منذ اليوم الأول لسقوط النظام السوري السابق، بدأت بعض الأطراف المتورطة في الدم السوري بتحريك "ورقة الأقليات"، من باب خلق مظلوميات لتحويل مسار عقابها إلى قضية رأي عام تبعد عنها استحقاق المساءلة والعقاب، بزعم الخشية من مصير الطوائف، فكان الرد واضحاً من "إدارة العمليات العسكرية" التي طمأنت جميع القوى والأطياف في سوريا، لكن هذا لم يعجب فلول النظام من ضباط وقادة الميليشيات الفارة في مناطق ريف حمص والساحل السوري تحيداً، إذ واصلت خلق المبررات والحجج للدفع باتجاه الفوضى، بدأت تظهر نتائج هذه التحركات بشكل جلي.
وتعمل تلك الأطراف على توجيه شخصيات إعلامية من أزلام النظام السابق منهم "حيدر رزوق، وحيد يزبك، ورئيف سلامة"، لتحريك الشارع المحسوب على النظام سابقاً باسم الخوف على الأقليات، مستثمرة بعض الحوادث العارضة للتجييش وبناء رأي عام معارض، بالتوازي مع تحريك الشارع للخروج بتظاهرات ترفع الصيلب تارة والرايات الخضراء تارة أخرى.
بدأت هذه التحركات بداية تجاه الطائفة المسيحية، واستثمرت حادثة التعدي على شجرة عيد الميلاد في السقيلبية، فخرجت المظاهرات التي ترفع "الصليب" في مشهد هو الأول من نوعه في سوريا، تلاها استثمار فيديو حرق مقام للطائفة العلوية في بدايات تحرير حلب إبان المعارك، وتم تداوله مع تجييش وتحريض للتظاهر ورفع الرايات الخضراء والشعارات الطائفية.
ورغم أن تلك الحوادث لاقت استنكاراً واسعاً في أوساط أبناء الشعب السوري عامة والحراك الثوري خاصة، لما لهذه التصرفات الغير منضبطة من آثار سلبية على بنية المجتمع السوري، في مرحلة صعبة تمر بها سوريا بعد إسقاط نظام الأسد والعمل على إعادة بناء الدولة بمشاركة كل القوى والأطراف، دون الخوض في حروب انتقامية أو طائفية ستجر المنطقة عامة للخراب، إلا أن البعض من أزلام النظام يحاول مواصلة الخوض لخلق الفوضى وإحداث حالة من الصراع في بعض المناطق السورية.
وكان لفت "المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية، إلى انتشار فيديو على بعض مواقع التواصل الاجتماعي تظهر حادثة اقتحام واعتداء على مقام الشيخ أبي عبد الله الخصيبي أحد المزارات الدينية لإحدى الطوائف في محافظة حلب، وتم الترويج لهذه المقاطع على أنها حدثت مؤخرًا.
وأكد المكتب أن الفيديو المنتشر هو فيديو قديم يعود لفترة تحرير مدينة حلب أقدمت عليه مجموعات مجهولة، وإن أجهزتنا تعمل ليل نهار على حفظ الأملاك والمواقع الدينية، الهدف من إعادة نشر هكذا مقاطع هو إثارة الفتنة بين أبناء الشعب السوري في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها سوريا.
ولفت إلى أن بعض الفلول التي تتبع للنظام البائد في الساحل السوري حاولت استغلال الشائعات وقامت باستهداف قوات وزارة الداخلية مما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى، محذرة من نشر الشائعات التي تسعى لزعزعة الاستقرار والعبث بالسلم الأهلي لن نتوانى عن ملاحقة كل من يسعى للعبث بأمن أهلنا وممتلكاتهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل.
في السياق، أكد وزير الإعلام السوري" محمد العمر"، أن هناك أيادي خفية تسعى لإثارة الفتن الداخلية، لافتاً إلى ان الفيديو المتداول عن حرق مزار ديني في حلب قديم ولم تُسجل حوادث مشابهة منذ سقوط النظام.
وأكد في حديث لـ "تلفزيون سوريا" أن الحكومة تؤكد التزامها التام بحماية كل المواقع الدينية والتاريخية، وصونها من أي اعتداء باعتبارها إرثاً وطنياً وإنسانياً يجمع أبناء سوريا بمختلف أطيافه.
ولفت إلى أن عهد التجاذبات الطائفية التي غذاها نظام الأسد انتهى، مؤكداً أن حفظ السلم الأهلي أولوية للحكومة الجديدة، ولافتاً إلى أن سوريا عاشت لمئات السنين بتنوع طوائفها وأعراقها وهي اليوم أكثر قوة واستعداداً لترسيخ السلام والمحبة.
وأضاف الوزير أنه سيتم التعامل بحزم لضمان استقرار البلاد، محذراً من حالات الثأر الفردي ومطالباً أصحاب الحق ممن تعرضوا لظلم النظام السابق أن يلجأوا إلى القضاء لأخذ حقهم بالطريقة الشرعية.