يشهد العراق أزمة مياه حادة أصبحت من أبرز التحديات التي تواجه البلاد في السنوات الأخيرة، ولها تأثيرات واسعة على القطاعات الزراعية والصناعية، بالإضافة إلى توفير المياه الصالحة للشرب.
وقد أثارت هذه الأزمة مخاوف بشأن الأمن المائي في البلاد، مما يزيد الحاجة إلى اتخاذ حلول عاجلة ومستدامة لإدارة الموارد المائية بشكل أفضل.
وأشار الخبير الزراعي عادل المختار إلى أن الأزمة بدأت في عام 2018 بعد اكتمال بناء سد "إليسو" التركي، حيث كانت الإطلاقات المائية من تركيا إلى العراق قبل بناء السد تصل إلى نحو 70 مليار متر مكعب سنويًا، في حين أن هذه الإطلاقات لا تتجاوز حاليًا 40 مليار متر مكعب، مما يزيد من تفاقم الوضع على حوض نهر دجلة، في وقت يشهد فيه نهر الفرات حالة من التدهور الشديد بسبب نقص الإطلاقات.
وتعتبر قلة الإيرادات المائية من دول المنبع أحد العوامل الرئيسية في الأزمة، إذ تراجعت الإطلاقات من أكثر من 600 متر مكعب في الثانية إلى أقل من 300 متر مكعب في الثانية.
كما يساهم التغير المناخي في تفاقم المشكلة، حيث يُعد العراق خامس أكبر دولة متضررة من الجفاف في العالم. إضافة إلى ذلك، فإن سوء إدارة الموارد المائية في البلاد يعمق الأزمة بسبب السياسات غير الفعالة في المجالين المائي والزراعي.
من جهة أخرى، تسببت التوسع الزراعي غير المنظم والتلوث الناجم عن تصريف النفايات الصناعية في الأنهار إلى تقليل صلاحية المياه للاستخدام.
كما ساهمت إيران في تقليص تدفق المياه إلى العراق عبر قطع 42 نهرا ورافدا تساهم بنحو 12% من الإطلاقات المائية.
وقد أدى شح المياه إلى تدهور الوضع الزراعي في البلاد، حيث وصل التصحر إلى نحو 50% من الأراضي الزراعية. كما تراجعت المساحات المزروعة إلى نحو مليوني دونم فقط، مما يعكس حجم الأزمة التي تهدد الأمن الغذائي في العراق.
وتستمر تداعيات الأزمة في التأثير على مختلف جوانب الحياة في العراق، بما في ذلك البيئة والمجتمع، حيث أدت إلى هجرة الفلاحين من الريف إلى المدن بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.
وفيما يتعلق بالزراعة، فإنها تستهلك نحو 85% من المياه، مما يبرز الحاجة الملحة إلى تغيير أساليب الري وزيادة كفاءة استخدام الموارد المائية.
وبينما يواجه العراق تحديات كبيرة في إدارة هذه الأزمة، يبقى الأمل في حلول مستدامة تتطلب تنسيقًا فعالًا بين الحكومة والجهات المعنية والشركاء الدوليين للحد من تأثيرات هذه الأزمة وتحقيق التوازن بين تلبية احتياجات السكان وحماية الموارد المائية للأجيال القادمة.