يبدو أن قرار مجلس الوزراء اول امس الثلاثاء الذي من المفترض انه جاء "بتعديل" قراره السابق بجعل الاستقطاع لـ"الراغبين فقط"، لم يجد طريقه للتطبيق الحقيقي، وكان التعديل يركز فقط على المدة الزمنية بجعله 6 اشهر، حيث باشرت هيئة التقاعد العامة بـ"استقطاع اجباري" من رواتب المتقاعدين لصندوق دعم غزة ولبنان.
واثار قرار مجلس الوزراء الذي اتخذ في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري بالبدء باستقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين بنسبة 1% لصندوق دعم غزة ولبنان، ضجة كبيرة بسبب صيغته الإجرائية، التي تأتي بنود تطبيقها مخالفة تمامًا لصيغة القرار، الامر الذي يزيد من عدم ثقة المواطنين بالقرارات الحكومية بسبب عدم الشفافية والوضوح.
فبينما يقول قرار مجلس الوزراء "فتح باب التبرع" وهو المعروف في جميع انحاء العالم ان باب التبرع ينتظر من يأتي بإرادته للتبرع لمن يرغب التبرع، لكن التطبيق الحقيقي للقرار هو ان الاستقطاع يتم اجباريا، ثم يقوم المواطن الذي لا يرغب بالتبرع بملئ استمارة "عدم الرغبة بالتبرع"، بينما من المفترض ان يحصل العكس ويتم فتح استمارة للراغبين بالتبرع فقط.
وبسبب الضجة والانتقادات الواسعة التي طالت الصيغة الإجرائية، قام مجلس الوزراء اول امس الثلاثاء خلال جلسته بتعديل القرار من المفترض وجعله لمدة 6 اشهر ولـ"الراغبين فقط".
لكن هيئة التقاعد الوطنية، باغتت اليوم المتقاعدين العراقيين بالبدء باستقطاع رواتبهم، ونشرت رابطا على منصة اول ليقوم بملئها المتقاعد غير الراغب بالاستقطاع، وهي عملية معقدة وتثبت استخدام "صيغة تلاعب" حيث ان السلطات يبدو انها تراهن على جهل المواطنين بملئ الاستمارة وصعوبة وصولهم اليها خصوصا من المتقاعدين الذين لا يعرفون كيفية استخدام الوسائل الالكترونية.
وبعيدًا عن فكرة التبرع والمبدأ مجملًا، الا ان اكثر ما يثير حفيظة المواطنين والمراقبين، هو الأسلوب الاجرائي المتبع "الاجباري"، وكذلك عدم الوضوح والتلاعب بين عبارات القرار واستخدام "الراغبين بالتبرع"، وبين طريقة تطبيقه الحقيقية.