في ضربة قوية ضد شبكات تهريب الآثار الدولية، أعلنت المباحث الجنائية بولاية نهر النيل عن تفكيك شبكة إجرامية متورطة في نهب كنوز تاريخية نادرة من السودان، في خطوة تعتبر بمثابة رد حاسم على استغلال الوضع الراهن في البلاد.
بعد أشهر من التحقيقات الدقيقة والمتابعة المستمرة، تمكنت المباحث الجنائية من القبض على عشرة أفراد من جنسيات أجنبية، متورطين في سرقة آثار سودانية كانت مخبأة في مصنع للمواسير البلاستيكية وشقة سكنية في مدينة عطبرة، شمال العاصمة الخرطوم. هذه العملية، التي أُنفِذت بسرية تامة وحذر شديد، جاءت لتكشف عن محاولات الشبكة الأجنبية لتهريب آثار نادرة سُرِقت من متحف السودان القومي في الخرطوم، بالإضافة إلى قطع أثرية أخرى سُرِقت من مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور.
أثناء تفتيش المواقع المستهدفة، اكتشفت السلطات مجموعة من القطع الأثرية النادرة التي تعكس عمق تاريخ السودان الثقافي، شملت تمثالين أثريين نادرين مزخرفين بنقوش قديمة، 7 أباريق نحاسية تاريخية، بالإضافة إلى خنجر ومدق أثريين يعودان لعهود قديمة.
كما تم العثور على كميات ضخمة من العملات المحلية والأجنبية، كانت ستُستخدم في تهريب هذه الكنوز الأثرية. لكن الأكثر إثارة تمثل في العثور على صور وفيديوهات في هواتف المتهمين، تظهر قطعًا من الذهب والألماس، كانت الشبكة قد جمعتها لبيعها في الأسواق الدولية. الأمر الذي يكشف عن حجم الجريمة المنظمة التي تستهدف ثروات البلاد، ويزيد من تعقيد القضية التي تتشابك فيها الأطراف الإجرامية.
وقالت الشرطة إن التحقيقات أكدت وجود رابط وثيق بين عناصر الشبكة وميليشيا الدعم السريع، التي قدمت تسهيلات لتهريب الآثار خارج الحدود، حسب رواية الشرطة.
وذكرت أن هذا الاكتشاف يزيد من خطورة الأمر، ويُظهر كيف استغلت هذه الشبكة الفوضى الأمنية لتنفيذ مخططاتها.
وفي هذا السياق، أكد اللواء عبد الكريم حمدو، مدير المباحث الجنائية، لـ "المكتب الصحافي للشرطة" أن "الشبكة حاولت استغلال الفوضى لتكسب أرباحًا طائلة على حساب تراثنا الثقافي وتاريخنا العريق".
لا شك أن الحرب الدائرة في السودان قد شكلت بيئة خصبة لتزايد عمليات النهب، حيث تعرضت العديد من المعالم الثقافية السودانية للسرقة والتخريب.
متحف الخرطوم القومي كان من بين أول المواقع التي استهدفتها هذه الشبكات الإجرامية.
ومن هنا، باتت الآثار السودانية مهددة بشكل أكبر من أي وقت مضى، ما يثير تساؤلات حول قدرة البلاد على حماية تراثها الثقافي في ظل هذه الظروف الصعبة.
رغم أن هذه العملية الأمنية تمثل خطوة مهمة نحو مواجهة التحديات المستمرة في حماية التراث الثقافي السوداني، فإنها تطرح تساؤلات حول مدى فعالية هذه الضربة في ردع محاولات نهب أخرى.
هل ستتمكن السلطات من التصدي لتجارة الآثار التي تهدد هوية البلاد وتاريخها؟ يبقى أن نرى كيف ستتواصل الجهود في هذا الاتجاه، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة.