إقتصاد

2025.. عام التحولات الكبرى في الاقتصاد العالمي

2025.. عام التحولات الكبرى في الاقتصاد العالمي

من المتوقع أن يكون عام 2025 محورياً للاقتصاد العالمي، مدفوعاً بالتطورات السياسية، والتقدم التكنولوجي، والابتكارات المتعلقة بالمناخ.

لا تؤثر هذه التطورات في المشهد الاقتصادي فقط، بل تعيد تشكيل طريقة عمل الشركات عبر العالم، بحسب تقرير نشره موقع "إيكونوميك تايمز".

واستعرض التقرير 5 اتجاهات قوية من المتوقع أن تحدد آفاق الاقتصاد العالمي في 2025.

عودة الحروب التجارية

تتزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، مع فرض تعريفات جمركية جديدة وقيود على الصادرات تؤثر في صناعات مثل أشباه الموصلات والزراعة. وفي الوقت الذي تسعى فيه الشركات إلى تنويع سلاسل الإمداد لتقليل الاعتماد على الصين، تبرز دول، مثل: فيتنام، والهند، والمكسيك، كبدائل رئيسة لتلك الصناعات.

إلى جانب ذلك، بدأت السياسات الحمائية تتزايد في بعض الأماكن غير المتوقعة، إذ قد تعتمد الحكومات التي تتبع سياسات اقتصادية تحفظية سياسات لحماية صناعاتها المحلية. وفي المقابل، شهد العالم تطورات إيجابية تتمثل في تسارع الاتفاقيات التجارية الثنائية، ما يسهل العمليات التجارية للصناعات المستهدفة مقارنة بالاتفاقيات متعددة الأطراف المعقدة.

تتوقع مجموعة "غولدمان ساكس" نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.7% في عام 2025. ومع ذلك، قد تؤدي التغيرات المحتملة في السياسة التجارية الأميركية تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 0.2 نقطة مئوية، مع إمكانية ارتفاع هذه النسبة إلى 1 نقطة مئوية بحلول عام 2026 إذا فُرِضَت تعريفات جمركية إضافية.

وأشار التقرير إلى أن هذه الاضطرابات التجارية تدفع الشركات إلى إعادة النظر في أسس العولمة، مما يثير تساؤلات حول إمكانية ظهور اقتصاد عالمي أكثر تجزؤاً.

الصراعات الجيوسياسية وأسواق الطاقة

تستمر التوترات الجيوسياسية في تعطيل الأسواق العالمية، فقد أجبرت الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا أوروبا على إعادة تقييم اعتمادها على الغاز الروسي، مع توقع أن يؤدي تحول القارة إلى الطاقة المتجددة إلى تقليص واردات الغاز الروسي بنسبة 50% بحلول 2025.

مع ذلك، فإن التحول إلى المصادر المتجددة مكلف، إذ تستثمر الدول الأوروبية مليارات الدولارات في مشاريع الرياح والطاقة الشمسية، وهو ما يُتَحَمَّل من قبل المستهلكين.

وفي الوقت نفسه، تواصل الصراعات في الشرق الأوسط التسبب بتقلبات في أسعار النفط. ورغم هذه التحديات، أفادت الوكالة الدولية للطاقة بزيادة بنسبة 15% في الاستثمارات في الطاقة المتجددة منذ العام 2022، مع تقدم الهيدروجين الأخضر وتقنيات البطاريات المتقدمة في المقدمة.

ولا تساهم هذه الابتكارات في تقليل الانبعاثات الكربونية فقط، ولكنها تعيد تشكيل أسواق الطاقة العالمية بشكل أساس.

التحول الاقتصادي في الصين

تواجه الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تحديات كبيرة في عام 2025، إذ يهدد النقص السكاني وارتفاع تكاليف العمل هيمنتها على قطاع التصنيع.

مع ذلك، قد يساعد التحول نحو التقنيات الخضراء على تعويض هذه التحديات الاقتصادية. ووفقاً للتقرير، تتصدر الصين بالفعل إنتاج الألواح الشمسية، إذ تمثل 40% من القدرة الإنتاجية العالمية، كما أن استثماراتها المتزايدة في تقنيات تخزين البطاريات تضع معايير جديدة على المستوى العالمي.

لكن رغم هذه التقدمات، تبقى التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة مصدر قلق. وبحسب "غولدمان ساكس"، قد تؤدي التعريفات الجديدة إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 0.7 نقطة مئوية في عام 2025، رغم أن التدابير التحفيزية والتعديلات في العملة قد تساعد على التخفيف من هذه الآثار.

وأشار التقرير إلى أن المجتمع الدولي يراقب من كثب قدرة الصين على التكيف مع هذه التغيرات، إذ سيكون لمسارها الاقتصادي تأثير كبير في الاقتصاد العالمي.

صعود الذكاء الاصطناعي

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مصطلح رائج، بل أصبح قوة محورية في التحول الاقتصادي. وتوقع التقرير أن يسهم الذكاء الاصطناعي بنسبة 1.2 نقطة مئوية إضافية في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنوياً بحلول عام 2025، إذ من الرعاية الصحية إلى اللوجستيات، تستفيد الصناعات بشكل متزايد من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة.

على سبيل المثال، تساهم أدوات التشخيص المدفوعة بالذكاء الاصطناعي في تقليص وقت الكشف عن السرطان إلى النصف في المستشفيات الرائدة.

مع ذلك، يثير صعود الذكاء الاصطناعي مخاوف بشأن استبدال العمالة، خاصة في الصناعات التي تعتمد على العمل اليدوي مثل التصنيع. ويتوقع المحللون أنه بحلول عام 2025، قد تتم أتمتة أكثر من 30% من الوظائف المتكررة. وبينما يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز النمو، فإنه يثير أيضاً تساؤلات حاسمة بشأن الأخلاقيات والمساواة وفرص التوظيف، إذ يتسع الفارق بين الدول الرائدة في تبني الذكاء الاصطناعي وتلك التي تتأخر.

التأثير الاقتصادي لتغير المناخ

لم يعد تغير المناخ مجرد قضية بيئية؛ بل أصبحت له تداعيات اقتصادية كبيرة. وتحذر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) من أن تدهور التنوع البيولوجي قد يكلف الاقتصاد العالمي 25 تريليون دولار سنوياً.

مع ذلك، هناك بارقة أمل، فمن المتوقع أن تنمو الاستثمارات في السندات الخضراء والطاقة المتجددة بنسبة 25% في عام 2025، مما يفتح فرصاً تجارية جديدة بقيمة مئات المليارات من الدولارات.

ووفقاً للتقرير، تقود دول مثل الهند والبرازيل الطريق في تحويل تحديات المناخ إلى مزايا اقتصادية، في حين تواجه القطاعات التقليدية مثل الزراعة والغابات صعوبات؛ بسبب الأحداث المناخية المتطرفة التي تقلل غلات المحاصيل، وترفع أسعار الغذاء، مما يزيد الضغوط التضخمية.

كما أن شركات التأمين تحت ضغط، مع ارتفاع الأقساط على التأمين ضد الفيضانات وحرائق الغابات. أشار التقرير إلى أن هذه الاتجاهات المتطورة لن تؤثر في الاقتصاد العالمي فقط، بل ستعيد أيضاً تشكيل أساليب التعاون والمنافسة بين الدول، إذ إن الطريقة التي ستتعامل بها الدول مع هذه القضايا ستكون حاسمة في تحديد أداء الاقتصاد العالمي في عام 2025.

يقرأون الآن