من يتابع "نشاط" المسؤولين عن قطاع الكهرباء أو أزمة الكهرباء يخال أنّ هؤلاء لن يناموا الليل قبل أن يجدوا الحلّ، إنّما في الواقع كل ما يحصل هو حركة بلا بركة ودوران في الحلقة المفرغة.
لقد سئم اللبنانيون أخباراً تتحدث عن اجتماعات لمعالجة واقع الكهرباء، وكان آخرها اليوم اجتماع في السراي الحكومي، في وقت "كهرباء الدولة" نادرة الوجود و"كهرباء المولدات" تتحكم بالناس: اسعار مرتفعة وتقنين حاد!
وفي وقت يبدو ان المسؤولين يبحثون عن ابرة في كومة قش، الحلول متاحة من خلال تطبيق القانون.
في هذا الاطار تشرح الخبيرة القانونية في مجال الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر، أنّ المشكلة التي يعاني منها لبنان راهنا ناتجة عن شح السيولة، وبالتالي لا انتاج للطاقة لغياب القدرة على شراء الوقود.
وتذكر أبي حيدر، عبر وكالة "أخبار اليوم"، ان المجتمع الدولي منذ عقود يدفع لبنان الى الاصلاحات في كافة القطاعات من كهرباء واتصالات... حيث بدءا من العام 2002 اقرت سلسة من القوانين مع اتجاه لبنان الى تطبيق مقررات مؤتمرات باريس 1 و2 و3، اي انه كلما توجه لبنان الى مؤتمر دولي للحصول على قروض كان يشرّع في الموازاة القوانين اللازمة، لكنها - أو معظمها - بقيت بلا تطبيق ومنها القانون 462 الصادر في أيار 2002 المتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء.
وتقول أبي حيدر: منذ ذلك الحين الاصلاحات في قطاع الكهرباء معروفة، لكن نتيجة لعدم تطبيقها وصل لبنان الى مرحلة سُدَّت بوجهه ابواب القروض فحصل الانهيار، لذا لا بد من اعادة بناء الثقة التي تبدأ باستنهاض القطاع من تطبيق القانون 462.
ورداً على سؤال، ترى أبي حيدر أنّ مؤسسة كهرباء لبنان لم تعد فاعلة، وبدلًا من تركها تحت هيمنة القوى السياسية يجب فكفكة قطاعاتها عن بعضها، أي تطبيق القانون ودعوة القطاع الخاص للاشتراك في تلك القطاعات، ولكن القطاع الخاص لا يقدم على أي استثمار دون اعطاء اشارة واضحة أنّ لبنان ليس بيئة حاضنة للفساد، كما انه لا يجوز ان يحصل اي استثمار لصالح قطاع خاص على صورة ومثال السياسيين في لبنان.
وانطلاقا مما تقدم، تعتبر ابي حيدر ان لبنان لا يحتاج في ظل هذه الازمة والانهيار الى معامل انتاج، فما جدوى ابنية الاسمنت اذا كان لا قدرة على تشغيلها.
وهنا تعود ابي حيدر الى القانون 462 المبني على 3 عوامل اساسية: تعيين هيئة ناظمة لكن وحدها غير كافٍ ما دون تفكيك احتكار مؤسسة "كهرباء لبنان" واشراك القطاع الخاص بالانتاج والتوزيع.
واذ توضح ان اشراك القطاع الخاص وليس الخصخصة، تشدد ابي حيدر ايضا على ضرورة اقرار قانون الطاقة المتجددة الموزعة بنسخته الاصلية (اي دون صلاحيات استثنائية للوزير ووزارة الطاقة) الامر الذي يحفّز القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال.
وتختم: حل الكهرباء اليوم يحتاج الى ارادة سياسية تضع السياسة خارج القطاع، وعندها يسير قُدمًا.
عمر الراسي - أخبار اليوم