رفعت الحكومة اللبنانية السعر الرسمي لصرف الدولار 10 أضعاف، للمرّة الأولى منذ 25 عاماً، بعد ثلاث سنوات من أزمة مالية ومعيشية واقتصادية أدّت إلى تدهور قيمة العملة 25 ضعفاً، وذلك في أوّل قرار رسمي باتجاه توحيد سعر الصرف المطلوب من «صندوق النقد الدولي» واعتراف مالي بالأزمة، على قاعدة أنّ السعر الرسمي المعمول به منذ ثلاث سنوات (1500 ليرة للدولار)، هو أشبه بسعر وهمي.
وأعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، يوسف خليل، أمس، أنّ «مصرف لبنان المركزي» اعتمد سعر صرف قدره 15 ألف ليرة مقابل الدولار، بدلاً من 1507، واصفاً ذلك بأنه خطوة نحو «توحيد سعر الصرف تدريجياً» في البلاد. وقال خليل، في تصريح لوكالة «رويترز»، إنه سيبدأ تطبيق هذا القرار من نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتطبق السلطات اللبنانية سعر صرف رسمياً قدره 1507 ليرات مقابل الدولار منذ 1997. وتراجعت قيمة العملة المحلية 25 ضعفاً تقريباً، منذ اندلاع الأزمة في تشرين الأوّل 2019، حيث يجري تداولها حالياً في السوق الموازية، بنحو 38 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وقالت مصادر مالية إن هذا القرار «يخاطب المؤسسات الدولية، وفي مقدمها (صندوق النقد الدولي) الذي يصر على توحيد الصرف الرسمي»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ القرار «هو تمهيد لتوحيد سعر الصرف»، الذي يتم تداوله الآن بستة أسعار، هي السعر الرسمي المثبت منذ 1997، البالغ 1507 ليرات للدولار الواحد، و8000 ليرة، وهو الدولار المصرفي الذي يتمّ على أساسه سحب الودائع المصرفية بالدولار الأميركي، و12 ألف ليرة، وهو سعر الدولار في الحصة المالية المسحوبة بالليرة المحلية من ودائع الدولار، بموجب التعميم «161» الصادر عن «مصرف لبنان»، و15 ألف ليرة، وهو سعر الدولار الجمركي الذي أقره مجلس النواب يوم الاثنين الماضي، و30 ألف ليرة وهو سعر منصة «صيرفة» العائدة لـ«مصرف لبنان المركزي»، وسعر صرف السوق الموازية الذي يناهز الـ38 ألف ليرة.
وبينما تنتظر المصارف والمؤسسات المالية المحلية التعاميم التنظيمية لهذا القرار التي تصدر عن «مصرف لبنان»، يُلغى ما بات يُعرف باسم «الدولار الجمركي»، ليصبح السعر الرسمي لصرف الدولار. ويُتوقع أن يلغي القرار ثلاثة أسعار للصرف معتمَدة في السوق، عبر تعاميم وتدابير «مصرف لبنان»، ليصبح سعر الصرف المرجعية للسحوبات النقدية من الودائع بالدولار، ولدفع الرسوم الجمركية، ولتسديد القروض بالدولار.
ووصفت مصادر مصرفية هذا القرار بأنه «خطوة متقدمة للخروج من سياسة إنكار الأزمة»، منذ ثلاث سنوات، ويمثل «اعترافاً رسمياً بأن السعر السابق لم يكن سعراً واقعياً، بعد ثلاث سنوات من الأزمة»، حسبما قالت لـ«الشرق الأوسط»، معتبرة أن القرار «إيجابي لناحية توحيد سعر الصرف»، وهو أحد الشروط التي وضعها «صندوق النقد الدولي» للبنان، لتأمين حزمة المساعدات التي تشتد الحاجة إليها. وقال «صندوق النقد»، الأسبوع الماضي، إن تقدم لبنان في تنفيذ الإصلاحات ما زال بطيئاً للغاية.
وأقر البرلمان اللبناني، مطلع الأسبوع الحالي، موازنة المالية العامة لعام 2022، متوقعاً رفع إيرادات الدولة من الرسوم والعائدات الجمركية عشرة أضعاف، بعد اعتماد الدولار الجمركي على سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار الواحد، وفي المقابل، رفع رواتب العاملين في القطاع العام ثلاثة أضعاف، في محاولة لتمكين الموظفين من تخطي الأزمة المعيشية بعد تدهور قيمة رواتبهم.
واعتمد «مصرف لبنان» سعر 1507 ليرات للدولار، كسعر مرجعي شبه ثابت من دون صيغة رسمية، ساهم في خلق توازن مالي في السوق، على مدى 22 عاماً، منذ 1997 وحتى 2019. ولطالما دافع «مصرف لبنان المركزي» عن هذا السعر الذي قرره، وبقي ثابتاً على مدى سنوات.
نذير رضا - الشرق الأوسط