الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تؤكد من دون أدنى شك الى أن محور ما يسمى بالمقاومة الذي أنشأته ايران بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بدأ هذا المسار من القضاء على حركة "حماس" وقادتها وتجتياح غزة الى القضاء "حزب الله" اللبناني وقادته وصولا الى تطهير سوريا بالكامل من نظام الأسد الداعم لهذا المحور وكل الميليشيات الموالية لإيران.
اليوم لم يتبقى فعليا الا الحوثيين لأن العراقيين اتخذوا قرارهم الصائب بعدم زج بلدهم في صراع خاسر، بل وأكثر من ذلك فان العراق تتجه نحو توحيد السلاح تحت أمرة الدولة عبر حل كل الميليشيات.
مصادر سياسية عراقية كشفت أن واشنطن طلبت بإلحاح من الحكومة العراقية حل وحدات الحشد الشعبي العراقي، وقال قيادي بالإطار التنسيقي الشيعي، "بعد سقوط بشار الأسد بأيام قليلة زار بلينكن بغداد في زيارة غير معلنة حاملا طلباً واحداً فقط، وهو حل الحشد الشعبي، التصدي لنفوذ إيران في العراق".
وقال القيادي بالإطار التنسيقي، "أبلغ بلينكن السوداني بأن إسرائيل عازمة بقوة على توجيه ضربات للحشد الشعبي العراقي، وأن واشنطن راغبة في حل الحشد الشعبي لعدم جر العراق إلى مركز الصراع الحالي".
وقال قيادي في كتائب النجباء، وهي فصيل في الحشد الشعبي، مفضلا عدم ذكر اسمه، "لن يستطيع أحد لا داخل ولا خارج العراق حل الحشد الشعبي، لن يتم حل الحشد الشعبي إلا بدماء العراقيين، وهذا كلامنا الأخير في هذا الموضوع".
وفي نفس السياق، يقول مسؤول حكومي مقرب من رئيس الوزراء العراقي، "الأميركيون مصممون على هذه المسألة، وطلبوها بإلحاح من السوداني، وقالوا له أن يبلغ الفصائل المسلحة بأنه سيتم حل الحشد الشعبي سواء بإرادتهم أو بالقوة". ولم يذكر المصدر أي تفاصيل عن ماذا يعني استخدام القوة ضد قوات الحشد الشعبي العراقي من قبل واشنطن.
ولكنه أضاف قائلا "الأميركيون أبلغونا أن نتنياهو عازم على "تأديب" الفصائل العراقية التي استهدفت إسرائيل، قبل أن يتولى ترامب السلطة أو بعد ذلك، وواشنطن لا تريد أن ترى العراق مركزاً للصراع جديد بالعكس تريد بغداد قوية ومتماسكة من أجل عدم استغلال طهران للفوضى في العراق كما حدث في السابق".
وأضاف المسؤول الحكومي "السوداني وقع في حيرة كبيرة، وأزمة هائلة، فلا هو ولا أي رئيس وزراء آخر يستطيع تحمل تبعات ما سيحدث إذا قامت الحكومة بحل وحدات الحشد الشعبي بالقوة".
وجدير بالملاحظة أن قادة الإطار التنسيقي الشيعي لن يصدروا أي بيانات فيما يخص مسألة حل قوات الحشد الشعبي خاصة بعد انتشار الأخبار عن هذا الأمر، ولكن مصادر سياسية شيعية قالت "في اجتماع لقادة الإطار التنسيقي تمت مناقشة هذا الأمر، وهناك العديد منهم وافق بشكل غير علني على حل الحشد الشعبي".
وعلق كاظم الفرطوسي المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء وهي فصيل مسلح شيعي مدعوم من إيران، قائلا "أن فصائل المقاومة العراقية لن تتخلى عن سلاحها، مهما كلفنا الأمر، هذه مسألة منتهية ولا يجب نقاشها بأي حال من الأحوال".
ويرى عدد من السياسيين العراقيين الشيعة أن السوداني وقع بين خيارين أحلاهما مر، وعلى حد تعبيرهم لن تتحمل أي حكومة عراقية تحمل تداعيات الدخول في صراع مع قوات الحشد الشعبي.
ومن الملاحظ اختفاء عدد من قادة الفصائل المسلحة الشيعية العراقية، على سبيل المثال لم يظهر قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق، منذ أسبوعين تقريباً، كما اختفى أبو علاء الولائي القيادي البارز في كتائب سيد الشهداء.
الضغط على السيستاني
بما أن المرجع الشيعي السيد علي السيستاني أعلى مرجعية شيعية في العراق، هو من أصدر فتوى بتأسيس الحشد الشعبي في عام 2014، اتجهت الجهود إليه في محاولة لإقناعه بالتدخل لحل الحشد الشعبي. فقد قام محمد الحسان مبعوث الأمم المتحدة في العراق بزيارة السيستاني مرتين، في تشرين الثاني/ نوفمبر والمرة الأخرى في 12 كانون الأول/ ديسمبر بعد سقوط الأسد.
وتقول المصادر العراقية، أن الحسان يحاول إقناع السيستاني بالتدخل لحل الحشد الشعبي، خاصة بعد أن صرح السيستاني في نوفمبر بضرورة حصر السلاح بيد الدولة.
ويقول مصدر مقرب من مكتب السيستاني، "المحاولات تهدف إلى إقناع السيستاني بإصدار فتوى مثل التي أصدرها في عام 2014، تدعو إلى حل الحشد الشعبي، وترك مقاتلي الفصائل المسلحة سلاحهم وتسليمه إلى القوات الحكومية". وبحسب المصدر فإن السيستاني لم يبدِ أي رد على هذه الاقتراحات حتى الآن.
يبقى أن الجميع يترقب موقف الحكومة الأميركية الجديدة بعد تنصيب دونالد ترامب رسميا كرئيس للولايات المتحدة، وكيف ستضغط على العراق لحل الحشد الشعبي، من بوابة المساعدات الأميركية العسكرية والاقتصادية أيضا.