يعتبر مخيم الهول، الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في شمال شرق سوريا واحدًا من أكثر الأماكن توتراً بالمنطقة والذي يضم أكثر من 60,000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، بما في ذلك عائلات مقاتلي تنظيم داعش.
ويثير بقاء عائلات مسلحي تنظيم داعش في المخيم، مخاوف داخلية وإقليمية من وصول التنظيم إلى المخيم وتهديد الأمن والاستقرار في سوريا.
وتحتضن مدينة الهول التابعة لمحافظة الحسكة، شمال سوريا، مخيم الهول أحد أكبر المخيمات باحتضانه نحو 40 ألف نازح من 42 جنسية مختلفة، من بينهم عائلات مسلحي تنظيم داعش العراقيين والسوريين والأجانب.
ووفق ناشطين وعاملين في مجال الإغاثة "ينقسم النازحون واللاجئون في المخيم إلى 3 أقسام، هم عائلات مسلحي التنظيم وآخرون لم ينتموا له لكنهم تأثروا بأفكاره والقسم الأخير هم النازحون واللاجئون العراقيون والسوريون الهاربون من الحرب والدمار خلال السنوات الماضية ولم يتمكنوا حتى الآن من العودة الى مدنهم".
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تشرين الثاني الماضي، عن مديرة المخيم، جيهان حنان، قولها إن "قوات سوريا الديمقراطية أحبطت مؤخرا مخططا لتهريب النساء والأطفال، إثر تنسيق بين قيادات التنظيم في الداخل وخارج المخيم".
وبدأ العراق منذ ايار/ مايو 2021 بإعادة المئات من عائلات مسلحي داعش على شكل وجبات صغيرة من سوريا إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل.
ويدخلون هؤلاء بعد عودتهم للعراق في برنامج إعادة تأهيل نفسي ومجتمعي بحسب الحكومة العراقية قبل إعادتهم الى مناطقهم الأصلية.
ويرفض رئيس الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، مضر حماد الأسعد، اعتبار المتواجدين في مخيمات الهول وروج والسد والمخيمات الأخرى، من عائلات داعش، مبينا أن "غالبيتهم لاجئون ونازحون سوريون وعراقيون هربوا من الحرب، أما أعداد عائلات داعش في هذه المخيمات فهي محدودة".
ويضيف الأسعد: "بعد انتقال الاشراف على هذه المخيمات من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى الدولة السورية الجديدة، سيطلق مباشرة سراح كل من في المخيم، السوريين سيعودون إلى مدنهم وقراهم ومنازلهم، بينما العرب والأجانب سيتواصلون مع السفارات العربية أو الأجنبية ومع الأمم المتحدة من أجل إعادتهم لدولهم".
ويتهم الأسعد الإدارة الذاتية وقوات "قسد" بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية والحوالات المالية الخاصة بمخيمات اللاجئين والنازحين، وبارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان وتنفيذ اغتيالات وإتجار بالأعضاء البشرية في مخيم الهول.
كذلك تحدث عن قيامهم بعزل الأطفال عن ذويهم وتجنيدهم في صفوفها وارسالهم إلى معسكرات تدريب.
لكن مدير مركز إعلام وحدات حماية الشعب سيامند علي ينفي هذه الاتهامات، مؤكدا أن الإدارة الذاتية تبذل كل ما في وسعها لحماية المخيم وتوفير الإغاثة اللازمة لقاطنيه.
ويشير علي إلى أنه "بلا شك في ظل الاوضاع التي تمر بها سورية فان ملف داعش هو من الملفات الخطرة والحساسة"، لافتا إلى أن الهجمات التي ينفذها الجيش الوطني الموالي لتركيا على مناطقنا يعطي الفرصة لتنظيم داعش وخلاياه الوصول إلى المخيم.
وشهدت خطوط التماس بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل السورية خلال الأسابيع الماضية في مدينة المنبج ومحافظتي دير الزور والرقة اشتباكات عنيفة.
وكثفت تركيا غاراتها الغارات الجوية على مواقع قسد، الذين تعتبرهم أنقرة جزء من حزب العمال الكردستاني.
ويبلغ العدد الكلي للعائلات العراقية في مخيم الهول 25 ألف شخصا بينهم 20 ألفا بين حدث وطفل دون الـ18 عاما وفق احصائيات رسمية.
وأعلنت مستشارية الأمن القومي العراقي في بيان عام 2022 أن "إعادة العراقيين المتواجدين في الهول تستغرق 5 سنوات".
ويعتبر رئيس منظمة التحرير للتنمية، عبدالعزيز يونس، "مخيم الهول من التحديات الكبيرة التي تواجه المشهد العراقي"، داعيا الحكومة العراقية إلى استيعاب جميع العائلات وادخالها إلى العراق بسرعة خوفا من استغلالها من قبل المجاميع المسلحة المتشددة في سوريا.
ويوضح يونس أن "هناك خطرا كبيرا ومخاوف من مستقبل مخيم الهول الذي يحتضن عدد ليس بقليل من الفئة العمرية ما بين 10 و 15 سنة وهي الفئة المرغوبة بالنسبة للجماعات المسلحة المتطرفة".
ويلفت يونس إلى أن أهم العوائق التي تقف في طريق إعادة سريعة للعراقيين من المخيم يتمثل في طريقة تعامل الحكومة مع هذه القضية، مبينا أنه "لا توجد جهة واضحة أو هناك تنافس بين المجموعات الحكومية مثل وزارة الهجرة مستشارية الأمن القومي ودوائر أخرى أمنية فيما بينها على إدارة هذا الملف، وهذه المنافسة أضرت كثيرا في موضوع إعادة ادخال العائلات مجددا إلى العراق".