عادت السعودية لتنشط بقوة فوق الساحة اللبنانية. من الامم المتحدة، استهلّت المملكة، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية"، مساعيها لمحاولة انقاذ لبنان والتأسيس لإصلاح ذات البين بينها وبيروت، مقترحة على الاخيرة ما يشبه "الديل" لاسترجاع "أيام العز" بين الجانبين.
فقد صدر بيان سعودي - اميركي - فرنسي مشترك شدد على ضرورة اتمام الاستحقاقات الدستورية وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية في مواعيدها ومن دون اي تأخير، مطالبا باصلاحات حقيقية في الاقتصادي اللبناني وبتطبيق القرارات الدولية، ومتمسّكا بالطائف كنظام يجب احترامه وتنفيذه.
بعد هذا البيان، كان موقف لافت لوزير خارجية المملكة من نيويورك ايضا، تطرّق فيه الى الملف اللبناني، باقتضاب نعم، لكن بصراحة، على قاعدة "ما قلّ ودل". فقد أكد فيصل بن فرحان دعم المملكة لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، مشددا على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على أراضي لبنان وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة لخروج لبنان من أزمته الاقتصادية والسياسية. ودعا، أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، الى ألا يكون لبنان نقطة انطلاق لتهريب المخدرات والجرائم الاخرى التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.
ما بين هذين الموقفين، كانت المملكة ترعى، وإن في صورة غير مباشرة، لقاء سنيا نيابيا موسّعا في دار الفتوى، بدعوة من مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، عقد السبت الفائت، وخرج بمواقف للاخير وببيان للمجتمعين، لم يكن بعيدا البتة من اللغة المُعتمدة في البيان الثلاثي ولا من مطالبه، خاصة لناحية اتفاق الطائف وتشكيل حكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية.
بالتزامن، بدأ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، جولة على القوى السياسية السيادية شملت الاسبوع الماضي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في وقت غرّد مرارا عن "الطائف"، كاتبا "إتفاق الطائف هو المؤتمنُ على الوِحدةِ الوطنيّةِ وعلى السِّلمِ الأهلي في لبنان".
بحسب المصادر، فإن الحركة السعودية ستستمر حتى موعد الانتخابات الرئاسية، وهدفُها ليس طبعا التدخل في الاستحقاق او فرض اسم او مرشّح معيّن على أحد. بل ان الرياض تريد مما هي في صدده، إعلامَ اللبنانيين ومسؤوليهم بأن اعادة ربط لبنان بمحيطه العربي، واعادة مدّ الجسور وبنائها بين بيروت والعرب عموما والسعودية والدول الخليجية خصوصا، بما تؤمّنه من إنعاش للدعم الخليجي للبنان المنهار، سواء كان دعما ماليا او اقتصاديا او سياحيا و"استثماريا"، هذا المسار التطبيعي الأخوي كلّه، يبدأ مشوارُه بخطوة انتخاب رئيسٍ يلاقي التطلعات السعودية والتي اختصرها بن فرحان بعبارة "اصلاحات سيادية واقتصادية" ويكون قادرا على التواصل مع المجتمع الدولي كما جاء في البيان الثلاثي، وينفّذ الطائف ويحميه كما جاء فيه ايضا..
المملكة تريد اذا العودة الى لبنان واحتضانه ليتخطى المرحلة الصعبة التي يعيش ويتجاوز أزماته، وهي تمد له اليد من خلال خريطة الطريق التي تعرضها عليه. فهل يتقبّلها ويُحسن الخيار رئاسيا، خاصة ان ما تطرحه يصب في مصلحة قيام دولة فعلية فيه؟ اذا لم يفعل فإن الرياض لن تصعّد او تعاقبه ابدا، الا انها ببساطة ستواصل سياسة الانكفاء عنه والاكتفاء بدعمها "الانساني" له، تختم المصادر.
لارا يزبك - المركزية