لجوء الرئيس السوري المخلوع بشار الاسد وعائلته إلى موسكو، بعد فراره من دمشق هربا من سيطرة فصائل الثورة على نظامه بسوريا أخيرا، كان مرتقبا بعدما ترددت معلومات سابقا، انه قد يختار الهرب، اما إلى حليفته ايران او الى حليفته الاخرى روسيا، في حال ضاق الخناق عليه، ولم يستطع الصمود امام زحف الثوار، كما حصل ابان الانتفاضة الشعبية السورية السابقة ضده.
بعد انكشاف امر هروب الاسد إلى موسكو، ترددت معلومات انه نقل معه على الطائرة التي اقلته، كمية كبيرة من الذهب والاموال النقدية، في حين ذكرت معلومات اخرى انه اودع مبالغ مالية طائلة قبلها وعلى مراحل، جمعها من المصرف المركزي السوري بمعظمها، وبعضها نتاج الخوات والاعمال غير المشروعة وعائدات تجارة النفط وحبوب الكابتاغون، التي احتكر معظم مردودها مع شقيقه ماهر طوال السنوات الماضية وفق ما ورد في"اللواء".
وهكذا تحولت زيارة بشار الاسد إلى روسيا بين ليلة وضحاها، من زيارة رئيس جمهورية، تقام له المراسم والاستقبال الرسمي، وتنظم طاولة المحادثات الرسمية مع صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويوقع خلالها اتفاقات الحوافز الروسية في سوريا، وامتيازات اقامة القواعد العسكرية البحرية والجوية، وعقود الاستحواذ على تشغيل واستثمار المرافئ البحرية واستخراج الفوسفات وغيرها، الى زيارة لاجئ لاسباب انسانية، كما صدر عن الروس لدى تأكيد وصوله الى الاراضي الروسية، بعيدا من الاضواء وبسرية تامة، ضمن مساحة محددة، وتدابير امنية خاصة، مقيد الحركة، ويمنع من التنقل، الا باذن خاص من السلطات الروسية، ويحظر عليه العمل السياسي والادلاء بالمواقف وابداء الرأي، وكل امواله المنقولة او المودعة بالمصارف الروسية وممتلكاته الخاصة واستثماراته مع كل افرد عائلته خاضعة للحجز، ويمنع التصرف بها الا بعد حين صدور قرار رسمي فيها، بلا برامج استقبال وحتى زيارة خاصة لصديقه القديم، لانها غير مدرجة على جدول الاستقبالات الرسمي للرئيس بوتين.
في بعض الحالات، يسهِّل بعض القادة والرؤساء منح بعض القادة من حلفائهم اللجوء إلى بلادهم، للاستثمار السياسي والسيطرة الاقتصادية، ولكن في وضعية بشار الاسد، الذي لم يُدلِ ببيان التنحي او تكليف اي مسؤول آخر بصلاحياته لتولي زمام السلطة، لاحداث مزيد من الخراب والفوضى، هناك استحالة بتوظيف واستغلال لجوئه السياسي في روسيا، لاعادته مجددا إلى السلطة بسوريا، بسبب توسع كراهية الشعب السوري ضده، وعدم وجود مكونات بالحد الادنى للمطالبة والضغط لعودته لتسلم السلطة من جديد، بعد ان وصل الامر بمؤيديه السابقين وبمن يفترض ان يقفوا معه، إلى تدمير وحرق ضريح والده حافظ الاسد في مسقط رأسه بالقرداحة.
بعد قيام السلطة السياسية الجديدة وتشكيل الحكومة السورية الموقتة وترسيخ وجودها، موضوع، من المتوقع ان يثار طلب استعادة بشار الاسد إلى سوريا، لمحاكمته بالجرائم التي ارتكبها ونظامه ضد الشعب السوري، واستعادة الاموال والذهب المنهوب لصالح خزينة الدولة، بموجب استنابات قضائية سورية ودولية، كما يطرح مستقبل وجود القواعد العسكرية الروسية في سوريا.
ويبقى خيار الإبقاء على القواعد الروسية في الأراضي السورية، مقابل تسليم الاسد للسلطة السورية الجديدة، كما طلب اعادة الاموال العامة المنهوبه ايضا، من الخيارات المطروحة، ولا يسقط من الحسابات خيار الابقاء على الاسد، اسير لجوئه الانساني مقابل وضع اليد على ثروته في روسيا.
في كل الاحوال، اصبح الاسد أسير لجوئه الروسي، وعبئا على حليفه بوتين، ولا بد من انتظار موسم المقايضات، لمعرفة من تشمل، وهل تنحصر في سوريا ام تشمل الحرب الروسية الاوكرانية، بعد ظهور مؤشرات على دفع المفاوضات بخصوصها الى الامام بعد تسلم الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب لمهمامه في الشهر المقبل؟.