخدم سرديته.
هذا ورأى عدد من القانونيين والخبراء في مجال الإعلام وهندسة الوعي أن المتمعن في حيثيات هذه القضايا الأربع يرى أن هناك عملا ذكيا وممنهجا من قبل مكتب نتنياهو لجعل كل الحقائق والبروتوكولات تسير بشكل منتظم مع تصريحاته وسرديته.
أما الهدف من كل ذلك فيكمن في أن يخرج سالما نظيفا من لجنة تحقيق رسمية سوف تشكل عاجلا أم آجلا للتحقيق فيما سبق السابع من أكتوبر والفشل الكبير في توقع هجوم حماس أو على الأقل صده.